تصويب مسار النضال.. هدنة ما قبل التسوية - حامد الجرف - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 8:03 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تصويب مسار النضال.. هدنة ما قبل التسوية

نشر فى : الأحد 26 نوفمبر 2023 - 9:25 م | آخر تحديث : الأحد 26 نوفمبر 2023 - 9:25 م

سبعة وأربعون يوما من الحرب، لم تكن إذن نزهة إسرائيلية لاجتثاث المقاومة كما زعموا، ولم تنجح إسرائيل فى اجتياح القطاع ولا فى احتلاله بل عانت من توغلها فيه ما لم تعانِ على مدى حروبها السابقة مع أصحاب الأرض ومع جيرانها الملاحقين.

سبعة وأربعون يوما تتمفصل بعدها هدنة إنسانية لأربعة أيام، تقول إسرائيل ــ حفظا لماء الوجه ولهيبتها العسكرية التى تمرغت فى التراب ــ إنها ستواصل القتال بعدها، ولكنها فى حقيقتها إعلان انتصار للمقاومة الفلسطينية، وبشارة أمل سياسية ستتحقق حتما فيما هو قابل من أعوام وربما أقل لإقامة دولة عربية فلسطينية مستقلة ذات حدود معلنة ومعترف بها وذات سيادة كاملة غير منقوصة بما تمتد إليه من حقها فى إنشاء قواتها المسلحة حماية لاستقلالها استنادا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181، وذلك على أرض فلسطين التاريخية وتحديدا على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 عملا بقرار مجلس الأمم رقم 242 باعتبار إسرائيل سلطة احتلال.
لم تكن نزهة لجيش الدفاع إذن، ولا يقاس النصر أو الهزيمة بعدد القتلى والشهداء هنا أو هناك، ورغم كل تضحيات الدم الفلسطينى إلا أن أحدا من الفلسطينيين أو العرب من الخليج إلى المحيط ــ مع تحفظات نظم الحكم ــ لا يرى فيها انكسارا ولا رهقا، بل هو الثمن التاريخى المقدر على الشعوب الحرة لنيل استقلالها، ويكفى أن الآلاف الذين استشهدوا لم يكونوا من المقاتلين وإنما من ضحايا آلة القتل الإسرائيلية التى مارست بطشها فى مواجهة المدنيين والمدنيات تفريغا لطاقة غضبها وافتضاح أمرها وانكشافها سياسيا وعسكريا فى مواجهة المقاومة. فالنصر العسكرى يقاس بالمقارنة بالقوات عتادا وأفرادا على الجانبين لا بالضحايا المدنيين، والنصر العسكرى يقاس بالنتائج السياسية المتحققة على الأرض والتى فى طريقها للتكريس على موائد التفاوض واتفاقات السلام.
وإذا كانت إسرائيل تلوح بمواصلة القتال بعد الهدنة حفظا لهيبتها فإن الزلزال قد اكتمل على سطح الدولة العبرية وظهرت شروخه للعيان ولم يعد إلا انتظار توابعه وهى قادمة لا محالة. وإذا كانت إسرائيل تلوح بمواصلة القتال بعد الهدنة، فإن المقاومة الفلسطينية أحرص منها عليها. ويكفى لبيان تهاتر الرواية الإسرائيلية وانكشافها أن ما تم التوصل إليه هو «هدنة» بما يؤكد أن حرب تحرير فلسطينية قد بدأت، وهى لن تنكص على عقبيها إلا إذا حققت هدفها الاستراتيجى المقبول والمدعوم والمستند على إرادة دولية عكست صحيح أحكام القانون الدولى بإقامة دولة فلسطينية تامة السيادة على الأراضى المحتلة 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وهو الهدف الذى سنذهب إليه بكل يقين فى غضون الأشهر لا الأعوام القادمة.
وإذا كانت آلة القتل والتدمير الإسرائيلية متعطشة للدم فأعتقد أن حرب السابع من أكتوبر بأيام جولتها الأولى السبع والأربعين قد أسقطت إلى غير رجعة أوهام التطبيع والرهان على العمالة وهواجس الخوف وأوهام التفوق. ولعل من أهم نتائج تلك الجولة وهو ما سيتكرس فى أى من الجولات القادمة أن المقاوم الفلسطينى كان وحيدا فى معركته لأنها معركته وحده، التضحيات كانت من دمهم والفعل لهم، والحرية لن تكون إلا ثمرتهم وحدهم والاستقلال لدولتهم القادمة والواعدة. وتلك أولى النتائج السياسية الفاصلة على الجانبين، أن كل أقاليم ما بعد الكامب قد سقطت وزالت. وأن وضعية النضال الفلسطينى لاستعادة أرضه وتكريس سيادته قد تصححت على الأرض.

حامد الجرف قاضٍ مصري سابق
التعليقات