الانتخابات المصرية تراث عالمى للإنسانية - خالد الخميسي - بوابة الشروق
الإثنين 6 مايو 2024 11:18 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الانتخابات المصرية تراث عالمى للإنسانية

نشر فى : الأحد 26 ديسمبر 2010 - 10:05 ص | آخر تحديث : الأحد 26 ديسمبر 2010 - 10:05 ص

 حضرت الشهر الماضى فى فرنسا الاحتفال بإدراج منظمة اليونسكو للمطبخ الفرنسى ضمن التراث الثقافى غير المادى للإنسانية كأول مطبخ فى العالم يدرج ضمن التراث العالمى. فقد اجتمعت لجنة البت التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة فى يوم 16 نوفمبر الماضى فى العاصمة الكينية نيروبى وقررت الموافقة على الملف الفرنسى. وكان رئيس الجمهورية الفرنسية نيكولا ساركوزى قد أعلن رسميا يوم 23 فبراير عام 2007 فى حفل افتتاح الصالون الزراعى رغبته فى أن تتقدم بلاده لملف إدراج المطبخ الفرنسى ضمن التراث العالمى لليونسكو. وقال حينها: «نحن لدينا أفضل مطبخ فى العالم أو على الأقل هذا من وجهة نظرنا ونود أن يتم الاعتراف به ضمن التراث العالمى». وبالفعل قام أهم طباخى فرنسا بدعم من المعهد الأوروبى للتاريخ والثقافات والتغذية ومن جامعة تور بتشكيل البعثة الفرنسية للثقافات الغذائية تحت رئاسة «جون روبير بيت» رئيس جامعة السوربون، وبدأت معركة تحضير الملف لتقديمه إلى اليونسكو.


ولكن ما التراث الثقافى غير المادى وفقا لمنظمة اليونسكو؟

تغير مصطلح «التراث الثقافى» فى مضمونه تغيرا كبيرا فى العقود الأخيرة، ويرجع ذلك جزئيا إلى الصكوك، التى وضعتها اليونسكو. فلا يقتصر التراث الثقافى على المعالم التاريخية ومجموعات القطع الفنية والأثرية، وإنما يشمل أيضا التقاليد أو أشكال التعبير الحية.

فالتراث الثقافى غير المادى هو تراث تقليدى ومعاصر وحى فى الوقت ذاته. وهو لا يقتصر فقط على التقاليد الموروثة من الماضى وإنما يشمل أيضا ممارسات معاصرة تشارك فيها جماعات ثقافية متنوعة. وهو أيضا تراث جامع فإن أشكال التعبير المنبثقة عن التراث الثقافى غير المادى، التى نمارسها هى أشكال للتعبير توارثتها الأجيال وتطورت استجابة لبيئاتهم، كما يمنحنا هذا التراث إحساسا بالهوية والاستمرارية ويشكل حلقة وصل بين ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا. والتراث الثقافى غير المادى لا يثير أسئلة عما إذا كانت بعض الممارسات خاصة بثقافة ما أم لا.

فهو يسهم فى التماسك الاجتماعى ويحفز الشعور بالانتماء والمسئولية، الأمر الذى يقوى عند الأفراد الشعور بالانتماء إلى مجتمع واحد أو مجتمعات محلية مختلفة وأنهم جزء من المجتمع ككل. وهو كذلك تراث تمثيلى. فإن التراث الثقافى غير المادى لا يقيَّم باعتباره مجرد سلعة ثقافية أو لطابعه المتميز أو الاستثنائى وفق سلّم المقارنات. فهو يستمد قوته من جذوره فى المجتمعات المحلية ويعتمد على هؤلاء، الذين تنتقل معارفهم فى مجال التقاليد والعادات والمهارات عبر الأجيال إلى بقية أفراد المجتمع أو إلى مجتمعات أخرى. ولا يكون التراث الثقافى غير المادى تراثا إلا حين تسبغ عليه الأطراف، التى تنتجه وتحافظ عليه وتنقله هذه الصفة. فبدون اعتراف هؤلاء بتراثهم لا يمكن لأحد غيرهم أن يقرر بدلا عنهم إن كان هذا الأمر أو ذاك يشكل جزءا من تراثهم.

وأهمية التراث الثقافى غير المادى لا تكمن فى تمظهره الثقافى بحد ذاته وإنما فى المعارف والمهارات الغنية والقيمة الاجتماعية والاقتصادية، التى ينطوى عليها هذا النقل للمعارف، وهو الأمر الذى يهم الأقليات مثلما يهم الكتل الاجتماعية الكبيرة، ويهم البلدان النامية مثلما يهم البلدان المتقدمة.

ومما تقدم فإننى أرى أن تعريف التراث الثقافى غير المادى ينطبق تماما على تراثنا الغنى فى الانتخابات المصرية منذ انتخابات الطباشيرة قبل الثورة حتى تطبيقها المعاصر العبقرى فى الانتخابات التشريعية الأخيرة. فالانتخابات المصرية إذن تراث تقليدى ومعاصر وحى. كما أن الأطراف، التى تحافظ عليه وتنقله من جيل إلى آخر باعتباره تراثا حيا يجب الحفاظ عليه بالروح وبالدم، كما أنه يسهم فى التماسك والاستقرار السياسى الأبدى.

ولأن الأحكام العامة لاتفاقية اليونسكو فى التراث غير المادى تنص أهدافها على: (أ) صون التراث الثقافى غير المادى، (ب) احترام التراث الثقافى غير المادى للجماعات والمجموعات المعنية وللأفراد المعنيين، (ج) التوعية على الصعيد المحلى والوطنى والدولى بأهمية التراث الثقافى غير المادى وأهمية التقدير المتبادل لهذا التراث، (د) التعاون الدولى والمساعدة الدولية. ولأن تعزيز التنوع الثقافى والحوار بين الثقافات يعد رهانا أساسيا لعمل اليونسكو فى ميدان الثقافة من خلال اعتماد «الإعلان العالمى بشأن التنوع الثقافى» لعام 2001، وقناعة المجتمع الدولى بأن التنوع الثقافى يشكل أحد جذور التنمية، وأن أهميته بالنسبة إلى الجنس البشرى شبيهة بأهمية التنوع البيولوجى بالنسبة للطبيعة، فإننى أطالب المسئولين فى الحكومة ترشيح الملف المصرى لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة بموعد أقصاه الأول من مارس المقبل لإدراج الانتخابات المصرية كتراث ثقافى غير مادى للإنسانية.

خالد الخميسي  كاتب مصري