تعد أجواء ونفحات شهر رمضان المعظم، فرصة في تأمل التاريخ الإسلامي الثري بالشخصيات والمواقف، التي نجد فيها من العبّر والعظّات ما يعود بالنفع والفائدة في تقويم معاملاتنا الحياتية.
ومن بين أبرز الشخصيات أصحاب المكانة الكبيرة في التاريخ الإسلامي، يأتي أبناء وأحفاد النبي محمد، الذي يطلق عليهم "آل بيت رسول الله"، وجاء تكريمهم في القرآن الكريم -بحسب تفسير بن كثير- بقوله تعالى: "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا".
ومع نهاية العام الماضي، وجه الرئيس السيسي بتطوير أضرحة آل البيت الموجودة بمصر، ما يعكس مكانتهم الكبيرة لدى المصريين؛ لذا سنتتبع ملامح من قصصهم وسيرهم في حلقات مسلسلة على مدى أيام شهر رمضان المبارك.
وإلى الحلقة الأولى..
يعتبر الإمام علي بن أبي طالب من كبار صحابة النبي محمد، حيث إِنَّه أسلم قبل الهجرة النبوية، وتزوج من ابنته فاطمة -رضي الله عنها- وأنجب منها الحسن والحسين، وكان مِن بين مَن بشرهم النبي بدخول الجنة.
وتميز علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- برجاحة العقل وبلاغة القول، وظهر ذلك من خلال ما روي عنه من أقوال ومأثورات، تناولت أمورا شتى، وكان من بينها "قيمة الوقت والعمر"، التي قال عنها: "إن أخوف ما أتخوف عليكم اثنتين: اتباع الهوى، وطول الأمل، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة، وارتحلت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل".
ومع تولي الإمام علي لأمر الخلافة الإسلامية، سار على نهج الحكم الرشيد، الذي يأتي "العدل" على رأس ثوابته وركائزه، وتكثر المواقف المبينة لذلك من كتب السيرة.
ومن بين المواقف، حينما سأله أخوه عقيل أن يعطيه شيئا من بيت مال المسلمين، فطلب إليه عليّ -رضي الله عنه- أن يلتقيا في المسجد يوم الجمعة، وعندما اجتمع الناس، وامتلأ المسجد بهم، قال -رضي الله عنه- "ما تقول فيمن خان هؤلاء، قال أخوه أقول إنه رجل سوء، فرد الإمام علي (إنك سألتني أن أخونهم)"، وذلك بحسب ما ذكر الشيخ عبدالعزيز السالمان في كتابه "موارد الظمآن لدروس الزمان".
ومن المواقف أيضا، ما رواه الحاكم عن الشعبيّ فقال: "ضاع درعٌ لعليّ بن أبي طالب يوم الجمل، فأصابها رجل فباعها، فعرفت عند رجل من اليهود، فخاصمه إلى شريح، فشهد لعليّ رضي الله عنه الحسن ومولاه قنبر، فقال شريح: زدني شاهدا مكان الحسن، فقال: أتردّ شهادة الحسن؟، قال: لا، ولكن حفظت عنك أنّه لا تجوز شهادة الولد لوالده".
وغدا نلتقي مع حلقة جديدة..