- «الاتحاد العام للنقابات» ينفذ تعليمات الوزراء ولا يعبر عن العمال
- مئات الشكاوى فى حقه بالفساد لم تتحرك حتى الآن
- الحكومة تضغط لتكبيل حركة العمال المستقلة
- لم يعد مقبولا تصوير النقابات المستقلة على أنها كيانات غير شرعية
- لن نكون لقمة سائغة لأحد.. وسيشهد رصيف البرلمان احتجاجات واعتصامات يومية قريبًا
غضب غير مسبوق سيطر على قيادات النقابات العمالية المستقلة أخيرا، بعد أن كلف رئيس الحكومة شريف إسماعيل، فى كتابا دوريا الوزراء بالتنسيق مع الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، وتفعيل دوره أمام ما يعرف بالنقابات المستقلة، وتزايد هذا الغضب عقب خروج التنظيمات النقابية المستقلة من الانتخابات البرلمانية بلا مقاعد، في حين حصد اتحاد نقابات عمال مصر (الحكومي) 8 مقاعد 5 منهم على قائمة في حب مصر، ما عزز التخوفات من استغلال قيادات الاتحاد البرلمان فى القضاء نهائيًا على وجود النقابات المستقلة.
"الشروق" حاورت المنسق العام لدار الخدمات النقابية وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان كمال عباس، بصفته أحد رواد حركة للتنظيمات العمالية المستقلة، للوقوف على المشهد ومعرفة سبب الغضب وإلى أين تسير الأمور بالنقابات المستقلة في مواجهة ما وصفه بالحرب الشرسة عليها.
بداية.. لماذا كل هذا الغضب الذي سيطر على النقابات المستقلة بعد توجيهات رئيس الحكومة؟
في الحقيقة، إن توجيهات رئيس الوزراء التي صدرت بتعليمات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، تضمن شقين أحدهما جيد وهو التعامل مع المشاكل العمالية ومعالجتها قبل تفاقمها، والرصد المبكر لها مما يزيد من فعالية لجان الحوار والمفاوضة الجماعية وسير العملية الإنتاجية، أما الشق السيء فهو أن كتاب إسماعيل للوزراء قال إن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر هو الوحيد الذي يمكن التعامل معه والتفاوض معه في المشاكل العمالية، ووصف النقابات المستقلة بعناصر إثارة الفوضى.
وهل لهذا الكتاب دلالة معينة لديكم ؟
بالتأكيد، فإن إصدار رئيس الحكومة لهذا الكتاب بشكل صريح ومساعدة الاتحاد الحكومي في حملته التي يشنها ضد القيادات العمالية المستقلة، هو توجه فاشل يستنسخ نفس سياسات نظام حسني مبارك التي أنتجت فشلًا ذريعًا أغضب العمال وكان سببًا في الإطاحة بحكمه.
الدولة استندت على اتحاد العمال الذي تديره لجنة إدارية تم تعيينها عام 2011، في مواجهة المشاكل العمالية، وهي لا تعلم أنه لا يعبر عن العمال ولا يعرف عنهم شيئًا، لكنه أمهر ما يكون في تنفيذ ما يؤمر به من قبل السلطة التنفيذية، وهذا أمر خطير جدا من شأنه أن يقلب الطاولة رأسًا على عقب إذا ما لم يشعر العمال بالأمان وبوجود من يدافع عنهم وينتصر لحقوقهم.
وكيف ترى وضع التنظيمات النقابية المستقلة في ظل هذا المشهد؟
النقابات المستقلة فى موقف لا تُحسد عليه، فهى تعاند الأمواج للوصول إلى الشاطئ، ففى الوقت الذى تواجه فيه تشويها من قيادات الاتحاد الحكومى ومهاجمتها فى الإعلام، والتعامل مع المستقلين على أنهم ليس لهم مهمة سوى تقليب العمال على الدولة بهدف تفكيك نقاباتهم، اعتداء واضح على الحريات النقابية ومخالفة صارخة للمادة رقم 76 من الدستور بشأن الحرية في تأسيس النقابات.
وعلى الحكومة إذا ما أرادت الخروج من الأزمة الحالية بنتائج إيجابية أن تتفاوض مع النقابات والعمال وليس محاربتهم وخوض حربًا ستكون هي الخاسرة فيها بكل تأكيد.
تقصد أن الحكومة تشن حربًا ضد النقابات المستقلة؟
بكل تأكيد فإن الإدارات الحكومية تدعو عمالها لعدم التعامل مع المستقلين، بحجة عدم مشروعيتهم وتتخذ إجراءات تعسفية ضد قياداتهم، والحكومة تقف بشدة ضد النقابات المستقلة وتحاربها لأنها حكومة معادية للديمقراطية، فضلا عن ضغطها كغيرها من الحكومات السابقة منذ عهد مبارك، على العمال فى الشركات لإخماد صوتهم وتكبيل تحركات نقاباتهم المستقلة والتنكيل بالقيادات العمالية التي تقود الاعتصامات من خلال تعقبهم والتحقيق معهم بل وحبسهم.
وهل أثرت هذه الضغوط على النقابات المستقلة؟
لابد أن يكون لحملات التشويه هذه والتقييد الحكومي لأنشطة التنظيمات المستقلة دور في إضعاف دورها خلال الفترة الأخيرة، بعدم إعطائها شرعية الوجود والتكوين والمفاوضة وفقا للدستور، واتحاد العمال المعادي للعمال استغل توجيهات رئيس الوزراء لكسب ود الحكومة والنظام على حساب "الغلابة".
وماذا ستفعل النقابات المستقلة في مواجهة ذلك؟
دعونا لاجتماع موسع اليوم الجمعة تحت عنوان "النقابات المستقلة .. نشأت بإرادة عمالية وستظل"، يحضره ممثلو النقابات المستقلة في كافة المحافظات لوضع خطة شاملة ترتكز على خطوات جادة لمواجهة الهجمة الشرسة عليهم.
ولم يعد مقبولًا تصوير النقابات المستقلة على أنها كيانات غير شرعية ولدت بليل وأن أعضاءها مجموعة من الأشرار الذين يعملون ضد مصلحة الوطن، مؤكدة أنها نشأت لحاجة نقابية قوية كانت غائبة خلال سنوات طويلة وأدركها العمال ولن يتخلوا عنها.
البعض يربط بين تحركاتكم هذه ودعوات المشاركة في ذكرى 25 يناير المقبل؟
تحركنا بعقد اجتماع تنظيمي وما يترتب عليه من قرارات يأتي للرد على كتاب مجلس الوزراء بعد الاعتداء على حرياتنا وتشويه سمعتنا وتحطيم كياناتنا، والتوقيت مسئول عنه مجلس الوزراء، لكن النقابات المستقلة لن تكون لقمة سائغة لأحد.
ولماذا تقول إن اتحاد عمال مصر (الحكومى) معادٍ للعمال؟
اتحاد العمال متواطئ بكل المقاييس بدليل ما حدث لعمال مصر والشركات على مدى 30 سنة مضت، تمثلت فى خصخصة وبيع أملاك الدولة وهناك اتهامات بسمسرة الاتحاد فيها والسكوت عنها، فضلا عن خروج مئات الآلاف من العمال للمعاش المبكر إجبارا وإغلاق شركات أخرى، وهناك مئات الشكاوى فى حق الاتحاد بالفساد لدى النيابة العامة ولم تتحرك حتى الآن فى مشهد غريب، بعضها رُفع من خارج الاتحاد والبعض من قيادات داخله، بعد خصومات بينهم واتهامات بالسرقة.
لكن البعض يعيب عليكم عدم الاهتمام بتخريج جيل ثاني وثالث للقيادات النقابية المستقلة؟
على العكس تمامًا، فإن إحدى الظواهر الإيجابية في النقابات المستقلة دفعها بالأجيال الشابة في العمل النقابي والدفاع عن الحقوق العمالية حتى أصبحوا بالمئات في حين لم يكونوا يتجاوزوا في التسعينات 50 شخصًا.
كذلك فإن من ضمن الظواهر الإيجابية خروج المرأة النقابية للدفاع عن حقوق المرأة العاملة ودورها في المجتمع ومثال على ذلك المؤتمر الدائم للمرأة.
بعد اكتمال الانتخابات البرلمانية .. كيف ترى المشهد ؟
البرلمان.. لا أعتقد أنه يعبر عن الشارع المصري نهائيًا ولن يعبر عنه في يوم من الأيام بسبب ما شهدناه من ظواهر سلبية شهدتها العملية الانتخابية، تمثلت في تفشي المال السياسي والرشا الانتخابية والتجاوزات في توجيه الناخبين، كما أني لا أعوِّل عليه كثيرًا في الانتصار لحقوق العمال لعدم تمثيلهم بمجلس النواب.
لكن 8 أعضاء عن الاتحاد الرسمي حصدوا مقاعد بالبرلمان؟
بنبرة ساخرة: ومنذ متى كان يدافع اتحاد العمال عن مريديه؟! في الحقيقة أن أعضاء الاتحاد وصولوا على البرلمان على قائمة "في حب مصر"، حتى إن المستقلين منهم لم يفوزوا بمقاعد في دوائرهم لعدم ثقة العمال بهم.
هناك تخوفات من استغلال الاتحاد وجوده في البرلمان في القضاء على النقابات المستقلة خاصة بقانون الحريات النقابية .. ما رأيك؟
أعتقد أن هذه التخوفات سليمة بدرجة كبيرة والاتحاد الحكومي سيسعى بكل قوة للتخلص من كل ما أنتجته ثورة الحرية في 25 يناير 2011 ضد الفساد، والتى أطاحت به ونفخر بأن نكون نتاجًا لها.
أما عن قانون الحريات النقابية فمن الطبيعي أن يحاول ممثلو الاتحاد بالبرلمان تشويه القانون أو تأخيره للنيل من النقابات المستقلة، لكن القانون لابد وأن يتوافق مع المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر وكذلك الدستور المصري.
هل تسعون للحصول على مساندة حزبية من الأحزاب التي تهتم بالشأن العمالي في هذه القضية؟
الأحزاب التي فاز عدد كبير من أعضائها بالبرلمان لا تمتلك أجندة اجتماعية واضحة وما يشغلها هو ضم أكبر عدد من النواب للسيطرة السياسية وتشكيل الحكومة، ولذلك فإن العمال لن يجدوا من يدافع عنهم داخل البرلمان وسيشهد رصيف مجلس النواب احتجاجات واعتصامات يومية قريبًا.
كما أثر التضييق الذي شهدته الأحزاب السياسية أخيرًا على فعاليتها واهتمامها بشئون العمال، وعلى منظمات المجتمع المدني جميعًا والأحزاب، النهوض للدفاع عن الدستور المصري واحترامه لحقوق المواطنين والموظفين والعمال، وهذا هو الطريق الوحيد لوجود استقرار مجتمعي وبناء دولة مدنية نحلم بها.
كثيرون يتهمونكم بالتحريض على تعطيل العمل وعلى رأسها الحكومة بحسب كلامكم .. فما ردك؟
اتهام النقابات المستقلة بتحريض العمال على الإضراب فى الشركات بهدف تعطيل العمل ادعاء غير حقيقى هدفه التشويه، فالإضراب عبارة عن وسيلة لبلوغ المنال بالحصول على الحقوق، لكن ليس هدفا فى حد ذاته، وتلاقى النقابات المستقلة قبولا كبيرا وسط العمال فى الشركات لأنهم لم يجدوا من يسمعهم أو يتحدث باسمهم ولو كان عندنا اتحاد حقيقي منتخب من العمال ويمثلهم لا يمثل السلطة، لكان شارك في حل هذه المشكلات دون الوصول لمرحلة الإضراب وتعطيل الإنتاج، لذلك فهذه الاتهامات شرف لنا.
كيف تابعت حكم الإدارية العليا أخيرًا بالحق فى الإضراب السلمي للعاملين بالدولة؟
الحكم قدم الحماية الحقيقية للعاملين في الدولة وحقهم في الإضراب وهناك فارق كبير بين الإضراب والتخريب وأغلب دول العالم تكفل الإضراب لكنها تعاقب فى ذات الوقت المخربين، كما أن الحكم عالج ضمنيًا الحكم الذي فصل على إثره 3 موظفين بعد أن قضى بأن الإضراب مخالف للشريعة الإسلامية.