أسدل مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) الستار على النسخة العاشرة من مسابقة أقرأ، تحت شعار: "أثر القراءة لا يزول"؛ شعار بدا هذا العام أشبه بتأكيدٍ ناعم على حقيقة يعرفها القرّاء جيدًا: أن ما يُقرأ لا يتلاشى بانتهاء الصفحة، بل يمتد أثره في القلب والفكرة والسيرة.
واجتمع ستة قرّاء من العالم العربي — من السعودية والمغرب والجزائر وتونس وليبيا — في فضاءٍ تتجاور فيه النصوص وتتقاطع الأسئلة، ويعلو فيه صوت القارئ بوصفه شريكًا في تشكيل الوعي لا متلقيًا له، حيث قدّم المشاركون قراءاتهم المختارة، وخاضوا مناظراتٍ فكرية، وأجابوا عن أسئلة اختبرت سعة اطّلاعهم ومرونتهم، في مشهد أعاد تعريف معنى أن يكون المرء قارئًا في عالمٍ متغيّر.
وفي ختام الحفل الذي جمع لفيف من المثقفين والأدباء من العالم العربي؛ توّج المشاركة الليبية نسرين أبولويفة بلقب "قارئ العام" باختيار المحكمين للدورة العاشرة من مسابقة أقرأ للعالم العربي، فيما تم تتويج هبة يايموت من المغرب بلقب قارئ العام لأفضل نص، وحظيت سارة بن عمّار من الجزائر بلقب قارئ العام بتصويت الجمهور، فيما نالت لقب القارئ الواعد من السعودية لانا الغامدي، وحازت سحر الجهني على لقب سفراء القراءة، كما فازت مدارس جيل الجزيرة الأهلية بلقب المدرسة القارئة، فيما فاز فريق الادعاء المكوّن من (التونسي أمين شعبان، المغربي يونس البقالي، الجزائرية سارة بن عمّار) بلقب "مناظر العام". لحظات بدت كتتويجٍ لرحلة تتجاوز حدود المنافسة، نحو حضورٍ يتشكّل بالمعرفة والإصرار وشغف القراءة، حيث تصبح الكلمة سندًا والفكرة وطنًا يرافق صاحبه أينما اتجه.
وشهد الحفل حضور الروائي النرويجي "يون فوسه" الحائز على جائزة نوبل للآداب لعام 2023، الذي أضفى بظهوره بعدًا إضافيًا على الفضاء الثقافي للمهرجان، وخلال جلسته، تحدث يون فوسه، مؤكدًا أن الكتابة في جوهرها ليست صنعة بل إنصاتٌ عميق لما يتشكّل في الداخل، قائلًا: " الأدب الذي يعبر الحدود يجب أن يحمل شيئًا جديدًا وفريدًا، وأن يظل دائمًا قادرًا على ملامسة الجميع." وقد بدا حديثه امتدادًا لفلسفة أقرأ.
وعلى امتداد يومين، نسج المهرجان خارطته الثقافية عبر سلسلة فعاليات تنوّعت بين منصات توقيعٍ ولقاءاتٍ مع كتابٍ ومفكرين إلى عروضٍ شعرية، وجلساتٍ حوارية، ونقاشاتٍ أعادت وصل الجمهور بالقراءة، كما استحضرت الفعالية الفنية "على ضفاف وعدٍ قديم" عالم الراحل "غازي القصيبي" بمشاهدٍ استثنائية ومعاصرة، في حين أتاحت "ورشة قراءة النص الأدبي" و"توأمك الأدبي" للزوار الفرصة لاكتشاف ميولهم القرائية، فيما امتدت دوائر الفعاليات لتشمل "معرض أقرأ" و"الكتبية" و"ماراثون أقرأ" في تأكيد على أن القراءة فعل جماعي لا ينفصل عن الحياة اليومية.