اللي بنى مصر (6).. صدقي سليمان.. أول وآخر وزير لوزارة السد العالي بمصر - بوابة الشروق
الثلاثاء 20 مايو 2025 2:06 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

اللي بنى مصر (6).. صدقي سليمان.. أول وآخر وزير لوزارة السد العالي بمصر

السد العالي
السد العالي
محمد حسين
نشر في: الخميس 7 أبريل 2022 - 10:24 ص | آخر تحديث: الخميس 7 أبريل 2022 - 10:24 ص

بتاريخ حضارتها الممتد لآلاف السنين، واحتضانها وتفاعلها مع الثقافات المحيطة الأخرى، أصبحت مصر أشبه بلوحة فنية بديعة من مكونات عمرانية وعادات أصبحت تشكل تراثًا ثريًا وأصيلًا.

وراء ذلك عقول بشرية صنعتها، ليكون من الجدير بها أن يطلق عليها لقب "اللي بنى مصر"، وتحت هذا العنوان، سنعرض في حلقات مسلسلة بعض ملامح سيرة من شكّلوا لمصر وجهها الحضاري العظيم وتراثها الملهم، وذلك على مدار أيام شهر رمضان المبارك.

وإلى الحلقة السادسة..

تناولنا في الحلقة السابقة قصة بناء وتصميم «برج القاهرة» على يد المهندس «ناعوم شبيب»، الذي كان يمثل مشروعا لدعم وجه مصر الحضاري والجمالي، واليوم نواصل السلسلة بشخصية أخرى كانت صاحبة دور خاص في بناء أحد أكبر المشروعات الاقتصادية في التاريخ الحديث، وهو بناء «السد العالي»، الذي يهدف لحماية مصر من آثار فيضان النيل وتوليد وإنتاج الكهرباء.

تعرض مشروع بناء السد لعدد كبير من المعرقلات، بدأت بسحب البنك الدولي لعرض تمويل عملية البناء، وبعد أن أعلن ناصر تأميم القناة (26 يوليو 1956)؛ لتدخل مصر من بعدها معركة العدوان الثلاثي (فرنسا وبريطانيا وإسرائيل) في أكتوبر من العام ذاته، التي شهدت بسالة منطقة النظير من أبناء مصر في القناة، وواصلت مصر الصمود، ودخلت مسارات المفاوضات الدبلوماسية، ويتم التوصل لاتفاقات مع فرنسا وبريطانيا، ما مهد لقرار مجلس الأمن بإلزام الدول بالانسحاب، وأشرفت الأمم المتحدة على هذا الانسحاب الذي كان آخره من جانب القوات الإسرائيلية في يناير من عام 1957، بحسب موقع مكتبة الإسكندرية.

ومع البدء في عمليات الإنشاء، كانت العقبة الثانية تتمثل في فتور وبطء عمليات التنفيذ، وبات هناك خطر عدم إتمام عملية تحويل مجرى النهر قبل حلول الفيضان في شهر مايو من عام 1964، ما سيكون نتيجته خسائر اقتصادية فادحة، ليتدخل الرئيس عبدالناصر في القضية، ويقول إن الحل في الاستعادة بـ«صدقي سليمان» وهو الضابط المهندس الذي شارك في أعمال هامة، من أبرزها المشاركة في تأسيس المصانع الحربية، وذلك بحسب ما جاء في كتاب «صنايعية مصر» للكاتب عمر طاهر، الذي نشرته «دار الكرمة» في 2017.

ويضيف طاهر، أن الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر قرر إنشاء وزارة منفصلة للسد العالي، وجعل صدقي سليمان وزيراً لها (أول وآخر وزير لتلك الوزارة)، ما صاحبه موقفا طريفا، وهو أن منزل سليمان كانت أمامه محطة أتوبيس، التي فوجئ بإزالتها صباح يوم تكليفه بالوزارة، وبسؤاله عن سبب ذلك، قالوا إنه لغرض أمني، ليطلب إعادة الأمر كما كان «رحمة بالناس»، ويسافر في اليوم التالي لأسوان، ويبقى بها لـ8 سنوات، حتى تمام بناء السد، وكان له طلبان في مهمته، أولهما صلاحيات رئيس جمهورية (في مواقع بناء السد)، والثاني خط تليفون مباشر لمكتب عبدالناصر.

وكانت المجموعة التي يقودها سليمان تضم أكثر من 30 ألف عامل مصري وخبراء روس، ووجد أن «البيروقراطية» هي الأم، ليعلن مبدأ «لا تقدم أوراقا ولكن تكلم»، وهجر مكتبه وبقى في أرض الميدان يستقبل الشكاوى ويقدم الحلول، ومن بينها كانت مسألة الحضور والانصراف (تبديل الورديات)، التي كانت تستنزف وقتا من ساعات اليوم، من التحضيرات والترتيبات، فقرر أن يعمل رئيس كل وردية ساعة إضافية يحضر مبكرا، للتعرف على المطلوب منه والمشكلات التي واجهت ما قبله، ما ساهم في زيادة إنتاجية كل وردية.

وكانت معنويات العمال من أولوياته، فقرر ألا تزيد ساعة عن الـ8 ساعات إلا بأجر مقابل، وألا تمر مرحلة من مراحل الإنجاز دون مكافأة تشجعية تبدأ من 5 جنيهات وتصل لـ100 جنيه.

ولجانب ذلك، خصص أماكن لإقامة أسر العمال المتزوجين، بها مجمعات استهلاكية، وسهل من إجراءات نقل أبنائهم لمدارس أسوان، وكانت الحفلات الترفيهية التي يحييها معظم فناني مصر جزءا من برنامج مشروع البناء.

ولخص سليمان تجربته ورحلته في بناء السد، بأن قال "علّمنا بناء السد أن الصبر لا يكمن في الاستسلام للزمن، ولكن في مقاومته".

اقرأ أيضا:

اللي بنى مصر (5).. ناعوم شبيب.. مهندس مغامر تحدى الطبيعة في بناء برج القاهرة

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك