الأوبرا والمهمة الكبرى - سيد محمود - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 7:55 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأوبرا والمهمة الكبرى

نشر فى : الثلاثاء 28 مايو 2019 - 9:15 م | آخر تحديث : الثلاثاء 28 مايو 2019 - 9:15 م

أعجبتنى فكرة بناء دار للأوبرا فى العاصمة الادارية الجديدة، وأبديت اهتماما بما قرأته من تصريحات تواترت قبل حوالى عامين ونصف العام عن استعدادات لبناء دارين للاوبرا، واحدة فى بورسعيد والثانية فى الاقصر واعتبرت ان بناء مثل هذه الدور مسألة حضارية فى المقام الأول رغم اننا لم نقرأ بعدها أى تصريحات لأى مسئول فى الثقافة او المحليات تشير لما تم تنفيذه او انجازه فى المشروعين المقترحين وكأن ما جرى «طق حنك»، كما لم نقرأ منذ فترة طويلة أى اخبار عن مشروع أوبرا المنصورة الذى راح فيما يبدو فى «الرجلين».

ومن نافل القول ان تجربة الخديو اسماعيل فى الحلم بمصر قطعة من أوروبا تطلبت بناء دار الاوبرا الخديوية التى كانت بمبناها الذى احترق أعجوبة من أعاجيب ذلك الزمان.

والحمد لله تؤدى دار الاوبرا المصرية التى تأسست بمنحة يابانية قبل٣١ عاما دورا مميزا فى ترقية الاحساس بالفنون الرفيعة فى حدود الإمكانيات المتاحة لها وهى اقل بكثير مما هو متاح فى بلاد مجاورة أسست مؤخرا دورا للاوبرا وتسعى لتجذير دورها الثقافى عبر برامج للتبادل الثقافى او باستضافة فنانين متميزين من اصحاب الخبرات والتجارب وإقامة حفلات استثنائية تدر دخلا يسمح بإدارة تلك الدور على اسس رأسمالية لأنها بلدان اكثر رفاهية من بلادنا.

وقد شاهدت بانبهار بالغ مبانى الأوبرا فى سوريا وسلطنة عمان ودبى والكويت والاخيرة بالذات يقوم على ادارة برامجها فريق فنى متكامل من أكثر وجوه الثقافة الكويتية شبابا وتألقا لإضفاء طابع عصرى على برامجها ومن بينهم الصديق الروائى الشهير سعود السنعوسى والروائية بثينة العيسى وشعرت بسعادة بالغة من فخامة المبانى وقيمتها المعمارية لكن الفخر الأكبر الذى شعرت به ولا ازال كان مصدره الثقة التى كشفها لى القائمون على شئون تلك الدور فى كفاءة الفنانين المصريين.

وقبل يومين حدثنى الفنان مرسيل خليفة خلال وجوده بالقاهرة عن اعجابه البالغ بالعازفين المصريين الذين عملوا معه وكلهم ذوو سمعة حسنة لأنهم تلقوا تعليما وتدريبا جيدا. ويعرف المهتمون بالموسيقى حجم الفرص التى تتاح لفنانينا للسفر فى جولات لقيادة فرق موسيقية ويكفى أن نذكر اسماء مثل: احمد الصعيدى وراجح داوود وشريف محيى الدين ونادر عباسى وناير ناجى وهشام جبر والأخير تم تكليفه مؤخرا وللعام الثانى على التوالى بقيادة اوركسترا لبنان الوطنى فى افتتاح مهرجانات بعلبك فى لبنان خلال يوليو المقبل.

وكل هؤلاء وغيرهم اصحاب تجارب مختلفة تستند اولا على قيمة ما تعلّموه فى معاهد أكاديمية الفنون العريقة فى الماضى القريب قبل استكمال الدراسة فى الخارج، وهنا مربط الفرس الذى دفعنى لكتابة هذا المقال دعما لفكرة تأسيس دور الأوبرا لأن ما يحتاج لتفكير جدى هو المعنى من إقامة المبنى، وأقصد بذلك العمل على تأهيل افراد لإدارة الأوبرا وتشغيلها فنيا وهذا يتطلب تطوير مناهج الدراسة فى المعاهد الفنية التابعة لأكاديمية الفنون التى مرت الذكرى الخمسون على تأسيسها دون احتفال لائق يذكر بها ويراجع دورها وأدوار من تولوا اداراتها مثل الدكاترة مصطفى سويف وعزالدين إسماعيل وفوزى فهمى وكان علينا استثمار مثل تلك المناسبة لمراجعة مناهج الاكاديمية وأغلبها اصبح خارج التاريخ يعتمد على جهد الأفراد وحسن نواياهم وليس وفق رؤية مؤسسية واضحة تجعل الاكاديمية شريكة فيما يحدث فى المؤسسات العالمية الشبيهة وما يزيد الطين بلة ما نقرأ وما نعرف عن طرق الالتحاق بمعاهدها العليا وتعتمد على الوساطة والمحسوبية اكثر من أى شىء آخر.

أما الامر الثانى الذى يحتاج لتفكير فيرتبط ارتباطا جوهريا بالميزانيات المخصصة لبرامج الاوبرا وخططها، وهى التى تحتاج لزيادة عاجلة لأن ما يتلقاه أحسن عازف فى فرق الأوبرا عن الحفل الواحد أقل مما يحصل عليه أى حرفى لصيانة تكييف أو فرن بوتاجاز وهذه مسألة مخجلة جدا اما المخجل أكثر من أى شىء آخر فهو حجم ما يتم تخصيصه فى الموازنة العامة للدولة للإنفاق على الثقافة حيث لا تزال حصة المواطن الواحد اقل من خمسة جنيهات سنويا وهو فى هذه الحال لن يكون قادرًا على زيارة الاوبرا وإدراك قيمتها او حتى الاستماع لأغنية عبدالحليم حافظ عن المسئولية وهو يحلم مع صلاح جاهين بـ«تماثيل رخام ع الترعــة، وأوبـرا»