من مذكرات نجيب محفوظ: أنا مش بتاع سلطة.. لكنى لم أكن نائما في العسل - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 11:54 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من مذكرات نجيب محفوظ: أنا مش بتاع سلطة.. لكنى لم أكن نائما في العسل

سامح سامى
نشر في: الجمعة 11 ديسمبر 2020 - 9:39 م | آخر تحديث: الجمعة 11 ديسمبر 2020 - 9:39 م

نجيب محفوظ لم يدخل معتقلات عبدالناصر أو السادات، بسبب الانتقادات الصريحة التى كان يوجهها عن طريق رواياته، إلا أنه لم يكن بعيدا عن المخاطر أو «نائما فى العسل» ــ حسب وصف الأديب الكبير لرجاء النقاش فى كتابه «صفحات من مذكرات نجيب محفوظ»، الصادر عن دار الشروق. محفوظ أكد للنقاش، خلال فصول الكتاب المهم والذى يعد مرجعا لسيرة محفوظ الذاتية، أنه فى مرات كثيرة كاد يتعرض لمشاكل جدية تحد من حريته الأدبية والشخصية معا. أولى هذه المرات كانت بسبب قصة قصيرة نشرها محفوظ فى الأهرام بعنوان «سائق القطار»، وبعد النشر سرى همس فى أوساط المثقفين، بأنه كان يقصد عبدالناصر، والقصة تدور حول سائق قطار يفقد صوابه، ويتسبب فى حادث تصادم مروع، وكان التفسير السائد أن محفوظ يشير إلى أن عبدالناصر يقود مصر إلى كارثة. لكن أنقذه من ورطة الاعتقال مقال كتبه محمد فريد أبوحديد رئيس تحرير مجلة الثقافة ــ ولم يكن بينه وبين محفوظ سابق معرفة ــ توصل فيه إلى أن القصة ترمز للصراع بين الشرق والغرب.
وفى الفصل الذى حمل عنوان «متاعبى مع السلطة»، أشار محفوظ إلى أن أغلب معاناته كانت مع إدارة الأهرام، حيث رفض الأستاذ محمد حسنين هيكل نشر رواية «المرايا» فنشرها رجاء النقاش فى مجلة الإذاعة والتليفزيون؛ حيث كان رئيسا للتحرير. واستأذن وقتها الأستاذ محمد فائق وزير الإعلام فى نشر الرواية فأذن له، وتم نشر الرواية من أول مايو سنة 1971، كما رفض الأستاذ أحمد بهاء الدين عندما كان رئيسا لتحرير الأهرام نشر رواية «الحب تحت المطر» فنشرها أيضا رجاء النقاش فى مجلة الشباب (التى كانت تصدر عن وزارة الشباب عندما كان وزيرها الأستاذ أحمد كمال أبو المجد وكان فى أواخر سنة 1972، وليست مجلة الشباب التابعة لمؤسسة الأهرام)، بعد أن حذفت منها الرقابة أشياء كثيرة.
أما رواية «الكرنك» فقد كانت أكثر الروايات التى عانيت فى نشرها. هكذا يؤكد محفوظ، قائلا: «قدمتها إلى الأستاذ محمد حسنين هيكل، وبعد أن قرأها ظن أنها هجوم مباشر على عهد عبدالناصر، فحمل أصول الرواية، وذهب إلى مكتب توفيق الحكيم يشكونى إليه، وقد حكى لى الحكيم استنكار هيكل لما جاء فى الرواية وقال له: «يرضيك كده.. خد شوف نجيب باعت لى إية؟!».
أما قصة الرقابة مع «الكرنك»، فكانت هكذا حسب رواية محفوظ للنقاش: «كنت أجلس فى مقهى ريش عندما سمعت أخبار المعتقلات والقصص التى تروى عما حدث للمعتقلين السياسيين فى سجون عبدالناصر، وقد تألمت كثيرا مما سمعت، وقلت فى نفسى إن الكتابة عن هذا الموضوع مغامرة، وأغلب الكتّاب سيجدون رهبة وخوفا من إثارته حتى لا يتعرضوا للأذى، فلماذا لا أكتب أنا عنه؟ إننى لم أعش تجربة الاعتقال ولا أعرف تفاصيلها. ولكننى اقتنعت بإمكانية سرد الأحداث على لسان الراوى. وعندما انتهيت من كتابة «الكرنك» قدمتها إلى عبدالحميد جودة السحار لإصدارها من مكتبة مصر. وكان الأسلوب المتبع فى ذلك الحين أن تقوم دار النشر بجمع الرواية وإرسالها إلى الرقابة، وكان الرقيب ــ آنذاك ــ هو طلعت خالد، وكان يداوم الاتصال بى تليفونيا بصفة شبه يومية ليطلب حذف فقرة أو تغيير جملة أو يبدى اعتراضا على رأى معين، وهكذا إلى أن تم طبع الرواية، فاكتشفت أنه تم تشويهها، وأن الأصل مختلف تماما عن النسخة التى طبعت وظهرت فى المكتبات، واعترضت وطلبت من السحار وقف عملية النشر، ولكنه أقنعنى أن الوقف معناه خسارة مادية كبيرة له». وقال محفوظ إنه سلم أمره إلى الله ووافق على ظهورها بهذا الشكل المشوه. إذن الروايتان «الكرنك»، و«الحب تحت المطر» هما العملان الروائيان الوحيدان اللذان ظهرا بهذه الصورة الناقصة، حيث يختلف الأصل إلى حد ما عن الصورة التى ظهرت للناس، وتأسف محفوظ حيث إنه لا يملك أصول الروايتين لكى يعيد نشرهما كاملتين من جديد، حسب تأكيده فى المذكرات التى كانت نتاج نقاش بين محفوظ والنقاش استمر 18 شهرا فى مقهى «على بابا» المطل على ميدان التحرير.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك