يعكف المدرس الستيني المتقاعد، علي فرسي، على رعاية مزرعة البطاطس الرملية الخاصة به بمنطقة غار الملح على الساحل؛ إذ يؤدي نفس النشاط الذي قام به أجداده النازحين من الأندلس إبان سقوطها منذ 3 قرون مضت، ليؤسسوا حينها أحد أكثر الأنظمة الزراعية عبقرية، بأقل كميات من المياه، ليصبح هذا النظام القديم درسا هاما لدول شمال إفريقيا التى تواجه مستقبل جاف مع التغير المناخى.
ووفقا لفرانس برس، تبلغ مساحة المزارع الرملية في تونس 200 هكتار يقتات منها 300 مزارع تونسي وتتركز معظمها في غار الملح.
ويقول فرسي إن البحر مهم للمزارع الرملية؛ إذ يعمل وكأنه أم ترضع صغارها حين يرفع موج البحر المياه الجوفية الخفيفة لسطح التربة فترتوي منها الزراعة.
وصنفت منظمة الفاو التابعة للأمم المتحدة، المزارع الرملية، كإحدى طرق الزراعة التراثية المهم الحفاظ عليها، ومع ذلك لم تمنح السلطات التونسية الشهادات اللازمة لمنتجات الزراعة الرملية، ما شكل عائقا لمزارعيها فى عملية بيع المحاصيل.
وتعمل المزارع الرملية دون وسائل الرى الحديثة، معتمدة فقط على حركة المد والجزر، ولكن مجموع محصولها السنوي من البطاطس والثوم والخس، بلغ نحو 22 طنا.
وتواجه الزراعة الرملية، تحديات التغير المناخى من شح مياه الأمطار التى تشكل المياه الجوفية بجانب ارتفاع مستوى سطح البحر الذي تحتاج الزراعة أن لا تمتص مياهه المالحة كي تستمر بالحياة.
ويأتي تهديد الزحف العمراني على مناطق الزراعة الرملية إذ يقول فرسي "يضعف الكثيرون من الجيل الجديد أمام إغراءات بيع أراضيهم الساحلية للقرى السياحية، تزامنا مع عزوف آخرين عن مواصلة نشاط الزراعة والذهاب إلى المدينة.
وتقول روضة غفرجى المتخصصة بالتغير المناخى، إن استمرار ذلك التراث صعب مع تحديات التغير المناخى ولكن من المهم استغلال أي فرصة للإبقاء عليه، لا سيما وأنه الوسيلة الأنسب لترشيد استخدام المياه في تونس التى تستهلك 80% من مياهها على ري المحاصيل.