من المتوقع أن تعلن مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أفريقيا قريبا إن كانت ستصنف جدري القرود، أو ما اصطلحت منظمة الصحة العالمية على تسميته إم بوكس، باعتباره حالة طوارئ صحية عامة على مستوى القارة، بسبب انتشاره السريع في وسط أفريقيا وشرقها.
إن تفشي جدري القرود الحالي يثير القلق أكثر هذه المرة من التفشي السابق لأنه ينطوي على متحور جديد من المرض، يقول الخبراء إنه أكثر التحورات التي رأوها على الإطلاق.
ما مدى شيوع جدري القرود وفي أي البلدان يظهر؟
مرض جدري القرود يسببه فيروس جدري القردة. وهو ينتمي إلى نفس مجموعة الفيروسات التي تسبب الجدري (ولكنه أقل ضررا بكثير).
كان الفيروس في الأصل ينتقل من الحيوانات إلى البشر، ولكنه الآن ينتقل أيضا بين البشر.
وهو أكثر شيوعا في القرى النائية في الغابات المطيرة الاستوائية في أفريقيا، في دول مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية.
في هذه المناطق، توجد آلاف الحالات ومئات الوفيات بسبب المرض كل عام- مع إصابة الأطفال دون سن 15 عاما بشكل أسوأ.
وتوجد سلالتان رئيسيتان متداولتان من الفيروس.
"الفئة الأولى" متوطنة في وسط أفريقيا. وهذه "الفئة" هي النوع الجديد الأكثر ضراوة من الفيروس، الذي يشارك في تفشي المرض الحالي.
وتقول مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أفريقيا أنه كانت توجد أكثر من 14500 إصابة بجدري القرود، وأكثر من 450 حالة وفاة بسببه بين بداية عام 2024 ونهاية يوليو وهذا يمثل زيادة بنسبة 160 في المئة في الإصابات وزيادة بنسبة 19 في المئة في الوفيات مقارنة بنفس الفترة في عام 2023.
وبينما تظهر 96 في المئة من حالات الإصابة بجدري القرود في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أخذ المرض ينتشر إلى العديد من البلدان المجاورة، مثل بوروندي وكينيا ورواندا وأوغندا- حيث لا يكون متوطنا عادة.
وتسببت سلالة أخف من جدري القرود تسمى "كليد 2"، وتوجد في غرب أفريقيا، في تفش عالمي في عام 2022.
وانتشر المرض إلى ما يقرب من 100 دولة، من بينها دول في أوروبا وآسيا، لا ترى الفيروس عادة، ولكن سيطر عليه من خلال تطعيم الفئات الضعيفة.
وهناك ضعف في الوصول إلى لقاحات وعلاجات جدري القرود في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويشعر مسؤولو الصحة بالقلق إزاء انتشار المرض.
ما أعراض المرض؟
تشمل الأعراض الأولية الحمى والصداع والتورم وآلام الظهر وآلام العضلات.
بمجرد أن تنخفض درجة الحرارة، يمكن أن يظهر طفح جلدي، وغالبا ما يبدأ على الوجه، ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، ويكون هذا أكثر شيوعا على راحة اليدين وباطن القدمين.
ويتغير الطفح الجلدي، الذي قد يكون شديد الحكة أو مؤلما، ويمر بمراحل مختلفة قبل أن يتحول أخيرا إلى قشرة، تسقط لاحقا. ويمكن أن تسبب الجروح ندبات.
وتختفي العدوى عادة من تلقاء نفسها، وتستمر من 14 إلى 21 يوما.
ويمكن أن تهاجم الجروح في الحالات الخطيرة الجسم بالكامل، وخاصة الفم والعينين والأعضاء التناسلية.
كيف ينتشر المرض؟
ينتشر جدري القرود من شخص لآخر من خلال الاتصال الوثيق مع شخص مصاب- من خلال ممارسة الجنس مثلا، وملامسة الجلد للجلد، والتحدث أو التنفس بالقرب من شخص آخر.
ويمكن أن يدخل الفيروس الجسم من خلال الجلد المصاب، أو الجهاز التنفسي، أو من خلال العينين، أو الأنف، أو الفم.
ويمكن أن ينتشر أيضا من خلال لمس الأشياء الملوثة بالفيروس، مثل الفراش والملابس والمناشف.
ومن الطرق الأخرى الاتصال الوثيق بالحيوانات المصابة، مثل القرود والجرذان والسناجب.
وخلال تفشي المرض العالمي في عام 2022، كان انتشار الفيروس في الغالب من خلال الاتصال الجنسي.
إن تفشي المرض الحالي في جمهورية الكونغو الديمقراطية يكمن وراءه الاتصال الجنسي، ولكن عثر عليه أيضا في مجتمعات أخرى.
من هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة؟
توجد معظم الحالات غالبا لدى الأشخاص النشطين جنسيا والرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال. ويمكن أن يكون الأشخاص الذين لديهم العديد من الشركاء الجنسيين الجدد أكثر عرضة للخطر.
ويمكن أن يصاب بالفيروس أي شخص على اتصال وثيق مع شخص مصاب بأعراض، بما في ذلك العاملون الصحيون وأفراد الأسرة.
والنصيحة الواجبة هي تجنب الاتصال الوثيق مع أي شخص مصاب بجدري القرود، وتنظيف يديك بالماء والصابون إذا كان الفيروس في مجتمعك.
ويجب على المصابين بالمرض عزل أنفسهم عن الآخرين حتى تختفي جميع جروحهم.
وتقول منظمة الصحة العالمية إنه يجب استخدام الواقي الذكري كإجراء احترازي عند ممارسة الجنس لمدة 12 أسبوعا بعد الشفاء.
كيف يمكن علاجه؟
يمكن أن يكون الدواء المصمم لعلاج الجدري مفيدا أيضا لعلاج جدري القرود، ولكن البحوث بشأن مدى فعاليته لا تزال محدودة.
ويمكن السيطرة على تفشي المرض عن طريق منع العدوى- وأفضل طريقة للقيام بذلك هي اللقاحات.
وهناك ثلاثة لقاحات موجودة ولكن لا يستطيع الحصول عليها سوى الأشخاص المعرضين للخطر، أو الذين كانوا على اتصال وثيق بشخص مصاب.
ولا توصي منظمة الصحة العالمية حاليا بتطعيم السكان بالكامل.
وهناك حاجة إلى المزيد من التجارب للقاحات المضادة لسلالات جدري القرود الجديدة لفهم مقدار الحماية التي توفرها.
وطلبت منظمة الصحة العالمية في الفترة الأخيرة من مصنعي الأدوية طرح لقاحات جدري القرود الخاصة بهم للاستخدام في حالات الطوارئ، حتى لو لم تكن هناك موافقة رسمية على هذه اللقاحات في البلدان التي تحتاج إليها.