انسحاب مرسيدس .. الحكاية بـ«المقلوب»! - أحمد بهاء الدين - بوابة الشروق
الخميس 26 يونيو 2025 10:10 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما توقعاتك لمعارك إسرائيل مع إيران؟

انسحاب مرسيدس .. الحكاية بـ«المقلوب»!

نشر فى : الخميس 30 أبريل 2015 - 9:20 ص | آخر تحديث : الخميس 30 أبريل 2015 - 9:20 ص

«حكايتنا» هذه المرة لها أوجه كثيرة، معقدة إلى حد ما!.. أعتقد أن أنسب الطرق لتحليلها هو تتبعها بـ«المقلوب»!، ما أُثير في عدد من الصحف والمواقع الإلكترونية خلال الأيام الماضية حول «مرسيدس»، أخبار وعناوين مضللة وتحليلات لا تستند لأيٍ من أشكال المعرفة!.

كي نتتبع القصة بـ«المقلوب» سوف نبدأ من نهايتها حتى نصل إلى شرارتها الأولى، لا أريد الحديث عن ملف التجميع المحلي واتفاقية الشراكة الأوروبية، شرحته عدة مرات وبالتفصيل «الممل» في مقالات سابقة كان أهمها: «سيارة مصرية ومزيدا من العزلة» و«ماذا قدمت لنا مصانع التجميع المحلي؟!» ويمكن الرجوع إليها من خلال موقع الشروق.

إذا استعنت بـ«جوجل» في البحث عن الأخبار المتعلقة بـ«مرسيدس» سوف تقفز إليك عشرات التقارير والتحقيقيات الصحفية، عناوينها تتفق على جزء أساسي؛ «مرسيدس تنسحب من مصر»، ليكتمل العنوان في كل خبر بنهاية مختلفة مثل «..بعد يوم من خسائر قاسية للبورصة» و«..واتحاد الصناعات يُحمل الحكومة المسئولية» وغيرها من التصريحات التي تنم عن «جهل» من أدلى بها و«جهل» من قام بصياغتها بالإضافة إلى «المبالغة».

«المبالغة» لم تنقطع عن تحليلات بعض الأشخاص الذين تمت الإشارة إليهم بـ«مصادر»، كان أكثرها إثارة للضحك والسخرية بالنسبة لي شخصيا؛ أنه «يجب» على رئيس الوزراء تشكيل لجنة والتوجه فورا لألمانيا والاجتماع بقيادات «دايملر» للخروج من «الأزمة»!.

«الأزمة» احتدمت بعد أن بدأت تتنافس بعض الصحف والمواقع على نشر أي تصريح جديد في تلك القصة، التي لا أجد حرجا في وصفها بالـ«مفبركة»!!.. لذلك وجب الابتعاد عن أي مصدر رسمي داخل الشركة، المطلوب مصادر للـ«تجويد» على شاكلة «حزلقوم» في فيلم «لا تراجع ولا استسلام»، وبالفعل تم «تجويد» الخبر بشكل يخدم «الهدف».

«الهدف» كان إطالة زمن النشر وتفاعل مستخدمي الإنترنت بقدر الإمكان بعد تضليلهم، فكل من قام بنشر الخبر مستخدما تلك الصياغة المشوهة كان يعرف جيدا أن الوقت ليس في صالحة، وأن القصة سوف تنتهي ببيان رسمي من جانب الشركة عاجلا أم آجلا - وهو ما حدث بالفعل - لذلك تم البحث عن المزيد من المصادر التي لم تكتفي «بالفتي» في أسباب ما أسمته بـ«انسحاب مرسيدس»، تم إقحام BMW أيضا في القصة، وتوقع «مصدر» أن تنسحب الأخيرة من سوقنا على خطى منافستها، والمثير حول التوقعات هذه المرة كان «المصدر»!.

«المصدر» كما جاء في الجريدة التي قامت بنشر الخبر هو رئيس غرفة الصناعات الهندسية، والحقيقة أنني لا أعلم إن كان قد تم تطوير ما أدلى به وتشويه معناه أم لا، ولكن «توقعات» رئيس الغرفة تتفق مع اتجاهاته فهو معارض لاتفاقية الشراكة الأوروبية بشكل كامل، وقد ناقشت في إحدى مقالاتي السابقة الدراسة التي قدمها للحكومة ويمكن الرجوع أيضا للمقال الذي حمل عنوان: «فاتورة الفشل يشلها الزبون المصري»، لذلك جاء حديثه في نظري ليخدم ما تتبناه الغرفة من «توجهات».

«التوجهات» هي كلمة السر التي يعرف جيدا من قام بصياغة الخبر وعنوانه للمرة الأولى كيف يستخدمها باحتراف، يعرف كيف يحول خبر من شأنه «إسعاد» عملاء الشركة إلى خبر «سياسي» يخاطب توجهات القراء!، يشعلها ويتلاعب بعقولهم، كنت أتابع تعليقات مستخدمي الإنترنت فور نشر الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي، سباب وألفاظ خارجه بين مؤيدي النظام ومعارضيه، تعليقات «سوقية» تتضاعف أعدادها بسرعة فائقة، هكذا تم إطلاق الشرارة الأولى «السياسة بتاكل مع الناس»، التضليل وتشويه المعاني والألفاظ الخارجة في تعليقات القراء أصبحت عناصر مقبولة في سبيل «الترافيك»!.

«الترافيك» وهو مصطلح إنجليزي يُستخدم للإشارة إلى تفاعل رواد الإنترنت، وهو «للأسف» أساس تلك الحكاية، زيادة «الترافيك» معيار نجاح أي موقع إلكتروني، ولكني في الواقع لا أرى هنا نجاحا!.. التعليقات السوقية والسباب والألفاظ الخارجة «رُخص»، والحكاية كلها نموذج صحفي مُضلِل يعتمد على «الفبركة» والتلاعب، وأشخاص لا تدرك «أمانة» النشر، ولا تعرف لـ«القلم» قيمة!، في سبيل «الترافيك» قرروا تضليل ألألاف، وترويج الإشاعات وإحداث الضرر والبلبلة «عمدا» دون أدنى شعور بالمسؤولية.. مبروك الترافيك الرخيص.

أحمد بهاء الدين المشرف العام على ملحق السيارات بجريدة الشروق
التعليقات