حقوق الإنسان.. كسلاح فى يد الغرب - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 9:24 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حقوق الإنسان.. كسلاح فى يد الغرب

نشر فى : الإثنين 26 يوليه 2021 - 9:05 م | آخر تحديث : الإثنين 26 يوليه 2021 - 9:05 م
الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية سوف تستمر فى ابتزاز مصر والعديد من الدول العربية وغيرها بموضوع حقوق الإنسان. وسؤالى: لماذا نستمر فى إعطائهم هذه الورقة، لماذا لا ننزعها منهم، أو على الأقل نقلل من فاعليتها كسلاح فى أيديهم؟!
أطرح هذا السؤال بمناسبة البيانات التى تصدرها الخارجية الأمريكية، أو بعض لجان الكونجرس الأمريكى بين الحين والآخر، وكذلك البيانات الصادرة عن الاتحاد أو البرلمان الأوروبى، أو بعض الدول الأوروبية بصورة منفردة.
من يتابع هذا الملف فسوف يكتشف أنه يندر أن يمر أسبوع من دون بيان يصدر من هذه الجهات، أو افتتاحية أو مقال رأى فى صحيفة أمريكية أو أوروبية كبرى. هم يصورون مصر والمنطقة العربية وكأنها سجن كبير، غالبية سكان مصر موجودون بداخله، وكأنه لا يوجد هم للحكومة المصرية وسائر أجهزتها ومؤسساتها سوى قمع المصريين؟!
سؤالى المباشر وحتى لا يتهمنى أحد بأننى أدافع عن انتهاك حقوق الإنسان: هل الأحوال عندنا سمن على عسل وحقوق الإنسان لدينا على «سنجة عشرة»؟!.
الإجابة هى لا كبيرة، وملف حقوق الإنسان والحريات فى مصر «بعافية شوية وربما شويتين» وليست فى أفضل أحوالها!
لكن هذا ليس موضوع نقاشى اليوم وأتمنى أن أعود إليه لاحقا. والسؤال الأكثر مباشرة هو: هل الانتقادات الأوروبية كلها سليمة ومبرأة ولوجه الله تعالى ولوجه حقوق الإنسان؟!
الإجابة هى قطعا لا. وأى إنسان عاقل يتابع هذا الملف منذ عقود بين الغرب وبين مصر، أو أى دولة خارج الغرب، سوف يكتشف بسهولة أن موضوع حقوق الإنسان سلاح يستخدمه هذا الغرب ضد أى دولة أو نظام يختلف معهم، ولا يسير على هواهم، والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى.
هناك دول يتم استهدافها بهذا السلاح مثل روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا وسوريا لأنها مختلفة تماما عن الغرب. هل يعنى كلامى أن حقوق الإنسان فى هذه البلدان فى أفضل أحوالها؟.
الإجابة مرة أخرى هى لا. ولكن التشهير بهم يحدث ليس لأنهم ينتهكون حقوق الإنسان فقط، بل لأنهم فى صراع مع الولايات المتحدة أو بعض الدول الأوروبية الكبرى، أو لا يفضلون العيش طبقا لنمط الحياة الغربى.
لكن الفارق أن الصين أو روسيا لديهما قوة اقتصادية وعسكرية وتستطيع أن تدخل فى صراع مع الولايات المتحدة وأوروبا، فى حين أن العديد من دول العالم الثالث لا يمكنها ذلك؟! وبالتالى فإن هذه الدول تسأل نفسها سؤالا جوهريا، هو: هل نحن فى حاجة إلى أمريكا والغرب، وبالتالى، فمن المهم أن نستمع إلى ملاحظاتهم ونتحمل انتقاداتهم بشأن حقوق الإنسان، أم علينا أن نقول لهم بأوضح العبارات: «نحن لا نحتاج إليكم واخبطوا دماغكم فى أقرب حائط أو اشربوا من البحر»!
واقع الحال أن غالبية بلدان العالم الثالث ومن بينها البلدان العربية ولأسباب يطول شرحها عجزت عن أن تكون لديها القدرة على الاستقلال السياسى والاقتصادى والتكنولوجى فى مواجهة الغرب، وبالتالى فهى مضطرة لتحمل الرذالات الغربية بشأن حقوق الإنسان.
الدليل على صحة كلامى أن الغرب تهمه مصالحه فقط، وهو أمر ليس عيبا، لكن العيب أنه حينما تتناقض مصالحه مع المبادئ التى يرفعها، فإن المصالح تنتصر على المبادئ دائما، وخير مثال على ذلك لمن يتشكك فى صحة كلامى، أن يراجع حقيقة العلاقات الأمريكية الوثيقة مع العديد من الأنظمة الديكتاتورية والمستبدة والفاشية والعنصرية منذ عقود. انظروا لعلاقات أمريكا مع بينوشيه فى شيلى والشاه فى إيران وسائر حكام أمريكا اللاتينية فى فترة جمهوريات الموز، وكذلك العلاقات الأمريكية مع العديد من بلدان الشرق الأوسط. وقبل ذلك وبعده علاقات أمريكا مع النظام الصهيونى فى إسرائيل ومن قبله النظام العنصرى فى جنوب أفريقيا.
غالبية بلدان المنطقة العربية ربطت نفسها بالنظام الغربى، وبالتالى فهى لا تستطيع أن تقول لا واضحة لأمريكا وأوروبا فى موضوع حقوق الإنسان، لأسباب عديدة أولها أنها لا تطبق حقوق الإنسان بالمفهوم الغربى وثانيها لأنها محتاجة للغرب فى العديد من المجالات.
أعود إلى السؤال الذى بدأت به وهو كيف يمكن لمصر وغالبية البلدان العربية أن تنزع سلاح حقوق الإنسان من أيدى الغرب، حتى لا يستمر فى استعماله لابتزاز بلداننا، ولماذا لا نتخذ نحن خطوات عملية توقف هذا الابتزاز، وهل الأفضل أن يكون لدينا استراتيجية حقيقية لحقوق الإنسان، لأن شعوبنا تستحق ذلك، أم فقط من أجل إرضاء أمريكا والغرب؟!
سؤال مهم يحتاج نقاشا لاحقا إن شاء الله.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي