فتاوى رمضان.. حكم استعمال الكرسي بدلا من الجلوس على الأرض في الصلاة - بوابة الشروق
الأربعاء 30 أبريل 2025 7:08 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

فتاوى رمضان.. حكم استعمال الكرسي بدلا من الجلوس على الأرض في الصلاة

دار الإفتاء
دار الإفتاء
بوابة الشروق
نشر في: الجمعة 10 يوليه 2015 - 11:58 ص | آخر تحديث: الجمعة 10 يوليه 2015 - 11:58 ص

• «بوابة الشروق» ترصد 30 فتوى رمضانية من «دار الإفتاء» - (23)

تحرص دار الإفتاء المصرية على عرض الفتاوى الصادرة عنها من خلال موقعها على الإنترنت، وتتيح للجمهور أن يطرح أسئلته لتقوم بالرد عليها من خلال أمانة الفتوى أو أحد مشايخها.

رصدت «بوابة الشروق» 30 فتوى رمضانية تجيب على أسئلة تدور في ذهن الكثير من المسلمين كل عام.

23- ما حكم استعمال الكرسي بدلا من الجلوس على الأرض لمن لا يستطيع الصلاة وقوفا؟

الجواب من قسم «أمانة الفتوى» بدار الافتاء:
القيام ركنٌ في صلاة الفريضة لمن يقدر عليه؛ لقوله تعالى: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾] البقرة: 238]. فإذا لم يستطع المصلي القيامَ أو شقَّ عليه مشقَّةً شديدةً جاز له الصلاة قاعدًا، وكذلك الحال في حقِّ الصحيح في صلاة النافلة مع نقص أجرها بالنسبة له، وسواءٌ جلس القاعد على الأرض أم جلس على شيء مرتفع عنها، فكل ذلك جائزٌ له شرعًا؛ إذْ إنَّ الشرعَ الشريف لم يفرِّق في هذا المقام بين الجلوس على الأرض والجلوسِ على شيءٍ مرتفعٍ عنها، والقعودُ في الصلاة لمن يُرَخَّصُ له فيه يستوي فيه الأمرانِ، ولم يَقُل بالتفريق بينهما أحدٌ من علماء المسلمين على مرِّ العصور والدهور.

والحديث المبيح للصلاة حال القعود -لمن له عذرٌ مطلقًا، أو لمن ليس له عذرٌ في صلاة النافلة، هو حديثٌ صحيح، أخرجه البخاري في صحيحه عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- قَالَ: كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، عَنِ الصَّلاَةِ، فَقَالَ: صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ. فإباحة القعود للمُصَلِّي جاءت مطلقةً في الحديث النبوي الشريف، والمطلق يحتمل كل الأحوال والهيئات، فلا يجوز تخصيصه بحالٍ دون حال إلا بدليلٍ شرعيٍّ، والقعودُ في اللغة يكون عن قيام، وليس من ماهيته أن يكون على الأرض؛ قال العلامة اللغوي أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا في معجم مقاييس اللغة (مادة: جلس): إِذَا كَانَ قَائِمًا كَانَتِ الْحَالُ الَّتِي تُخَالِفُهَا الْقُعُودَ" اهـ

ولفظ القَعود يستخدم وضعًا في لغة العرب اسمًا للمركوب عليه من الإبل على وجه التعيين، والجِلْسة عليه لا تختلف في هيئتها عن جِلْسة الكرسي؛ قال العلامة الخليل بن أحمد الفراهيدي في كتاب العين (مادة: قعد) والقُعْدَةُ: ما يَقْتَعِدُهُ الرجُلُ من الدَّوابِّ للرُّكُوِبِ خاصة. والقَعُود والقَعُودَةُ من الإبلِ: ما يَقْتَعِدُها الراعي فَيْركَبُها ويَحْمِلُ عليها زاده. ويُجْمَعُ على القِعْدانِ.

ولقد أباح الشرع الشريف الصلاة بالقعود على الراحلة في نفس موضع إباحة صلاة القاعد، وهو التنفُّل مطلقًا، فهذا قعودٌ وهذا قعود، ولا فرق بينهما؛ فقد أخرج البخاري في صحيحه عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ، وأخرج عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَيُوتِرُ عَلَيْهَا، وَيُخْبِرُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَفْعَلُهُ. وأخرج عن عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ- وَهُوَ عَلَى الرَّاحِلَةِ يُسَبِّحُ، يُومِئُ بِرَأْسِهِ قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ- يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي الصَّلاَةِ المَكْتُوبَةِ.

وأخرج مسلم في صحيحه عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ.

ونقل الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/ 574، ط. دار المعرفة) قول ابن التين: قوله حيث توجهت به مفهومُه أنه يجلس عليها على هيئته التي يركبها عليها، ويستقبل بوجهه ما استقبلته الراحلة. اهـ
وقال العلامة بدر الدين العيني في شرح سنن أبي داود (5/ 92- 93، ط. مكتبة الرشد):وقال صاحب المحيط: الصلاة على الراحلة أنواعٌ ثلاثة: فريضة، وواجب، وتطوُّع، أما الفرض لا يجوز على الدابة إلا من ضرورة، وهو تعذُّر النزول لخوف زيادة مرض، أو خوف العدو والسبع، فيجوز أن يصلي على الراحلة خارج المصر إيماءً، ويجعل السجود أخفضَ من الركوع، وكذلك الصلاة الواجبة، كصلاة الجنازة، والتطوُّع الذي وجب قضاؤه بالإفساد، وكالوتر عند أبي حنيفة، وكذلك الصلاة المنذورة،.. وأما التطوع فيجوز على الدابة خارج المصر مسافرًا كان أو مقيمًا، يومئ حيثما توجهت الدابة، ولا يمنعه نجاسة السرج والركابين، ونجاسة الدابة مطلقًا، وأما المصر فلا يجوز فيه عند أبي حنيفة، وعند محمد يجوز ويكره، وعند أبي يوسف يجوز ولا يكره، وبه قال أبو سعيد الإصطخري من أصحاب الشافعي، وهو محكيٌّ عن أنس بن مالك" اهـ.

والهيئة التي يتحقق بها القعود هي قيام النصف الأعلى من الإنسان، فإن الفرق بين القيام والقعود في الصلاة أن القيام المطلق إنما يكون باستواء الشق الأعلى والأسفل، والشق الأعلى أصل؛ لأن الآدمي لا يعيش إلا به، والشق الأسفل تبع؛ لأنه يعيش بدونه، ولذا تكون صلاة التطوع مشروعةً عند قيام النصف الأعلى فقط وهو هيئة القعود، فإذا صلى الشخص قاعدًا فقد صلى؛ لتحقُّق قيام النصف الأعلى -كما في الصلاة على الراحلة- وهو الشرط، فأجزأه. صرَّح بهذا الفرق العلامة أبو المعالي برهان الدين البخاري الحنفي في المحيط البرهاني في الفقه النعماني (1/ 296، ط. دار الكتب العلمية) وهو يذكر وجه مشروعية تكبيرة الإحرام للمصلي قاعدًا حال قعوده، مع أن الأصل فيها اشتراطُ القيام لها. ولقد فهم العلماء هذا المعنى بداهةً؛ فإن وصف القعود صدق على المصلي القاعد على الراحلة كما صدق على المصلي القاعد على الأرض، وهو يصدق على المصلي القاعد على الكرسي.

ولذلك فإن كبار فقهاء المذاهب المتبوعة نصُّوا على إباحة القعود في الصلاة في مواضعه على أيِّة هيئةٍ كانت، ما دام قد تحقق القعود في أصله، وهو مذهب السادة الحنفية، وعلَّلوا ذلك بأنه لما جاز للمُصَلِّي تركُ أصل القيام فترك صفة القعود أولى، وبأن العذر يُسقط عنه الأركان، فلأن تسقط عنه الهيئات أولى.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك