رسوم ترامب الجمركية تهدد بهجة الكريسماس.. من يدفع ثمن الأعياد؟ - بوابة الشروق
السبت 26 أبريل 2025 12:10 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

رسوم ترامب الجمركية تهدد بهجة الكريسماس.. من يدفع ثمن الأعياد؟

محمد حسين
نشر في: الجمعة 18 أبريل 2025 - 6:21 م | آخر تحديث: الجمعة 18 أبريل 2025 - 6:21 م

نشرت شبكة سي إن إن الأمريكية تقريرًا موسّعًا يرصد تداعيات الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على مدينة ييوو الصينية، التي تُعد المصدر الأساسي لمعظم زينة أعياد الميلاد المستخدمة في الولايات المتحدة.

ووصفت الشبكة المدينة الواقعة في مقاطعة تشجيانج بـ"بلدة الكريسماس"، نظرًا لدورها المحوري في توريد نحو 90% من منتجات الزينة المخصصة لاحتفالات نهاية العام، من الأضواء الملونة وحتى الأشجار الصناعية.

ييوو... قلب تجارة الزينة في العالم

داخل السوق الأكبر من نوعه عالميًا، والذي يمتد على مساحة 1000 فدان ويضم قرابة 70 ألف كشك بيع، يتجول المشترون الأجانب وسط ممرات ضيقة تغص بالبضائع، من دمى سانتا الموسيقية وحتى القبعات التي تحمل شعار "اجعلوا أمريكا عظيمة مجددًا". لكنّ المشهد لم يعد كما كان.

ففي خضم الحرب التجارية المحتدمة بين بكين وواشنطن، واجه التجار في ييوو موجة اضطراب عنيفة بعد أن فرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية على المنتجات الصينية تجاوزت 145%، وهي أعلى نسبة تفرضها الولايات المتحدة على بلد بعينه منذ نحو قرن.

العقوبات التجارية تُطفئ بهجة السوق

تسبب القرار الأمريكي في تراجع كبير بالحجوزات الأمريكية المعتادة من منتجات الزينة، وتحوّلت أجواء السوق من حيوية إلى قلق.
وكشفت ران هونجيان، التي تدير متجرًا لزينة الكريسماس منذ 15 عامًا، عن فقدانها ثمانية من بين عشرة عملاء أمريكيين لهذا الموسم، رغم محاولاتها لتقديم تخفيضات حفاظًا على العلاقات التجارية.

قالت ران، التي خفّضت الأسعار لتجنب الخسائر: "خسرت هذا العام ما يزيد عن 135 ألف دولار. بعض عملائي كانوا يتعاملون معي منذ أكثر من عشر سنوات، وزاروا مصنعي بأنفسهم. لكنهم اضطروا للانسحاب بسبب التعريفة الجديدة".

السوق يخلو من الأمريكيين

رصدت سي إن إن أثناء زيارتها للسوق، اختفاءً تامًا للمشترين الأمريكيين، على عكس ما اعتاد عليه المكان. كما بدا على كثير من التجار التوتر، ورفض بعضهم الإدلاء بأي تصريحات صحفية في ظل تواجد المسؤولين الصينيين في السوق.

يقول التجار إن الأزمة لم تُصِب فقط من يبيعون للولايات المتحدة، بل خلقت حالة من الترقب حتى بين من يتعاملون مع أسواق أخرى، خوفًا من امتداد الحرب التجارية إلى دول أخرى، وسط توقعات بأن تؤدي النزاعات الحالية إلى تباطؤ اقتصادي عالمي.

التحوّل إلى أسواق بديلة

دفعت الأزمة بعض التجار إلى التفكير في التوجه نحو أسواق بديلة، فيما حاول آخرون التكيّف مع التقلص الحاد في الطلب. وعلى المستوى الوطني، شهدت الصين منذ سنوات محاولات لفك الارتباط التدريجي مع الاقتصاد الأمريكي، لكن أي انفصال فعلي بين الاقتصادين سيكلف الطرفين خسائر باهظة، بحسب ما ذكره التقرير.

حتى الآن، تبقى الولايات المتحدة وحدها تقريبًا في فرض رسوم شاملة على الصين، بينما علّقت دول أخرى إجراءاتها مؤقتًا بانتظار نتائج المفاوضات.

كمبوديا تتلقى الضربة الثانية

حتى كمبوديا، ثاني أكبر مصدّر لزينة الكريسماس للولايات المتحدة، لم تنجُ من تداعيات الأزمة؛ فقد فرضت إدارة ترامب رسومًا بنسبة 49% على المنتجات الكمبودية، قبل أن تعلن عن تعليق مؤقت لهذه الرسوم لمدة 90 يومًا، ما خلق مزيدًا من الارتباك في السوق العالمية.

خسائر غير مباشرة لشركات غير معنية بالسوق الأمريكي

وفي جانب آخر من السوق، تقف شينياو التي تعمل في بيع الزهور الاصطناعية منذ 1993، متأملة في تراجع مبيعاتها رغم عدم تعاملها مع السوق الأمريكي وتقول: "الأزمة تؤثر علينا جميعًا. الأسواق تتباطأ، والمستهلكون حول العالم يعيدون التفكير في أولوياتهم".

مدينة صغيرة… بتأثير عالمي

رغم أن ييوو تُعد صغيرة نسبيًا في الصين، حيث لا يتجاوز عدد سكانها المليونين، إلا أن تأثيرها على التجارة العالمية يبدو ضخمًا. فقد صدّرت العام الماضي بضائع بقيمة 81 مليار دولار، منها 11.5 مليار إلى الولايات المتحدة وحدها. وتستقبل المدينة زائريها في المطار بلافتات باللغة الإنجليزية تحمل شعار: "بضائع الصين! مارس التجارة العالمية في ييوو!".

في هذا السوق المتشعّب، تُعرض أنواع مختلفة من البضائع في طوابق متعددة، وتنتشر المقاهي وأكشاك الوجبات الخفيفة، لكن علامات الركود أصبحت جلية، حتى وسط الزينة اللامعة وأغاني الأعياد.

تحذيرات من ركود عالمي

أعرب اقتصاديون أمريكيون، من بينهم بعض مؤيدي ترامب، عن خشيتهم من أن تؤدي الحرب التجارية إلى دخول العالم في حالة ركود. فالرسوم المرتفعة لا تصيب فقط الاقتصاد الصيني، بل ترتد على الشركات والمستهلكين في الداخل الأمريكي، كما تهدد الاستقرار التجاري في موسم تُراهن عليه الأسواق العالمية لتحقيق أرباح العام بأكمله.

في ييوو، التي لطالما أضاءت العالم بزينة العيد، بدأ وهج الكريسماس يخفت. وبينما يترقّب العالم نهاية العام، يقف التجار في المدينة على أعتاب عيد باهت.. ينتظرون معجزة تُنقذ موسمهم.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك