القرضاوى والإخوان.. قراءة فى جدلية الشيخ والحركة (5) - حسام تمام - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 5:57 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

القرضاوى والإخوان.. قراءة فى جدلية الشيخ والحركة (5)

نشر فى : الجمعة 26 أغسطس 2011 - 8:59 ص | آخر تحديث : الجمعة 26 أغسطس 2011 - 8:59 ص

 لقد اتسعت خريطة اهتمامات القرضاوى وأعماله بصورة يندر أن تتكرر لدى أبناء جيله فضلا عن خلفه من شيوخ الأزهر وعلمائه حتى ممن التحقوا بالحركة الإسلامية، وكانت المفارقة أنها ــ عند التدقيق ــ تتشابه وخريطة اهتمامات حركة الإخوان ونشاطاتها حتى تكاد تتطابق معها.

لقد اشتغل القرضاوى فى قضايا الدعوة والتربية، وقضايا الفقه والتفسير، وقضايا الاقتصاد والتنمية، وقضايا الثقافة والفكر، وفى العمل الخيرى والإغاثى، وفى قضايا السياسة.. وكان فى كل حركته يتقاطع فكرا ومنهجا مع حركة الإخوان إن لم يتطابق معها.. ليس هذا فحسب بل إن كتاباته تأتى دائما إما لتقدم الأساس الفكرى والشرعى لعمل الحركة أو لتفكك قضايا الالتباس ومساحات التوتر التى تعوق حركتها.

إبان الحقبة الناصرية فى الستينيات وحين كانت الحركة تواجه تحديا على مستوى مشروعها الإسلامى الذى صار موضوعا للنقد والتحدى من قبل أنصار المشروع الاشتراكى كان اهتمام القرضاوى بالدفاع عن هذا المشروع وحمايته من موجة النقد التى كادت تعصف به فكتب وقتها سلسلته الشهيرة عن حتمية الحل الإسلامى.

وفى إبان انبعاث الصحوة الإسلامية فى السبعينيات انصب جهد القرضاوى على قضية ترشيد الصحوة الوليدة فكتب سلسلة رسائل وكتب مهمة فى هذا الموضوع (ظاهرة الغلو فى التكفير، أين الخلل؟، فقه الأولويات، الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف.. إلخ).

ثم لما تعددت تيارات الصحوة والجماعات العاملة لها بما فتح باب التنافس بينها والتصادم فى بعض الأحيان حاول القرضاوى وضع أسس للتعاون بين جماعات الدعوة والعاملين فى حقلها، فكتب عن: شمول الإسلام، والمرجعية العليا فى الإسلام للقرآن والسنة، وموقف الإسلام من الإلهام والكشف والرؤى ومن التمائم والكهانة والرقى، والسياسة الشرعية فى ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها، وكيف نتعامل مع التراث والاختلاف والتمذهب... وكانت كتاباته فى هذا الموضوع ــ فى مجملها ــ شرحا وتطويرا للأصول العشرين التى وضعها الإمام حسن البنا كأصول للمشروع الإسلامى الحركى الأول (الإخوان المسلمين)، ولكن بصياغة جديدة وأكثر مناسبة للتعددية التى صارت إليها الصحوة الإسلامية.

ثم لما صارت الحركة الإسلامية فى تحدى سؤال الدولة، سواء نظرى أو واقعى كما جرى فى بعض البلدان التى تولت فيها الحركة السلطة اتجه القرضاوى إلى بيان شكل الدولة «الإسلامية» التى يتصورها، وسعى للإجابة عن إشكالات هذه المرحلة فكتب: ملامح المجتمع الإسلامى الذى ننشده، وشريعة الإسلام صالحة للتطبيق فى كل زمان ومكان، غير المسلمين فى المجتمع الإسلامى، الأقليات الدينية والحل الإسلامى، جريمة الردة وعقوبة المرتد فى ضوء القرآن والسنة.

ولما انفتحت الحركة على سؤال العولمة والانفتاح على الآخر كان له سبق الاشتباك مع أسئلة اللحظة، فكتب: المسلمون والعولمة، خطابنا الدينى فى عصر العولمة، الإسلام والمسلمون وعلوم المستقبل على أعتاب القرن القادم، المسلمون والتخلف العلمى، ورعاية البيئة فى شريعة الإسلام، وحقوق المسنين من منظور إسلامى، الغرب والإسلام ، وربما افتقدت بعض كتاباته فى هذه فى قضايا مثل العولمة وحوار الأديان والحضارات ــ الإحاطة اللازمة بموضوعاتها نظرا لطبيعتها الفكرية المعقدة والسن الذى بلغه الشيخ (كتب فى ذلك بعد السبعين) إلا أنه كان رائدا فى توجيه الحركة والاتجاهات الإسلامية إلى أهمية الاشتباك مع مثل هذه القضايا.

وقد عدد القرضاوى من وسائل وآليات عمله التى جمعت ما بين التقليد والحداثة، من الخطبة والدرس الوعظى والمحاضرة العلمية.. إلى برامج الإذاعة والتلفاز والفضائيات وموقع الإنترنت. كما قارب ما بين الخاص والعام فى حركته، من دروس تكوينية داخل الأطر التنظيمية بمستوياتها المختلفة إلى الوسائل المفتوحة التى تناسب العام من خارج التنظيم، وهو دائما رجل التنظيم بكل مستوياته ورجل العام بكل شرائحه وطبقاته.

كما نوّع الشيخ القرضاوى فى بناء مشروعه بين الجهد الفردى وبناء المؤسسات؛ حتى بدا أقرب إلى مؤسسة متكاملة. فقد نجح القرضاوى فى بناء شبكة عالمية تتصل بكل أنشطته واهتماماته وتغطيها حتى يكاد لا يستثنى مؤسسة من مؤسسات العمل الإسلامى بتخصصاته المختلفة فى أنحاء العالم تقريبا منها إلا كان له بها صلة وثيقة، فهو عضو إن لم يكن مؤسسا لأهم مؤسسات العمل الإسلامى العالمية.

التعليقات