مائة يوم على «ترامب الثانى».. حروب لم تتوقف وأخرى فى الأفق! - مواقع عربية - بوابة الشروق
الإثنين 28 أبريل 2025 9:07 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

مائة يوم على «ترامب الثانى».. حروب لم تتوقف وأخرى فى الأفق!

نشر فى : الإثنين 28 أبريل 2025 - 6:10 م | آخر تحديث : الإثنين 28 أبريل 2025 - 6:10 م

نشر موقع 180 مقالًا للكاتب سميح صعب، أورد فيه أن المائة يوم الأولى من ولاية ترامب الثانية مليئة بالإخفاقات سواء على المستوى السياسى (تحييد دور الكونجرس، ومحاربة الوكالات الفيدرالية)، أو الاقتصادى (الحروب التجارية)، أو السياسة الخارجية (الفشل فى وقف الحرب الروسية الأوكرانية، وحرب غزة،  بل هناك حرب جديدة تلوح فى الأفق بين الهند وباكستان).. نعرض من المقال ما يلى:

على مقياس المئة يوم الأولى من الولاية الثانية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، غلبت الإخفاقات على الإنجازات. رقم قياسى من الأوامر التنفيذية التى حيّدت دور الكونجرس إلى حد كبير، ومنحت الرئيس صلاحيات «ملكية»، وتحدٍ للجامعات والمحاكم وهدم للبيروقراطية. وكاد الهوس بالتعريفات الجمركية، الذى ارتد وبالًا على وول ستريت، أن يقود أمريكا إلى الهاوية بعيون مفتوحة.

مدفوعًا بشعبوية جماعة «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى» التى تعرف اختصارًا بـماجا (MAGA)، أعلن ترامب الحرب على البيروقراطية فى الداخل، وألغى وكالات فيديرالية، وسرح عشرات آلاف الموظفين فى عملية التطهير التى قادها قطب التكنولوجيا إيلون ماسك الذى ولّاه وزارة الكفاءات الحكومية. وقاد حملة شرسة لإخضاع الجامعات، وفى مقدمتها جامعة هارفارد، متهمًا إياها بأنها معاقل لمعاداة السامية، نظرًا للاحتجاجات التى شهدتها ضد حرب الإبادة التى ترتكبها إسرائيل فى قطاع غزة.

جامعة هارفرد التى تأسست قبل أمريكا، لم ترفع الراية البيضاء، على رغم تعليقه لها مساعدات فيدرالية تقدر بـ3 مليارات دولار. ردّت الجامعة العريقة باتهام ترامب بالتدخل فى الحرية الأكاديمية، ورفضت مطالبه بالنسبة للتوظيف والمناهج وقبول الطلاب من الخارج.

جعل ترامب من الولاء له، شرطًا مسبقًا للتعيينات فى إدارته، وأحاط نفسه بمجموعة من المتشددين من نائب الرئيس جيه. دى. فانس، إلى وزير الدفاع بيت هيجسيث وإيلون ماسك، وراسل فوجت مدير الموازنة فى البيت الأبيض، وستيفن ميلر نائب كبير الموظفين، وروبرت كينيدى الابن وزير الصحة.

هؤلاء وغيرهم يُقدّمون الولاء، فى مقابل الحماية التى يُقدّمها لهم الرئيس. أكبر دليل على ذلك، هو التمسك بهيجسيث على رغم الفضائح المتتالية التى تعصف بوزارة الدفاع وبينها معلومات تسربت عبر تطبيق سيجنال المفضل لدى الوزير، عند البحث فى الخطط العسكرية، ومنها الحملة الجوية ضد الحوثيين فى اليمن.

واستفزت عمليات الترحيل الجماعى للمهاجرين غير الشرعيين إلى سجن سيئ السمعة فى السلفادور، المحكمة الفيديرالية العليا، فى قضية ترحيل كيلمار أبرجو جارسيا أحد المقيمين القانونيين فى الولايات المتحدة، من دون توجيه أية تهم جنائية له. المحكمة التى سبق أن منحت ترامب الحصانة عن أفعاله، اضطرت إلى اتخاذ قرار بالإجماع بإعادة جارسيا. لكن ترامب ابتسم للرئيس السلفادورى نجيب بوكيلة عندما أعلن الأخير من المكتب البيضاوى، أنه لن يفرج عن جارسيا.

• • •

هذه السياسة بدأت تثير تساؤلات عما إذا كانت أمريكا تمضى نحو الحكم الاستبدادى المماثل لذاك الموجود فى المجر، حيث يُخضع رئيس الوزراء فيكتور أوربان القوى السياسية والمحاكم ووسائل الإعلام لنفوذه؟

على أن أخطر القرارات التى اتخذها ترامب، كانت الزيادات الحادة فى الرسوم الجمركية ضد أكثر من 60 دولة فى العالم، قبل أن يتراجع عن معظمها تحت ضغط الانهيارات فى الأسواق المالية، ويبقيها فقط على الصين.

المفارقة اليوم، هى أن ترامب الذى لجأ إلى مهادنة الاتحاد الأوروبى ودول كثيرة فى العالم، بدأ فى الأيام الأخيرة يتحدث عن استعداده للتفاوض على تسوية تجارية مع الصين. اللجوء إلى الخطاب المرن مع بكين، أتى بعدما ردّت الصين على الرسوم الأمريكية بالمثل، الأمر الذى تسبب فى هز الاقتصاد الأمريكى، على نحوٍ غير متوقع. وهذا ما جعل رئيس المصرف الاحتياطى الفيديرالى جيروم باول يحذر من اتجاه الولايات المتحدة نحو ركود اقتصادى وزيادة فى الأسعار إذا استمرت الحرب التجارية. واتفق صندوق النقد الدولى مع باول فى تشخيصه للأزمة.

ترامب، الذى لم يرق له تقويم باول، هدّد بإقالته، الأمر الذى تسبب فى مزيد من الانهيارات فى وول ستريت، وصولًا إلى تهديد مكانة الدولار. وأساس المشكلة هى أن باول رفض الامتثال لطلب ترامب بخفض الفائدة. وهرع رؤساء متاجر التجزئة فى البلاد مثل «تارجت» و«وول مارت» و«هوم ديبوت» إلى البيت الأبيض، محذرين من أن الرسوم الجمركية، قد تربك سلاسل التوريد وترفع الأسعار.

هذا التخبط والارتجال فى القرارات، بدأ يترجم فى استطلاعات الرأى التى أظهرت تراجعًا فى شعبية ترامب إلى ما دون ما كانت عليه فى أول مئة يوم من ولايته الأولى عام 2017. ومنذ شهر، يخرج الشعب الأمريكى فى مدن مختلفة للإعلان عن معارضتهم لسياسة ترامب. ويجتذب السناتور الأمريكى المستقل عن ولاية فيرمونت بيرنى ساندرز عشرات الآلاف إلى التجمعات التى يدعو إليها فى أرجاء البلاد تحت عنوان «محاربة الأوليجارشية».

يدفع هذا جماعة طماجا إلى الضغط أكثر على ترامب كى يُصعّد حملته على المعارضين لسياساته، ظنًا منهم أن التراجع الآن، يعنى تمهيد الطريق أمام الديمقراطيين لاستعادة الكونجرس فى الانتخابات النصفية فى العام المقبل، بعدما خذل الاقتصاد الشعبوى الأمريكيين.

• • •

لا تقل التحديات الخارجية جسامة عن التحديات الداخلية. والكنديون يذهبون غدًا إلى صناديق الاقتراع تحت عنوان أن «كندا ليست أمريكا»، بعد تهديدات ترامب بالضم، وبفرضه حزمات من التعريفات الجمركية القاسية على الجار الشمالى.

أحدث ازدراء ترامب لكندا وزعمائها ردة فعل قوية عند الكنديين، الذين يشعرون اليوم بهويتهم الوطنية أكثر من أى يوم مضى. يتطلع الكنديون اليوم إلى شراكات اقتصادية أوثق مع أوروبا وآسيا وأمريكا الجنوبية.

وما يسرى على كندا، يسرى على أوروبا التى تستفيق على واقع الاهتزاز الكبير فى العلاقات عبر ضفتى الأطلسى، بسبب التنائى الحاصل فى المئة يوم الأولى من ولاية ترامب. من أوكرانيا إلى الرسوم الجمركية إلى تعمد ترامب وفانس الحديث عن أوروبا بلغة فيها الكثير من الإساءة إلى القارة. أزمةٌ تحتدم مع الرؤية التوسعية لترامب، الذى لا ينى يُكرّر أن جزيرة جرينلاند، يجب أن تكون تحت السيطرة الأمريكية.

• • •

السياسة الخارجية لترامب ليست أقل ارتجالًا من سياساته الاقتصادية. جهوده لوقف النار بين روسيا وأوكرانيا، تواجه حالة من عدم اليقين، والحرب تزداد شراسة من دون أن تلوح فى الأفق أن التسوية قريبة. وهذا ما يحمل مسئولين أمريكيين على التهديد بالتخلى عن الوساطة، التى يتولاها المبعوث الخاص إلى أوكرانيا ستيف ويتكوف.

وغزة، التى ينظر إليها ترامب على أنها مجرد «قطعة أرض مهمة»، جعلها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ميدانًا للقتل. ووعود الرئيس الأمريكى بتحقيق السلام فى الشرق الأوسط، لا تعنى البحث عن حل عادل للقضية الفلسطينية. إنها تعنى توسيع التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل.

وتسير المفاوضات المستأنفة مع إيران، على حدى التهديدات الإسرائيلية بعمل وشيك ضد المنشآت النووية الإيرانية، والحملة الجوية الأمريكية المكثفة على الحوثيين فى اليمن. يراهن ترامب على أن المفاوضات تبقى خيارًا أفضل من اللجوء إلى استخدام القوة، ويضع سقفًا زمنيًا للتفاوض وخطًا أحمر هو عدم امتلاك إيران قدرات توصل إلى القنبلة. حظوظ النجاح والفشل متساوية هنا.

بالنتيجة، فإن الحروب التى وعد ترامب بإيقافها فور عودته إلى البيت الأبيض، لم تتوقف بعد. لا بل أن ثمة حروبًا أخرى تلوح فى الأفق كما هو حاصل الآن بين الهند وباكستان.

• • •

فى المئة يوم الأولى من ولاية ترامب، ثبت أن أمريكا غير قادرة على إخضاع العالم دفعة واحدة، وبأن الرئيس الأمريكى بالغ فى تقدير القوة الاقتصادية للولايات المتحدة، وقلّل كثيرًا من قوة الآخرين. وظهر لوهلة، أن هذه السياسة تدفع نحو تكتلات دولية جديدة ضد أمريكا. والبيت الأبيض قلق فعلًا من إمكان ارتماء الاتحاد الأوروبى فى أحضان الصين. وهذا ما جعله يعلق زيادة الـ25 فى المئة على الرسوم الجمركية التى فرضها على الاتحاد الأوروبى.

وول ستريت وهارفارد والمحاكم واستطلاعات الرأى والصين، قالت لترامب «توقف»! فهل هذا كافٍ لإقناعه بالتراجع عن سياساته والعودة إلى التزام القواعد والأعراف التى سادت لعقود أم يندفع إلى قرارات انفعالية لاستعادة ما فقده من هيبة؟

فى هذه المناسبة، تستحضر صحيفة الإيكونوميست البريطانية قولًا جميلًا لكارل ماركس جاء فيه: «إن الرجال يصنعون تاريخهم بأنفسهم، ولكنهم لا يصنعونه كما يحلو لهم».

 

النص الأصلى:

 

التعليقات