وائل الفخراني: ريادة الأعمال في مصر منجم أفكار لم يتم استغلاله حتى الآن - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:43 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وائل الفخراني: ريادة الأعمال في مصر منجم أفكار لم يتم استغلاله حتى الآن

وائل الفخراني المدير الاقليمي لجوجل فى مصر وشمال أفريقيا
وائل الفخراني المدير الاقليمي لجوجل فى مصر وشمال أفريقيا
حوار ــ محمد أبو السعود
نشر في: الإثنين 3 يونيو 2013 - 12:16 م | آخر تحديث: الإثنين 3 يونيو 2013 - 1:18 م

باعتباره مديرا لجوجل فى مصر وشمال أفريقيا، يرتبط اسم وائل الفخرانى دوما بأخبار وابتكارات شركة جوجل فى مصر والعالم، ولكن اهتمامات وأنشطة الفخرانى تجاوزت هذا الإطار، ليصبح مؤخرا أحد المبشرين بالتكنولوجيا وتمكين الشباب فى مصر، عن طريق تنمية مهاراتهم وتطوير أفكارهم لتحويلها إلى واقع ملموس.

 

وائل أسهم مؤخرا فى الكثير من المسابقات والورش والأحداث الخاصة بـ«ريادة الأعمال» وهو التعبير الذى ارتبط مؤخرا بعدد لا نهائى من الأفكار والتجارب القائمة على التكنولوجيا، والتى بدأ العديد منها فى شق طريقه للنجاح وكسب الأموال وإفادة المجتمع، وفى هذا الحوار يخبرنا الفخرانى عن تجربته وأفكاره وطموحاته فى هذا المجال الواعد..

 

• لدى جوجل تجارب هامة فى مجال ريادة الأعمال، فما خططها للمساهمة فى هذا المجال فى مصر؟

 

ــ رواد الأعمال منجم أفكار لم يتم استغلاله بعد، وجوجل شركة متخصصة فى التكنولوجيا، وبطبيعة الحال نهتم بريادة الأعمال فى مجال التكنولوجيا، وجوجل نفسها كانت فكرة مجنونة لطالبين من جامعة ستانفورد أرادوا تنظيم معلومات العالم، لينتهى بنا الحال كشركة من كبرى الشركات الموجودة فى العالم خلال 14 عاما فقط..

 

ليست جوجل فقط، فيس بوك وغيرها الكثير بدأت نفس البدايات، وليس غريبا أنها بدأت فى الساحل الغربى للولايات المتحدة بجوار جامعات عريقة جدا، وليس غريبا أيضا إنها بدأت بجوار رءوس أموال وشركات استثمارية كبيرة جدا، إذا هى منظومة كاملة تشبه الخلطة السحرية تتكون من طالب شاطر وأستاذ شاطر ومكان هدفه حل المشكلات الكبيرة للعالم مثل وادى السليكون الذى يضم مقار لأكبر شركات التكنولوجيا فى العالم.

 

اهتمامنا بهذا الأمر لأنه جزء من البنية الأساسية لجوجل وبمعنى آخر فى الـ «DNA» الخاص بها، فنحن نهتم بالأفكار والبحث والتطوير والإبداع، ونؤمن أن التكنولوجيا يمكن أن تحل مشاكل كبيرة جدا فى العالم ومنها منطقتنا، ونحن لدينا مشكلاتنا المحلية مثل المرور والنظافة وهى المشكلات التى لن يحلها غير الشباب فى مصر، ولذلك نحن مهتمون بريادة الأعمال فى مجال التكنولوجيا فى مصر، لأنها بلد ملىء بالشباب والطلبة والجامعات، وعلى الرغم من كل هذا يعتبر أكثر بلد لم يأخذ حقه فى ريادة الأعمال.

 

 

 

• هل يمكن التعرف على أكثر المصاعب التى قد تواجه أى جهة أو شركة ترغب فى تنفيذ مبادرة لريادة الأعمال مثل «ابدأ مع جوجل»؟

 

 ــ الصعوبة الكبرى فى مثل هذه المبادرات هى محاولة تغيير ثقافة مجتمع نشأ الشباب فيه وسط عائلة جميع من فيها يعمل فى شركة ووظيفة آمنة، ولم يظهر أمامه رجال أعمال شباب بدأوا من الصفر وحققوا قصص نجاح، وأتذكر أننا كنا فى زيارة لطلبة فى محافظة بورسعيد وسألتهم: من منكم متفائل؟ ولم أجد طالبا واحدا يرفع يده ليقول لى إنه متفائل، فقمت بشرح فكرة مبادرة «ابدأ مع جوجل»، وسألتهم مرة أخرى: من منكم متفائل؟ ولم يرفع أحد يده مرة أخرى، وحاولت معرفة سبب عدم تفاؤلهم، فرد أحدهم بأنه يظن أننا نقدم هذه المبادرة لسرقة أفكارهم، وهنا كانت المشكلة، فهؤلاء الطلبة نشأوا فى مجتمع تعود على سرقة الأفكار والتقليد، ولم يعتد فكرة أن هناك شخصا سيقدم المساعدة بدون مقابل، لذلك أقول إن أكبر عائق أمام أى نجاح هو عقلك، وهى عقبة صعب تغييرها، ولكن ليست مستحيلة، فمع تكرار المبادرات سيعتاد الشباب على طرح أفكارهم، والتجربة والفشل أكثر من مرة، حتى يصل للفكرة التى يحقق معها النجاح.

 

نحن لسنا فى حاجة للوصول لـ15 ألف شخص ناجح، بل نحن فى حاجة للعثور على 4 أشخاص ينشئوا شركة مثل جوجل على سبيل المثال، أو اثنين ينشئوا شركة مثل مايكروسوفت، أو شخص واحد ينشئ موقعا مثل فيس بوك، ووقتها سيحدث التغيير فى المجتمع ليرغب الناس أن تصبح مثلهم.

 

 

 

• وما السلبيات التى لاحظت أن الشباب فى مصر فى حاجة إلى معالجتها لتحقيق نجاح فى مجال ريادة الأعمال؟

 

 ــ عدم وجود خطة عمل محددة، والطموح المبالغ فيه يعتبران أخطر السلبيات التى قد تجدها لدى الشباب، فمن المهم أن يتناسب حجم الطموح مع حجم إمكانيات الشخص، فلا يجدى أن يتمنى شخص أن يصبح لاعب كرة محترفا وهو لا يعرف لعب الكرة.

 

عدم تقبل الفشل ميزة لا يمتلكها العديد من الشباب، فالكثير قد يصاب بإحباط إذا خسر فى أى مسابقة، بالإضافة لافتقاد العزيمة لتحقيق الهدف والاستعجال فى تحقيق عائد بسرعة، وهذا أمر طبيعى نتيجة الوضع والظروف الحالية، ففكرة أن تصرف مبالغ ولو قليلة لمدة سنة أو ثلاث سنوات على مشروع أو فكرة جديدة لن تجدها مقبولة لدى الأهل أو الأصدقاء، وقد ينصحه البعض بأن البحث عن وظيفة آمنة أفضل من المخاطرة فى مشروع غير مضمون.

 

 

 

• وما الإيجابيات التى لمستها فى تجربة جوجل مع ريادة الأعمال؟

 

ــ برغم العديد من السلبيات الموجودة فى نظام التعليم فى مصر، لكن ستجد هناك من يعتمد على ذاته فى تعليم نفسه من خلال الإنترنت واختلاطه بالناس، ومن خلال تعاملاتى مع العديد من الطلبة وجدت عددا قليلا منهم أنا متأكد أنهم سيحققون نجاحا كبيرا فى المستقبل، ولكن الهدف هو تحقيق هذا النجاح فى مصر، وليس فى سان فرانسيسكو.

 

وبعيدا عن الإيجابيات والسلبيات أنا مقتنع بأنه يجب تكرار مثل تلك المبادرات فى جميع محافظات مصر، ويجب تطبيقها على مشروعات فى جميع المجالات ولا تنحصر على مجال التكنولوجيا فقط، ولذلك لن تكون «ابدأ مع جوجل» هى مبادرتنا الأخيرة وسيتم تكرارها أكثر من مرة إن شاء الله، كما لاحظت مؤخرا أن هناك شركات كثيرة مهتمة بتنظيم مثل هذه المبادرات وهذا شىء جيد بالطبع.

 

 

 

• فريق «بيقولك» الفائز بجائزة «ابدأ مع جوجل» حصل على 200 ألف دولار، وهى ضعف قيمة الدعم الذى حصل عليه مؤسسو شركة جوجل فى بدايتهم، فهل حقق «بيقولك» تطورا يتناسب مع الجائزة؟

 

 ــ المقارنة بين ظروف فريق «بيقولك» وشركة جوجل ستكون ظالمة إلى حد كبير، فليست مصادفة أن تبدأ كل من جوجل وياهو وسيسكو فى منطقة سان فرانسيسكو، وهذا يرجع لأن فيها منظومة ليست موجود فى مصر، ومشكلة التعليم فى مصر كانت سببا لظاهرة الفقر فى عدد الأشخاص ذوى المهارات الفنية العالية، لذلك فإن شركة مثل «بيقولك» ستعانى معاناة كبيرة عند البحث عن مطور تطبيقات ماهر على سبيل المثال، ولذلك أنا مقتنع بأن من يحقق نجاح فى مصر لديه إمكانات عقلية تفوق أى شخص آخر فى أى مكان فى العالم، فالشباب فى مصر مطلوب منه أن يبدأ يومه بمعاناة مع سيارته المعطلة، ليسير بها فى طرق مزدحمة وغير نظيفة، هذا بالإضافة إلى بطء الإنترنت، الذى يعتبر العنصر الأهم لنجاح أى مشروع فى مجال التكنولوجيا، وتخيل عدد السنين التى سنوفرها لو تمت معالجة مشكلة سرعة الإنترنت فى مصر، بهدف توفير خمس ثوان من كل ساعة يقضيها الـ30 مليون مستخدم الحاليين على شبكة الإنترنت فى مصر.

 

 

 

• نعرف أن بيل جيتس وستيف جوبز ومارك زوكربيرج تركوا جامعاتهم للتفرغ لمشاريعهم، هل يمكن أن يكون هذا نموذجا يحتذى فى مصر؟

 

ــ يجيب ضاحكا: ماذا تتوقع أن يكون رد فعل أى أب إذا أبلغه ابنه انه سيترك التعليم من أجل التفرغ لتطوير تطبيق مثل «بيقولك»؟، بالطبع لن يكون هذا الاختيار متاحا فى مصر فى الوقت الحالى، وذلك لعدم وجود مثال أو قصة نجاح مماثلة يكون الهدف هو تكرارها، وقد تكون قصة نجاح باسم يوسف ملهمة لغيره من الشباب، ويظهر بعدها العديد من القصص الناجحة الأخرى حتى ولو استغرق هذا بعض الوقت لكن المهم ان نقتنع بأن الهدف سيتحقق فى النهاية.

 

 

 

• فى رأيك متى سيصل عدد مبادرات ومسابقات ريادة الأعمال لنفس عدد مسابقات اكتشاف الأصوات والمواهب الفنية؟

 

ــ الإجابة فى السؤال، بمعنى أن السبب فى انتشار برامج البحث عن المواهب الغنائية هو العثور على مواهب فنية تم تحقيق دخل كبير من موهبتها، وستنتشر برامج ومسابقات ريادة الأعمال أيضا، عندما يتم اكتشاف موهبة تكنولوجية، فعندما ينجح شخص واحد فى بيع شركته بـ200 مليون دولار لأمازون دوت كوم أو لجوجل ــ على سبيل المثال ــ ستجد العديد من الأشخاص الراغبين فى تقليده، وبالتالى ستجد 10 آلاف مبادرة لدعمهم.

 

دعنى أخبرك بمثال واقعى يتمثل فى بلد تم بناء سمعته فى مجال التكنولوجيا بسبب شركة واحدة، هذا البلد هو ”إسرائيل”، ففى عام 2001 تم بيع شركة ICQ بعشرات الملايين من الدولارات، وبناء على هذه الصفقة تم بناء سمعة على الأشخاص هناك أن لديهم مهارات فنية عالية، لتبدأ بعدها رءوس الأموال تتحول إلى هناك، وهذا يحدث فى مصر ولكن فى مجالى الفن والرياضة، ولذلك لا يمكن أن نتوقع أن تتحول رءوس الأموال لمصر للاستثمار فى مجال العلوم والتكنولوجيا بدون وجود 10 آلاف شاب مثل هيثم الدسوقى.

 

 

 

• وكيف يمكننا تحقيق هذا الهدف؟

 

 ــ الشطارة فى أننا نستمر فى محاولة التغيير حتى نستطيع تحقيق هذا الهدف، والتغلب على الأفكار والأقوال والموروثات العديدة التى اكتسبناها من أهلنا والنظام القديم، مثل «امشى جنب الحيط» و«إن فاتك الميرى» و«يا بخت من بات مغلوب ولابات غالب»، كل هذا يعتبر تراثا رهيبا من الانهزامية، وأى أب لديه طفلان أحدهما دائم السؤال والاستفسار والآخر هادى أو بيسمع الكلام ــ كما يقال دائما ــ والطبيعى أن يحب الأب طفله المطيع، ويعتبر الآخر شقيا، ويجب عليه تقليد أخيه، هذا هو ما يجب تغييره فى المجتمع المصرى، فلولا أننا تربينا على عدم سماع الكلام، وتعلمنا المناقشة وحب المعرفة لكان حالنا الآن مختلفا تماما للأفضل بالطبع، ويجب أن تتوافر العديد من الأشياء لتنفيذ هذا الهدف، أهمها الشفافية والأرقام والبيانات، والأهم هو أن يصارح بعضنا بعضا بالحقيقة.

 

لذلك يجب أن يكون لدينا تصميم رهيب لحل تلك المشكلات وتنفيذ هذا الهدف، وإلا سينال التعب من العدد القليل من الشباب أصحاب الرغبة فى التغيير، ليكون قرارهم بعد ذلك هو السفر خارج مصر، وهنا يكمن الخطر فى استنزاف عقول الوطن.

 

 

 

• وفى رأيك ما هو الدور الذى يجب أن تقوم به الحكومة لمساعدة رواد الأعمال فى قطاع التكنولوجيا؟

 

 ــ بالطبع الشباب فى حاجة للدعم من الحكومة، سواء كان دعما من خلال قوانين أو من خلال خدمات، فعيب أننا نعانى حاليا من مشاكل بطء الإنترنت، وهذه مشكلة يعانى منها كل الفئات فى مصر سواء من لديه القدرة على امتلاك سرعة إنترنت كبيرة، أو العكس، لذا يجب على الحكومة الابتعاد عن التكنولوجيا وفتح باب المنافسة والاعتماد على آليات السوق وفقا لمبدأ العرض والطلب، فسيكون لدينا وقتها خدمة إنترنت جيدة بالشكل المناسب.

 

 

 

• وبم تنصح الشباب الذى لديه أفكار لتطبيقات يمكنها حل المشكلات فى المجتمع، ولكن ليست لديه الخبرة التقنية لتنفيذها؟

 

 ــ عليه بالطبع اللجوء للإنترنت، يستطيع أى شخص تعلم اللغة اليابانية خلال ستة أشهر من خلال الإنترنت فقط، الفكرة هنا تعتمد على الرغبة فى التعلم، والعلم موجود على شبكة الإنترنت مجانا، لكن الأمر يعتمد على كيفية تنظيم وقتك، وهل تقضيه فى التعلم أم فى شىء آخر.

 

كثير من الشباب يحلم بأن يكون بيل جيتس أو مارك زوكربيرج، وقد تكون لديه فكرة جيدة بالفعل، ولكنه مستسلم لفكرة أنه لا يمتلك الإمكانيات الفنية، وقد قابلت العديد من المشاهير حول العالم وعرفت منهم أنهم فى بداياتهم لم يفكروا بأن يكون لديهم شركات بمليارات الدولارات فى يوم من الأيام، لكنهم بدأوا بفكرة لحل مشكلة، وكان همهم الأوحد هو إمكانياتهم الفنية، وهناك فرق بين فكرة عادية وفكرة أخرى تعتمد على خطة عمل وبيانات وموارد وجداول وأرقام.

 

 

 

• وهل يمكن إعطاء نصائح سريعة لكل شخص يفكر فى تقديم فكرة جديدة قد تسهم فى حل مشكلة فى مصر؟

 

ــ أول نصيحة أن يتجاهل الفكرة، ويبدأ فى وضع التفاصيل وتفاصيل التفاصيل، الأمر الثانى هو أن يبحث عن فريق عمل على نفس المستوى العقلى والأخلاقى، الأمر الثالث والأهم هو أن يفشل بسرعة ولا يقلق من الخسائر المالية، وأن يمتلك إرادة حديدية تساعده فى تخطى الفشل عشرات المرات، وقتها سيكتشف أن العالم كله سيعمل على نجاحهم، أو نجاح أى شخص يمتلك مثل هذه المواصفات.

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك