فى علاقة الدين بالقانون - امال قرامى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 12:55 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى علاقة الدين بالقانون

نشر فى : الثلاثاء 27 أكتوبر 2015 - 8:40 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 27 أكتوبر 2015 - 8:40 ص

لا يزال العامل الدينى عنصرا من عناصر تعبئة الجماعات التى تعيش هوس الخوف على الدين أو ترغب فى ضرب الوصاية على كل ما له علاقة بالمجال الدينى واحتكار اتخاذ القرار بشأن تدبير الحياة الدينية فى البلاد. فبعد استراتيجية تحريك الجماعات بدعوى إنقاذ البلاد من الاستئصاليين والكفار والصراع على الهويات، وحماية المقدسات والاستيلاء على المساجد والمنابر ها نحن أمام حرب الزعامات الدينية. وهى حرب أعد لها برباطة جأش فأطرت أيديولوجيا من قبل حزب النهضة، وهو الحزب السياسى المدنى والوسطى والمعتدل والديمقراطى والمشارك فى الحكم والداعم لحكومة الصيد والعامل على ضمان استقرار البلاد والملتزم بمبدأ التوافق والوحدة الوطنية والمنخرط فى الحرب على الإرهاب.

والحزب لم يخف انخراطه فى هذه المعركة إذ هب القياديون من مراقدهم وصاروا «كلهم الجوادى» الذى رسموا له صورة مثالية. فالرجل علامة ومحب للوطن وداعم للمسار الثورى الصحيح وليس تعرضه لهذه المحنة إلا حجة دالة على كره الاستئصاليين والتجمعيين والدساترة ومن والأهم من التغريبين والملاحدة واليساريين والعلمانيين لكل من ضحى بنفسه فى سبيل أسلمة البلاد وتصحيح المسار الانتقالى فيها. وهكذا يتحول الرجل إلى زعيم دينى قد تتطابق صورته فى أذهان مريديه، مع ابن حنبل وغيره من الأئمة الذين عانوا من جبروت السائس. ويغدو المحب للجوادى محبا للحق منافحا عن الدين. أما غير المناصر للجوادى فلا مكان له فى بيت الله يفرد إفراد البعير الأجرب وتصاحبه اللعنة إلى أبد الآبدين.

غير أن المدافعين عن الجوادى وعن خطابه العالم والاعتدالى يتناسون أن للتكنولوجيا صولات وجولات. فالكاميرات والهواتف الجولة وغيرها من الوسائل التى درت بها علينا الثورة الرقمية باتت تدون وتؤرشف الأحداث وتخلدها. وقد مكنتنا هذه الدرر الثمينة من الاستماع إلى خطب الجوادى علامة زمانه وزعيم الوسطية فإذا بالرجل يتقلب بين موقع الداعية الإسلامى والإمام والزعيم السياسى الذى لا يجد غضاضة فى تعبئة العوام وقيادتهم فى الساحات وتأليبهم تارة على إعلام العار، وطورا على الاتحاد العام للشغل وكل المعارضين للنهضة والترويكا.

***
إن تزعم حزب النهضة هذه الحرب التى تشن باسم الزعامات الدينية «الخادمى - الجوادى» حجة على بقائها وفية للتموقع المعهود لحزب بمرجعية إسلامية. فحين يتعلق الأمر بالشأن الدينى يغدو الحزب هو المؤهل للبت فى قضايا عزل الأئمة أو تنصيبهم. والوصى على إدارة الملف الدينى. ولا عجب فى ذلك فقياديو النهضة يعتبرون أنفسهم عالمين بالدين وقادرين على البت فى مؤهلات الأئمة والخطباء والمتكلمين باسم الإصلاح الدينى وتجديد الخطاب الدينى. بل أكثر من ذلك هم المسئولون عن الشأن الدينى فى البلاد ومهندسو مستقبله.

للمليشيات أن تنهض بدورها داخل المساجد وخارجها. فقد رأينا بأم العين «حمال الحطب» الذى رفعه خلانه على الأكتاف وهو يصيح ويطلب من الجماعة أن تسايره فى الدعاء على فلان والتنكيل بفلان. وللقياديين (كالحمامى )أن يخرجوا من انضباطهم المعهود وأن يقطعوا مع كل ما تعلموه فى الدورات التدريبية من شروط إحكام فن التواصل لينطقوا بخطاب متهافت لا يقيم للعقل وزنا بل هو انفعال وغضب وردود لا تتطابق مع الأسئلة الموجهة وتجريح وثلب ثم تراجع عن القول. بناء للحجج ثم هدم مما يؤكد أن ملف الخادمى- بطيخ بات يؤرق الجماعة.

ونتفهم مناصرة قيادى حزب النهضة وأتباعهم للخادمى ومن ورائه الجوادى. فالجماعة تعمل بمبدأى «انصر أخاك» « وأنا وابن عمى على الغريب» وتقوى مشاعر التضامن بين «الضحايا»: ضحايا النظام السابق والنظام الحالى وتعتبر أن السياسى فى علاقة عضوية بالدينى، وإن قبلت بمدنية الدولة على مضض.

والظاهر أن حرب الزعامات تثبت أن السياق بات سياق اختبار مدى التزام حزب النهضة بمواد الدستور التى نصت على الدين ومدنية الدولة وحرية الضمير والحريات وتأويلها تأويلا يخدم المصلحة العامة وثقافة المواطنة. كما أننا نعتبر أن حرب الزعامات تطرح أسئلة حول علاقة الدين بالقانون وعلاقة ممثلى المؤسسة الدينية بالقوانين المنظمة للحياة العامة. فالصراع فى نهاية الأمر صراع حول سلطة القانون وسلطة من يحتكرون الشأن الدينى. سلطة الأحزاب المدنية وسلطة الأحزاب ذات المرجعية الدينية.

 

التعليقات