إسرائيل الأكثر قتلًا للصحفيين وللحقيقة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 7:23 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما تقييمك لمجموعة المنتخب المصري في كأس العالم برفقة بلجيكا وإيران ونيوزيلندا؟

إسرائيل الأكثر قتلًا للصحفيين وللحقيقة

نشر فى : الإثنين 22 ديسمبر 2025 - 6:35 م | آخر تحديث : الإثنين 22 ديسمبر 2025 - 6:35 م

كل يوم تنكشف طبيعة إسرائيل العدوانية العنصرية الإجرامية.

 


آخر فضيحة لإسرائيل ما أصدرته منظمة «مراسلون بلا حدود» قبل أسبوعين بأن إسرائيل صارت أسوأ، وأخطر عدو للصحفيين، وواصلت للعام الثالث على التوالى تصدر قائمة الدول الأكثر قتلًا للصحفيين.
تقرير المنظمة يقول بوضوح إن العام الحالى شهد مقتل ٦٧ صحفيًا منهم ٢٩ صحفيًا قتلتهم إسرائيل بنسبة ٤٣٪ من إجمالى الضحايا الذين لقوا حتفهم فى العام خلال عام ٢٠٢٥، إضافة إلى وجود ٢٠ صحفيًا فلسطينيًا داخل السجون الإسرائيلية.
تصدر إسرائيل لهذه القائمة، ليس أمرًا مفاجئًا، فهى قتلت ٢٢٠ صحفيًا منذ بدء حرب الإبادة الجماعية، التى شنتها على قطاع غزة منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ ولم تتوقف عمليًا رغم اتفاق السلام فى شرم الشيخ الموقع فى ١٠ أكتوبر الماضى.
المنظمة تقول إنه بينما يفترض أن تتم حماية الصحفيين أثناء تأدية عملهم، فإن الجيش الإسرائيلى متهم باستهداف الصحفيين عمدًا، وهناك شكاوى لجرائم حرب فى هذا السياق.
بالطبع فإن بجاحة الحكومة الإسرائيلية بلا حدود، وهى تستمر فى إنكار ذلك، ونعرف أن «مراسلون بلا حدود» مضطرة إلى استخدام لغة دبلوماسية، لا تدين الاحتلال الإسرائيلى مباشرة وبصورة سافرة. والإجرام الإسرائيلى ضد الصحفيين لم يبدأ مع 7 أكتوبر فقط، ولدينا أدلة كثيرة حديثة على ذلك منها الاغتيال المتعمد للإعلامية الفلسطينية فى قناة الجزيرة القطرية شيرين أبوعاقلة فى ١١ مايو ٢٠٢٢ أثناء تغطيتها لاقتحام إسرائيل لمخيم جنين، واعترف الجيش الإسرائيلى فعليًا بقتلها. وآخرها قتلها للصحفى الفلسطينى أنس الشريف مراسل الجزيرة عمدًا داخل خيمة للصحفيين أمام مستشفى الشفاء بغزة فى ١٠ أغسطس الماضى، ومن بلطجتها اعتبرته مقاتلًا مع المقاومة وليس صحفيًا، وهى الحجة التى تلجأ إليها كثيرًا لتبرير جرائمها.
صار كثيرون يعرفون أن إسرائيل تستهدف الصحفيين دائمًا لإسكات ومنع الحقيقة وإخفاء مدى إجرامها وعنصريتها، لكن للأسف فإن كثيرين أيضًا فى العالم لا يعرفون حقيقة إجرامها، ويعتقدون حتى الآن أنها «واحة الديمقراطية فى صحراء الاستبداد العربى!».
ظلت إسرائيل تروج لهذه «الكذبة الكبرى» لعقود طويلة، بسبب نفوذها ولوبياتها فى أمريكا وأوروبا، وبسبب تقاعسنا كعرب ومسلمين عن فضحها وتعريتها، وكذلك افتقادنا إلى الحريات عمومًا.
العدوان الأخير على غزة، أعاد توضيح وجه إسرائيل العارى كما هو من دون أى مساحيق تجميل، وبدأ كثيرون فى الغرب يدركون أن جوهر الفكر الصهيونى يحتقر الجميع وليس العرب والمسلمين فقط، ولا يراهم إلا عبيدًا أو «أغيارًا» لا يستحقون الحياة من الأساس، وهذا هو المنطق الذى يفسر لنا سر الوحشية والهمجية الإسرائيلية التى تجعلهم يتلذذون بقتل الأطفال والنساء والمساجين العزل والبشر والحجر والحيوانات من دون أن يرمش لهم جفن.
نعم هناك قلة من الإسرائيليين تعارض هذه الوحشية، لكنها تظل قلة وسط غالبية تنكر على الفلسطينيين حقهم فى الحياة والعيش بكرامة فى بلدهم وأرضهم.
أعود إلى كراهية إسرائيل للإعلام والصحافة، وأقول إنهم نجحوا لفترة طويلة فى الترويج لمقولة إنهم يتمتعون بحرية صحافة وتعبير غير مسبوقة.
ونظريًا قد يبدو ذلك صحيحًا لمن ينظر للأمر من السطح دون التعمق فى الجوهر. نعم هناك صحف تنتقد الحكومة ليل نهار مثل «هاآرتس».
ودائمًا هناك صراعات مكشوفة بين كل من رئيس الوزراء وبعض الوزراء وبين رئيس الوزراء وكل من وزير الدفاع ورئيس الأركان ورؤساء الأجهزة الأمنية، وهناك مظاهرات واحتجاجات لا تتوقف على كل شىء من أول قانون الإصلاحات القضائية نهاية بقانون تجنيد المتدينيين «الحريديم».
لكن رغم كل ذلك فإن جوهر النظام السياسى الإسرائيلى لم يتغير. نعم هناك انقسامات كثيرة لكن نتنياهو موجود فى منصبه منذ عام ١٩٩٦ إلا قليلًا، والمجتمع يتجه بصورة حادة إلى اليمين المتطرف، والاتفاق الوحيد بين كل الفرقاء هو كراهية العرب واحتقارهم والدعوة إما إلى استعبادهم أو ترحيلهم أو قتلهم.
النجاح الحقيقى الإسرائيلى أنهم ظلوا طويلًا يقنعون العالم بأنهم يتمتعون بحريات الصحافة والتعبير والديمقراطية، ووظفوا هذه الكذبة الكبرى للحصول على مكاسب ومنافع متعددة منذ زرع كيانهم فى منطقتنا عام ١٩٤٨.
هل كلامى مقصود به أننا كعرب أفضل منهم فى الصحافة والإعلام؟!
الإجابة هى لا قاطعة، نحن أسوأ منهم آلاف المرات، لكنهم اخترعوا طريقة وآلية ونظام سياسى لتداول شكلى للسلطة، مع بقاء جوهر النظام العنصرى الاستعمارى الإجرامى كما هو، وبالتالى فنحن العرب لم نستطع حتى إن نقلدهم فى «المظاهر الديمقراطية!".

عماد الدين حسين  كاتب صحفي