كتب ــ إسماعيل الأشول وأحمد عبدالحكيم وهدى الساعاتى:
- مشاركة لافتة للصين فى أعمال «المؤتمر الدولى الثالث لمكافحة التطرف» بالإسكندرية
- دحروج: 8 آلاف مقاتل فى «داعش» ينتمون للمغرب العربى
- سراج الدين: المواجهة العسكرية ضرورة.. ونعمل جاهدين لمواجهة الفكر بالفكر
بمشاركة دولية وعربية واسعة، أطلقت مكتبة الإسكندرية، مساء أمس، أعمال مؤتمرها الدولى الثالث لمكافحة التطرف، والذى يستمر ثلاثة أيام تنتهى عصر الخميس، بجلسة ختامية يشارك فيها مفتى الديار المصرية السابق الشيخ على جمعة.
المؤتمر الذى يحمل شعار «العالم ينتفض.. متحدون فى مواجهة التطرف»، شهد مشاركة دولة الصين لأول مرة.
وقال مدير المكتبة اسماعيل سراج الدين أمام الجلسة الافتتاحية إن التطرف بات ظاهرة كونية، وإننا على يقين بأن مستقبل العالم رهن بالانتصار فى هذه المعركة من أجل التأكيد على قيم الاستنارة والتنوع والفهم الرحب فى مواجهة الغلو والتشدد وضيق الأفق.
وأضاف: نؤمن بأن المواجهة العسكرية والأمنية للجماعات المتطرفة ضرورة للحيلولة دون وقوع أحداث إرهابية، ولكن أيضا نؤمن ونعمل جاهدين لتحقيق المواجهة الفكرية ضد الأفكار الضالة المضللة التى تدعو إلى التطرف، ودورنا أن نواجه الفكر بالفكر حتى نفرغ الفكر المتطرف من ادعاءاته، ونحرمه من شرعيته المزعومة.
وقال محمود الهباش قاضى قضاة فلسطين ومستشار الرئيس الفلسطينى: علينا أن نطلق نداءً لكل أصحاب القرار بالقضاء على بؤر الظلم والعدوان الذى يمارس على الشعوب والأفراد، والذى يعد أصل من أصول المواجهة الصحيحة والناجحة للإرهاب والتطرف، مؤكدًا أن أول تلك البؤر هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلى لأرض فلسطين.
أما خالد بن خليفة آل خليفة؛ نائب رئيس مجلس الأمناء والمدير التنفيذى لمركز عيسى الثقافى بالبحرين فقال، إن أحد أسباب انتشار آفة التطرف هو التدخلات الخارجية السافرة فى شئون دولنا.
وقال رئيس معهد الدراسات العربية فى الصين لى شياو شيان، فى كلمة ترجمها خبير الشئون الصينية أحمد السعيد، إن الإرهاب بدأ فى ثمانينيات القرن الماضى عندما دخل الاتحاد السوفييتى أفغانستان وظهور قوى جهادية بحجة مكافحة الغزو، بتخطيط ودعم أمريكى.
وأضاف أن الجهاديين وقتها أنشأوا قاعدة لهم وشبكة اتصالات دولية كبرى وانتقلوا إلى دول متعددة. وشدد على أن الإرهاب الدولى تطور عن طريق ممارسات الولايات المتحدة الأمريكية فى أفغانستان والعراق، مبينًا أن أمريكا دمرت دولة العراق وأثرت على استقرار المنطقة العربية بأكملها من أجل تحقيق مصالحها.
وأكد أن الإرهاب زاد فى العالم بالرغم من ادعاء الولايات المتحدة الأمريكية محاربته فى السنوات الأخيرة لعدة أسباب؛ منها عدم حل مشكلة الاحتلال الإسرائيلى لفلسطين.
وفى الجلسة الأولى من المؤتمر، التى ناقشت التطرف كظاهرة عالمية، قال المفكر السياسى مصطفى الفقى إن الكثير من الجماعات الإرهابية اتخذت من القضية الفلسطينية سببًا وذريعًة لممارسة الإرهاب، وأنه لابد من وجود حد أدنى من العدل فى العلاقات الدولية والسياسة المزدوجة المعايير.
وشدد على أن الظلم فى المجتمعات لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يكون مبررًا لممارسة الإرهاب الذى يقع ضحيته الكثير من المواطنين الذين لا علاقة لهم بما يجرى من صراعات.
وفى كلمته، قال الكاتب الصحفى اللبنانى عبدالوهاب بدرخان، إنه لا توجد آلية معينة حتى الآن لمواجهة التطرف، وأن ما يوجد عبارة عن أفكار واقتراحات لما يجب أن نفعله لمواجهة الإرهاب دون تنفيذ حقيقى على أرض الواقع، وأن المشهد يعد خاليًا إلا من العامل الأمنى الذى بدأ مع بداية العمليات الإرهابية.
ودعا «بدرخان» إلى ضرورة إصلاح المناهج التعليمية، وتطوير الخطاب الدينى، وإصلاح العلاقة بين السلطة والمجتمع، وتعديل القوانين، مشيرًا إلى أن السؤال الذى يجب طرحه الآن هو «من أين يجب أن نبدأ».
من جانبه، قال الباحث إدوارد ماركيز، أنه توصل خلال عمله منذ عشر سنوات مع الكثير من المفكرين والعاملين من أجل السلام فى منطقة الشرق الأوسط، إلى أنه لا توجد إجابة واضحة لما يمكن فعله لمواجهة الإرهاب، بل أفكار ورؤى غير محددة ودقيقة.
وفى سياق متصل، تناول طارق دحروج؛ وزير مفوض فى سفارة مصر باليونان، قضية المقاتلين الأجانب فى الفضاء الأورومتوسطى، لاسيما فى مناطق أوروبا الغربية والبلقان والمغرب العربى، والتى ظهرت بظهور الدولة القومية فى أوروبا، حيث بدأت موجتها الأولى بالاحتلال السوفيتى لأفغانستان، وموجتها الثانية بظهور ما يسمى بتنظيم الدولة «داعش»، والذى أحدث نقلة كبيرة فيما يخص قضية المقاتلين الأجانب الذين تحولوا من كونهم مقاتلين عابرين للقارات إلى دولة إسلامية لها خلافة، مما أفرز نحو 130 ألف مقاتل أجنبى فى صفوف «داعش».
وأوضح أن أوروبا الغربية تضم نحو 18 مليون مسلم يتركزون فى الدول الكبرى، خاصة فرنسا وألمانية وبريطانيا، وأن هناك 500 مقاتل فى صفوف «داعش» من مناطق غرب أوروبا، معظمهم من الجيل الثالث من الجاليات المهاجرة، لافتًا إلى أن التهميش الذى عانت منه تلك الجاليات كان سببًا رئيسيًا فى انضمام العديد ممن يعانون من التهميش وأزمة الهوية فى أوروبا إلى صفوف تلك الجماعة الإرهابية.
وأضاف أن المغرب العربى مربوط بأوروبا عن طريق البوابة الفرنسية والإسبانية، ما أوجد حركية عالية فى تلك المنطقة بسبب مزدوجى الجنسية، مشيرًا إلى أن هناك 8000 مقاتل منضمين لصفوف «داعش» من المغرب العربي؛ 6000 منهم من تونس، و1200 من المغرب، و600 من ليبيا، و170 من الجزائر.
وقال المفكر العراقى صفاء الدين الفلكى إن المجتمعات العربية بشكل عام نشأت على قيم متناقضة أدت إلى صراع بين التراث والحداثة، وأن المفكرين العرب والمسلمين يجب عليهم معرفة السبب وراء ظاهرة الإرهاب التى فككت مجتمعاتنا العربية، والذى أخطره التعصب الدينى الذى يحمل فى طياته مفهوم الثواب، والبحث فى أسباب الفهم الدينى الخاطئ الذى يُغيب حق الأجيال المعاصرة فى أن يكون لها رؤيتها للدين.
من جهته، قال ممثل الصين بالجلسة، لونج دينج، إن قضية الإرهاب أصبحت قضية تؤرق العالم أجمع، فلا توجد بلد فى العالم لا تعانى من شر الإرهاب والتطرف، مشيرا إلى أن الصين عانت خلال السنوات الماضية من الإرهاب والتطرف العنيف، وأن هناك مواطنين صينيين انضموا لتنظيم «داعش» و«جبهة النصرة»، وبعضهم عاد إلى الصين بعد تلقى التدريبات لتنفيذ عمليات إرهابية هناك.