بالصور: عمال القناة.. «حبات العرق» تروي مشروع المستقبل - بوابة الشروق
الثلاثاء 30 أبريل 2024 4:57 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بالصور: عمال القناة.. «حبات العرق» تروي مشروع المستقبل

تصوير: رافي شاكر
تصوير: رافي شاكر
تحقيق ــ أحمد عدلي
نشر في: الخميس 18 سبتمبر 2014 - 2:26 م | آخر تحديث: الخميس 18 سبتمبر 2014 - 2:30 م

دوريات حراسة من الجيش.. والأغانـي الوطنية تستقبل الوافدين.. و3 ساعات راحة يومية

محاسبون يدونون معدلات الإنجاز.. والهيئة الهندسية حكمًا بين المقاولين

طابور السيارات فى انتظار المعدية الوحيدة.. و3 آلاف جنيه أجر سائق اللودر

عمر يجلب احتياجات العمال من الإسماعيلية.. وإبراهيم يعد لهم الشاي مقابل 1200 جنيه

مع دقات السادسة صباحا، تبدأ المعدية 6 من قلب مدينة الإسماعيلية فى العمل، لتستقبل عشرات العمال والوافدين إلى أرض مشروع حفر قناة السويس الجديدة، لتنهي عملها بحسم عند منتصف الليل.

وبين ساعات النهار والليل، يصعب عليك مشاهدة عامل أو مهندس أو مشرف بلا عمل: ما بين أعمال الحفر ونقل الرمال وتجهيز مواسير نقل المياه أسفل القناة الجديدة، لتوصيل المرافق إلى الضفة الشرقية.

«الشروق» ترصد فى السطور التالية ملامح الحياة وعجلة العمل فى أرض القناة الجديدة، بعد مرور أكثر من شهر على إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسى عن تنفيذ المشروع القومي الجديد.

الأغاني الوطنية في استقبالك
تقف السيارات فى طابور يتجاوز المائة سيارة، بينما تعمل معدية واحدة فقط فى الساعات الأولى تتحول لمعديتين فقط بعد ساعات قليلة، بينما لا يقل طابور السيارات بل يزداد طوله مع مرور الوقت، خاصة مع وصول سيارات نقل ثقيل تقلل من فرص باقى السيارات في العبور.

لا يتجاوز وقت عبور المعدية إلى الجهة الأخرى الخمس دقائق تتوقف، انتظارًا لمرور السفن العملاقة من قلب القناة، بينما تتحرك مع انتهاء مرور كل سفينة، فيما يعيق وجود رصيف واحد تشغيل عدد أكبر من المعديات في نفس التوقيت، حيث صمم ليتسع معدية واحدة فقط.

لا تتوقف الحركة على مدار اليوم بين بائعين جائلين ينتقلون على موتوسيكلات للعبور إلى الجهة الأخرى من القناة للاسترزاق من العاملين والمارين وعشرات الأشخاص الوافدين للسؤال عن فرصة عمل بالمشروع الجديد بعضهم جاء من أماكن قريبة وغيرهم من أماكن أبعد على أمل العثور على فرصة عمل بأجر معقول سواء فى قيادة السيارات واللوادر أو في أي أعمال أخرى.

بالأغاني الوطنية والأغاني المؤيدة لـ«السيسي» تستقبل المعدية روادها، تستمر الأغاني في الرحلة القصيرة، بينما تتوقف خلال صعود السيارات وهبوطها من المعدية.

حكايات الشباب على المعدية لا تتوقف عن الحديث حول المشروع بين قائد لوري ترك المقاول الذي يعمل معه لضعف الأجر وشاب عائد لتوه من إجازة قصيرة في بلدته مع عائلته بعد أسبوعين من العامل الشاق وثالث يستفسر عن فرص العمل بالمشروع، والأجور بعدما جاء من أقصى الصعيد.

قبل أن يستكمل قائد المعدية إرساء أبوابها على الأرض ليخرج الركاب يسارع الشباب بالقفز منها، متجهين إلى السيارات النصف نقل الصغيرة التى تنقلهم إلى مكان عملهم بالمشروع بعضها يتبع المقاولين، وأخرى وقف أصحابها لنقل عمال اليومية بأجر يتراوح بين جنيه و5 جنيهات بحسب مكان العمل.

عمر عبد الله، شاب عشريني يقود سيارة صغيرة ملاكي يقوم بإيجارها لمن يرغب، مرجعًا ذلك إلى ضياع وقت كبير فى المعدية مما يجعله يترك السيارة بالقرب من الكافتيريا الوحيدة بالمنطقة عند مدخل المعدية حال رغبته فى العبور إلى الجهة الأخرى لشراء بعض المستلزمات.

حركة عمر لا تتوقف عند تأجير السيارة ولكنها تمتد إلى شراء ما يحتاجه العمال والجنود من الطعام والشراب مقابل ما يقومون بمنحه له من أموال، خاصة أن المسافة بين المنطقة والخدمات بعيدة، فيحصل على الطلبات ويتوجه لشرائها من الإسماعيلية ويعود لهم مرة أخرى، في رحلة يكررها بين الحين والآخر ويحقق منها مكسبًا يعتبره جيدًا.

مكانك هنا لتعرف المهن المطلوبة
كشك صغير ولكنه مغلق على الجانب الأيمن من الطريق بعد نحو 300 متر من المعدية بينما ينصح الضباط والجنود الراغبون في العمل بالمشروع بالتوجه إليه لمعرفة المهن المطلوبة وكيف يتقدمون لها، فيما فضل بعضهم التوجه إلى أرض المشروع والسير في الصحراء بحثًا عن فرصة عمل.

في الطريق القصير المؤدي إلى وسط سيناء، يمكنك بوضوح مشاهدة سيارات اللوري الكبيرة واللودرات العاملة في المشروع على جانب الطريق، بينما لا يتسع الطريق إلا لمرور سيارة واحدة في كل اتجاه، مما سبب كثافة في المرور بشكل كبير على الطريق، خاصة مع السرعات التي يقود بها أصحاب السيارات النقل سياراتهم.

دوريات التأمين التي تنفذها القوات المسلحة في أرض المشروع لا تتوقف، ضباط وجنود فى سيارات تطوف المنطقة على مدار الساعة، مصفحات ومدرعات تتجول فى الصحراء، بعضها للتأمين والآخر من القادة الذين يحرصون على التفتيش بأرض المشروع عن وضعية استعداد الجنود وتأهبهم.

يفترض ألا يسمح بدخول السيارات إلا عبر بوابات يشرف عليها الجيش، لكن اتساع نطاق الحفر يجعل الكثير من السيارات تدخل من الدروب الصحراوية خاصة سيارة الدفع الرباعي، بينما تعمل المعدات على مدار الساعة ليلاً ونهارًا لإنجاز معدلات الحفر المطلوبة.

في الطريق المؤدي إلى البوابة الرئيسية لدخول المعدات والسيارات يسمح الجنود للضباط بالدخول إلى أرض المشروع للعاملين في الشركات والمعدات، بينما يقوم بتفتيش بعض السيارات التي تتردد على المكان حاملة المعدات كجزء من إجراءات التأمين.

على مسافات متقاربة تعمل السيارات فى أرض المشروع بحركة لا تتوقف على مدار الساعة إلا مرتين، الأولى من الواحدة إلى الثانية ظهرًا والثانية من السادسة إلى الثامنة لحصول السيارات على فترات للراحة، بينما يقوم العمال بتناول الشاي في الراحة الأولى والغداء فى الثانية.

على طرق ممهدة حديثة تسير سيارات النقل التي حفظ سائقوها الأماكن التى يفترض أن يتوجهوا لها، فيما يندر أن تجد من يسير على قدمه فى مساحات الصحراء الشاسعة، فيما تتوقف بعض أتوبيسات الرحلات التى جاءت لتعريف أطفال المدارس بالمشروع على جانبى الطريق حيث يدخل الأطفال لالتقاط الصور التذكارية على أطراف المشروع.

كل 3 أيام يصلهم الماء
من قرية أبو حماد بالشرقية وصل مجموعة من الشباب الذين يمتلكون سيارات للنقل، عرفوا بالمشروع من زملائهم فكانوا مقيمين فى أرضه بعد أسبوع من إعلان الرئيس السيسي عن إطلاقه، صعوبة المنطقة الصحراوية لم تمنعهم من الإقامة حتى الآن والتعامل مع الأجواء البدائية التى يعيشون فيها، فلا كهرباء، والماء لا يصل إلا كل 3 أيام من خلال سيارة نقل تضع 10 آلاف لتر فى الخزان الذى اشتروه على نفقتهم الخاصة.

يحاول الشباب التأقلم مع ظروف العمل القاسية، بحكم امتلاكهم للسيارات يحاول أحمد عليوة وزملاؤه أن يعملوا أكبر وقت ممكن، أقاموا عشة من الخوص للإقامة فيها، بينما وضعوا خزان المياه أمامها للشرب والاستحمام والوضوء، فيما يقومون بشراء احتياجتهم من قرية مجاورة على بعد عدة كيلو مترات حيث يخرج أحدهم بسيارته لشرائه.

يقول محمد عليوة شقيق أحمد، إنهم يشترون نوعيات الطعام التى تتحمل الحرارة والشمس لعدم امتلاكهم ثلاجات لحفظ الأطعمة، فيجلبون علب الجبن والتونة لتكون طعامهم فى الوجبات، بينما يشترون الخبز يومًا بعد يوم ويكتفون بتسخينه على النار التى يشعلونها يدويًا.

هواتف الموبايل القديمة التي يحملها محمود وزملاؤه يستخدمونها في الإضاءة ليلا لعدم وجود تيار كهربائي بأرض المشروع، فيما يقومون بشحن بطاريات الهاتف من السيارات.

حتى الآن لم يقرر الشقيقان أحمد ومحمد كيف سيعملان فى فصل الشتاء، لكنهم قررًا الرحيل عن أرض المشروع حال تغير الطقس خاصة أن ظروف العمل لا تشجعهم على الاستمرار، فيما يقوم المقاول بمحاسبتهم بحسب كمية الأمتار التى يقومون بنقلها يوميًا بسعر جنيهين للمتر، بينما تحمل السيارة الرمال لمسافة 500 متر تقريبًا من موقع الحفر إلى المكان المخصص لإلقاء الرمال.

يلتقط محسن صلاح الحديث من الشقيقين ليوضح معاناة أخرى بالنسبة لهم فيما يتعلق بالحصول على السولار كل يومين، حيث يضطر للانتظار فى طابور محطة وقود وطنية القريبة لأكثر من 3 ساعات، لكونها المحطة الوحيدة التى تخدم المنطقة، مشيرًا إلى أن تموين السولار يستغرق منهم وقتًا طويلاً انتظارًا لدورهم.

يطالب محسن المسئولين بتوفير كرفانات لهم للإقامة حتى يستطيعوا العمل فى الشتاء بالمشروع أيضًا، بحيث تحميهم من الأمطار مستقبلا، وتحميهم من أشعة الشمس الحارقة خلال أيام الصيف، مشيرًا إلى أن دورات المياه غير موجودة حتى الآن مما يضطرهم لقضاء حاجتهم في الصحراء.

عليوة: نأمل أن يلتفت لنا المسئولون
أحمد عليوة، لم يخف ضيقه بظروف العمل فيما يأمل أن يلتفت إليه المسئولون من أجل تحسين ظروفه وأوضاع حياته اليومية بأرض المشروع، ويقول إن العمل ليلا يعتمد على الكشافات الضخمة التى تستخدم لإنارة الطريق لهم.

بالقرب من الخيمة التى أقاموها بالخوص يضع الشباب دانة مدفع دبابة على الأرض، ويقول الشباب إنهم عثروا على العديد منها خلال الحفر، فاحتفظوا ببعضها كتذكار من حروب مصر.

يقول الشباب إن المقاول الذى يعملون معه ليس له علاقة بإقامتهم وتغذيتهم ويكتفى بما يدفعه لنا مقابل نقل الرمال، بينما يعملون أكبر عدد ممكن من الساعات لنقل حمولات أكبر لزيادة العائد اليومي لهم خلال تلك الفترة.

بسيارات نقل ولودرات كبيرة الحجم يعمل حميد سويلم وأبناء عمومته وأشقاؤه في أرض المشروع، 9 سيارات نقل تتحرك باستمرار وثلاث حفارات تخترق الرمال لترفعها وتضع على السيارات التى تسير لمسافة 1.5 كم تقريبًا من أجل إلقاء كميات الرمال في المكان المخصص لها، فيما يقف جرار آخر لتسوية الأرض من حمولات السيارات التي تأتى من أماكن متفرقة في أرض المشروع.

يقول حميد إنهم يعملون مع مالك السيارات واللوادر منذ فترة، واتصل بهم ليخبرهم بالمشروع ويطلب قدومهم للعمل، مشيرًا إلى أنه كسائق للودر يتقاضى 3 آلاف جنيه شهريًا، بينما يعمل وردية لمدة 12 ساعة فى المشروع ويحصل على إجازة يوم واحد فى الأسبوع.

يقيم حميد وأقاربه فى كرفان أقامه المقاول، غير بعيد عن مكان عملهم بينما يوفر لهم وجبات الطعام والمياه، فيما يقوم المقاول بمحاسبة العمال فى نهاية كل أسبوع، بينما يشعر بالرضا عن العمل فى المشروع، باعتباره مستمرًا لمدة عام قادم على الأقل مما يضمن له عائدًا ثابتًا.

يعمل إبراهيم سلمان الطفل الصغير مع ابن عمه حميد كتباع على السيارة، يجهز الشاي للسائقين بين حين وآخر، لكى يواصلوا العمل، فيما يتقاضى 1200 جنيه ويعود لأسرته كل أسبوعين أو ثلاثة.

يتقاضى أحمد العايدي سائق اللودر 3 آلاف جنيه شهريًا، بينما يقول إنه معتاد على العمل فى مثل هذه الظروف، حيث شارك مع المقاول في تنفيذ عدة مشاريع بالصحراء لصالح الجيش، منها طريق العين السخنة وطريق الإسماعيلية، مشيرًا إلى أن العدد الكبير المشارك في المشروع لم يره من قبل.

نقطة أمل
يعتبر الشاب معتز أحمد القادم من العريش المشروع بمثابة نقطة أمل لأصحاب سيارات النقل بشمال سيناء والذين سارعوا إلى القدوم وبدء العمل، مؤكدًا على أنه أنقذهم من البطالة التى عانوا منها خلال السنوات الأربع الماضية، مما دفع أصحاب السيارات جميعًا إلى القدوم للمشروع والاتفاق مع المقاولين.

يقول معتز إنه جاء مع صديقه بسيارته حيث يتناوبون على العمل لمدة 12 ساعة يوميًا، مشيرًا إلى أنهم لم يفكروا فى الإجازات بسبب رغبتهم فى تعويض جزء من الخسائر التى تعرضوا خلال الفترة الماضية.

بجوارهم يعمل عكاشة السيد سائق اللودر، القادم من فاقوس بالشرقية، اتفق مع المقاول على تقاضى 3.5 آلاف جنيه، بينما يتميز اللودر الذي يقوده بوجود تكييف به يحميه من حرارة الشمس، فيما يضع زجاجة المياه بالقرب من التكييف لكى تحافظ على برودتها.

يرجع عكاشة التفاوت فى الأجور بين السائقين إلى طبيعة الاتفاق الذى يتم معهم فى البداية بالإضافة إلى ظروف اتفاق كل منهم مع المقاول وطبيعة العمل وطريقة القيادة التى تحدد الأجر، مشيرًا إلى أن هناك سائقين بدأوا العمل فى المشروع مع مقاولين وانتقلوا لمقاولين آخرين بعدما اتفقوا معهم على أجور أعلى ومنحوهم مميزات لم تكن متاحة لهم فى البداية.

ما بين العمال المقيمين فى الخيام والكرفانات يتواجد محاسبون للشركات، يحسبون كميات الرمال المرفوعة بواسطة كل سيارة لمحاسبة أصحابها ولحساب معدل إنجازهم، فيما يتجول يوميًا بأرض المشروع العديد من أصحاب السيارات القادمين الراغبين فى العمل.

يتوجه الوافدون إلى المنصة الرئيسية من أجل التنسيق مع الضباط المسئولين من الإدارة الهندسية، فيما يجرى بين الحين الآخر ما يشبه المزاد يعرض فيه الوافدون المعدات الموجودة لديهم ومتى يمكن أن يستقدموها لأرض المشروع، بينما يتفق المقاولون معهم على الأسعار وطريقة المحاسبة وغيرها من التفاصيل لينضموا إلى السيارات العاملة فى أرض المشروع بالفعل، فيما تكون الإدارة الهندسية هى المسئولة عن فض أى نزاعات تنشأ بين المقاولين وأصحاب السيارات الوافدة.

لا يسمح لأى شركات بالحصول على مساحة فى الحفر إلا إذ كانت تمتلك 9 لودرات على الأقل و25 سيارة نقل، بينما تقوم الشركات التى تمتلك حصصا أقل بالاندماج فى العمل مع مقاول حصل على مساحة بالفعل، ليتشاركا سويًا في عمليات الحفر.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك