يقول عرب يعيشون في إسرائيل إنهم لا يستطيعون التعبير عن آرائهم المناهضة للحرب، في الوقت الذي يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي قصف قطاع غزة الذي سلب حياة ما يزيد على 11 ألف فلسطيني، من بينهم أكثر من 7 آلاف من النساء والأطفال، في أقل من 40 يوما.
واستطلعت وكالة أنباء العالم العربي (AWP) آراء عدد من العرب داخل إسرائيل، الذين أكدوا عدم قدرتهم على التعبير عن تضامنهم مع غزة، حتى ولو على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويقول ناصر الذي عرف نفسه باسمه الأول فقط "الملاحقة لا تستثني أحدا، كل من يكتب شيئا يتعرض للاعتقال، لا يريدون لأحد أن يعارض سلوكهم في قتل الأطفال والنساء في غزة، ببساطة نحن يُحظر علينا التضامن مع القطاع".
وأضاف نضال، الذي عرف نفسه كذلك باسمه الأول فقط، أن هناك وحدات خاصة في الشرطة والأجهزة الأمنية تلاحق السلوك العربي في إسرائيل.
ويشكل العرب نحو خُمس سكان إسرائيل، وهم الفلسطينيون الذين بقوا في الأراضي الفلسطينية بعد إعلان قيام إسرائيل عليها عام 1948.
وفي أعقاب هجوم نفذته حركة حماس على الأراضي المحتلة في السابع من أكتوبر، قالت إسرائيل إنه أدى لمقتل 1200 شخص، شنت إسرائيل حملة عسكرية مستمرة على غزة، في واحد من أكثر الفصول دموية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ومنذ بداية الحرب على غزة، لم ينجح العرب داخل إسرائيل في الحصول على تصريح بإقامة مسيرات مناهضة للحرب، وتصرّ الشرطة الإسرائيلية على رفض أي شكل من أشكال التظاهر ضد العمليات العسكرية في القطاع، وتلاحق كل من يبدي معارضته للحرب أو ينتقد السلوك الإسرائيلي، وفقا لعرب يعيشون في إسرائيل.
وفي الأسبوع الماضي، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية عضو الكنيست السابق ورئيس لجنة لمتابعة العربية محمد بركة لإصراره على تنظيم احتجاج مناهض للحرب. كما جرى اعتقال المغنية الفلسطينية دلال أبو آمنة بعدما كتبت على فيسبوك "لا غالب إلا الله".
ونأى النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي بأنفسهم عن الحديث إلى وسائل الإعلام عن الحرب، باستثناء بعض المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي والكلمات الرسمية لهم في الكنيست التي يعبرون فيها عن موقفهم الرافض للحرب.
وأبلغ مصدر برلماني عربي في الكنيست الإسرائيلي وكالة أنباء العالم العربي (AWP) بأن هناك قيودا مفروضة على نشاط أعضاء الكنيست العرب "وبالتالي فهم يتعاملون بحذر مع التصريحات، لكنهم يعملون جاهدين من خلال المراكز القانونية والكنيست للحصول على قرار بوقف أمر الشرطة الإسرائيلي الخاص بمنع التظاهر".
وقالت الشرطة الإسرائيلية في إحصائية نشرتها الأسبوع الماضي إنه تم تقديم 57 لائحة اتهام في إجراء مستعجل ضد المحرضين على العنف والإرهاب منذ بداية الحرب، مضيفة أنه جرى فحص ومعالجة 430 منشورا على منصات التواصل الاجتماعي تشجع على العنف والتحريض والدعم والانتماء إلى التنظيمات الفلسطينية.
* خشية من التعبير عن الرأي
يقول نضال إن العرب في إسرائيل يخشون من التعبير عن آرائهم حتى في استطلاعات الرأي التي يُفترض فيها ضمان السرية للمشاركين فيها.
وكان استطلاع للرأي نشرت نتائجه يوم الجمعة أظهر أن 70% من المشاركين في الاستطلاع الذي أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية يشعرون بأنهم جزء من الدولة، وهي نسبة أعلى بكثير من استطلاع مماثل في يونيو أجاب فيه 48% بذات الشعور.
وفي استطلاع آخر أجرته صحيفة معاريف الإسرائيلية ونشرت نتائجه يوم الجمعة، قال 41% من العرب الذين شاركوا فيه إنهم مع وقف إطلاق النار الذي يجب أن يكون مشروطا بإجراءات تتعلق بالمحتجزين الإسرائيليين لدى حماس الذي يتجاوز عددهم المئتين.
وأجاب 6% من العرب المشاركين في الاستطلاع بأنهم ضد وقف إطلاق النار الإنساني في أي حال من الأحوال، بينما قال 21% إنه يؤيدون وقفا غير مشروط لإطلاق النار.
ويعتقد محمد من مدينة الناصرة أن الإجابة في هذه الاستطلاعات لا تكون دقيقة "وإنما يحاول الأشخاص المجيبين تجنب إمكانية الملاحقة، وبالتالي يجيبون بشكل غير دقيق ولا يعبر عن حقيقة موقفهم الشخصي".
ولم يقتصر الأمر على ملاحقة العرب في إسرائيل، فقد طُرد مدرس تاريخ يهودي من عمله الشهر الماضي لأنه أبدى تعاطفا مع قطاع غزة، وفقا لما أعلنته الشرطة الإسرائيلية.
وقالت صحيفة (تايمز أوف إسرائيل) إن المدرس الإسرائيلي كتب إنه يجب السماح "للدول الخاضعة للاحتلال بفعل أي شيء مطلوب من أجل النجاح في كفاحها".
وأضافت الشرطة أنه تم تقديم شكوى ضد المعلم، الذي قامت بلدية بيتح تيكفا ووزارة التربية والتعليم بطرده لاحقا.
وتقول لجنة المتابعة العربية العليا في إسرائيل إنها ستواصل عملها الرافض لتكميم الأفواه في إسرائيل.
وأضافت في بيان يوم الأحد أنها بعثت برسالة إلى القادة العرب قبل انعقاد القمة العربية الإسلامية في الرياض يوم السبت الماضي تكشف عما يتعرض له العرب في إسرائيل من "اضطهاد".
وأعلن عضو الكنيست أيمن عودة في بيان عبر صفحته على فيسبوك أن قائمته عقدت اجتماعا مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج الأسبوع الماضي لبحث الملاحقات التي يتعرض لها العرب على منصات التواصل الاجتماعي.
وأعلنت إسرائيل في الثامن من أكتوبر الحرب رسميا على حماس في قطاع غزة، وهو ما يعني وضع إسرائيل وسكانها ومرافقها المدنية تحت قانون الطوارئ، وتكليف قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي بالتصرف وفق متطلبات الحرب، التي تشمل تقييد الحريات ووسائل الإعلام.