هجرة المسيحيين من مصر! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 6:52 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هجرة المسيحيين من مصر!

نشر فى : الأحد 28 مايو 2017 - 9:45 م | آخر تحديث : الأحد 28 مايو 2017 - 9:45 م
بعد دقائق قليلة من الحادث الإرهابى البشع ضد الإخوة الأقباط بمحافظة المنيا، تلقيت العديد من الاتصالات من قنوات فضائية غير مصرية، للتعليق على الحادث.
غالبية هذه القنوات كانت تسأل الأسئلة المنطقية المعروفة والتقليدية أو حتى المختلفة، فى الإطار العام.
المفاجأة أننى تلقيت سؤالا من مذيع بإحدى القنوات خلاصته «هل صحيح أن كل الأقباط يفكرون فى الهجرة من مصر»؟!. استغربت السؤال تماما، وقلت لمحدثى ما معناه إن هذه هى المرة الأولى التى أسمع فيها مثل هذه المخاوف، ولم يسبق أن طرح هذا الأمر. المذيع كان مصرا على تكرار السؤال، فكررت له استغرابى. وقلت له إن المسيحيين فى مصر موجودون فى كل مكان بمصر، هم جزء حقيقى من النسيج الوطنى، وبالتالى فإن القول بإمكانية أو احتمال خروج الأقباط من مصر، يعكس جهلا فاضحا بحقيقة المجتمع المصرى، أو سوء نية منقطع النظير قد يرقى إلى درجة التواطؤ والتآمر.
لست مدمنا لنظرية المؤامرة، ولا أميل لاستخدامها شماعة للتهرب من أداء الواجبات، لكن بدأت أشعر أن هناك بالفعل بعض الجهات لا تود أن ترى مصر مستقرة وتعمل بكل السبل على إغراقها فى السيناريو السورى العراقى الليبى اليمنى.
بعد هذه القناة تلقيت اتصالا من قناة ثانية تسأل: ما رأيكم فى هذا الفشل الأمنى الذريع.. وإلى متى سيتحمل المصريون هذا الفشل؟!
قلت للمتصل «المؤكد أن الأمن يتحمل جانبا من المسئولية، خصوصا فى ضرورة اختراق منظمات الجماعات الإرهابية معلوماتيا لتوجيه ضربات وقائية قبل تنفيذ الهجمات، لكن لا يمكن أن نحمل المسئولية فقط للأمن، بل هناك مسئولية تتحملها السياسة. عاد المذيع يسأل من جديد: لكن الأمن المصرى يسجل اخفاقات مستمرة ولم يستطع منع العديد من الحوادث خصوصا ضد الكنائس؟!
قلت له إذا وافقتك على هذا الرأى.. فمعنى ذلك أن الأمن البريطانى فشل أيضا لأنه لم يمنع وقوع حادث مانشستر الأخير، والأمن الفرنسى فشل لأنه لم يمنع خمس هجمات متزامنة كان الرئيس السابق فرانسوا أولاند موجودا فى إحداها، كما لم يمنع هجمات أخرى متفرقة وقعت خلال العامين الأخيرين، والأمن البلجيكى فشل لأنه لم يمنع التفجيرات فى المطار، والأمن الأمريكى فشل لعدم منعه هجمات أورلاند أو بوسطن والأمن الروسى فشل لأنه لم يمنع الهجمات فى سانت بطرسبورج.
كل الأمثلة السابقة ليست محاولة لتبرئة ساحة الأجهزة الأمنية التى أرى أنها تتحمل جانبا مهما من المسئولية، لكن من العبث ان يختزل البعض المسئولية فقط فى تقصير الجانب الأمنى.
مرة أخرى كيف يمكن أن نمنع انتحاريا من قتل آخرين طالما أنه قرر قتل نفسه؟!
يقول البعض إن الأمن لم يوفر سيارة لحراسة ومرافقة أتوبيس الإخوة الأقباط؟ والإجابة أن هناك مئات الرحلات تنظمها الكنائس يوميا لزيارة أماكن أثرية وسياحية، فهل يمكن توفير سيارة شرطة لكل رحلة، وإذا فعلنا كيف سيمكن حماية كل الإخوة الأقباط العاديين وهم يمارسون حياتهم العادية؟!
تقديرى أن المجتمع ينبغى أن يساند الأمن بأقصى الإمكانيات فى الحرب ضد الإرهاب، وأفضل مساندة يمكن أن تأتى من الحكومة حينما تعمل على تحقيق أكبر قدر ممكن من التوافق المجتمعى، وإشاعة مناخ من الحريات والأصوات المختلفة طالما أنها تعمل فى إطار القانون والدستور والدولة المدنية.
على الحكومة وأجهزتها ألا تنشغل ببعض «الناشطين الغلابة»، وأن تركز جهدها على محاربة الإرهاب والتطرف، وإذا فعلت ذلك، فستضمن المزيد من الدعم الشعبى. ورغم ذلك فعلى كل المعارضين للحكومة، ألا يلتمسوا أى عذر للإرهابيين والمتطرفين، الذين يرتكبون جرائمهم ليس من أجل الحريات أو الديمقراطية أو حقوق الإنسان أو التنمية والعدالة الاجتماعية، بل من أجل إقامة نموذج مستحيل من دولة متخيلة، ويمارسون القتل باسم الإسلام البرىء من كل جرائمهم.
يمكننا أن نختلف مع الحكومة وأجهزة الأمن كما نشاء لكن الرجاء عدم التماس الاعذار للإرهابيين بأى شكل من الأشكال.
كل من راهنوا على استخدام الإرهابيين جسرا للسيطرة والهيمنة اكتووا بنيران الإرهاب ودفعوا ثمنا فادحا.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي