نقاد الفن: تفاعل صناع الأعمال الدرامية مع الجمهور على السوشيال ميديا سلاح ذو حدين - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 6:25 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نقاد الفن: تفاعل صناع الأعمال الدرامية مع الجمهور على السوشيال ميديا سلاح ذو حدين

الشيماء أحمد فاروق
نشر في: الثلاثاء 19 يناير 2021 - 4:54 م | آخر تحديث: الثلاثاء 19 يناير 2021 - 4:54 م
كانت المجلات الفنية في فترة ما، وسيلة لمعرفة الجمهور بأخبار نجومهم، وسبقها الصحف بالتأكيد، لكن المجلة كانت أكثر تخصصًا وتعمقًا في حياة الفنان، ومع تطور الزمن، تطورت سبل التواصل بين المتلقي والفنان، سواء كان ممثلا أو مخرجا أو سيناريست وغير ذلك، حتى وصلنا إلى عصر منصات التواصل الاجتماعي.

أصبح لكل شيء صفحة على السوشيال ميديا، لنشر أخبار العمل وصور فنانيه وتفاصيل التصوير، لكن مع الوقت تطور الأمر إلى إقامة مجموعات مغلقة لكل مسلسل فور الانتهاء منه وبداية عرضه، وإضافة صناع العمل إليه لمتابعة ردود الفعل فور عرض كل حلقة، وقياس مدى تقبل الناس للشخصيات المعروضة وتعلقهم بأحداث المسلسل، وظهر التفاعل في ردود الفعل بين كلا الطرفين، الجمهور والفنانين، بالإضافة إلى منشورات تشرح ما يدور في الحلقات والمشاهد الصعبة التي لم يستطع المتفرج تفسيرها.

ظهرت هذه الظاهرة تقريبًا مع مسلسل "بـ100 وش" في رمضان 2020، وامتدت مع أعمال أخرى مثل "إلا أنا" بقصصه المختلفة، و"جمال الحريم"، و"لؤلؤ"، وغيرها من الأعمال.

ويذهب الروائي الروسي لوي تولستوي، في رؤيته للفن، إلى التحديد الصريح لمفهوم العملية الاتصالية، حيث ينظر إلى الفن بوصفه مظهراً من الحياة البشرية، وإحدى وسائل الاتصال بين الناس، ومعنى هذا أن الفن في وجهة نظره أداة تواصل بين الأفراد، يتحقق عن طريقه ضرب من التفاعل العاطفي والتناغم الفكري والوجداني.

لكن، هل ساهمت منصات التواصل في تعميق العملية الاتصالية الفنية أم أدت لنتائج سلبية عليها؟

في العمل الفني والمسلسلات محل حديثنا، يكون السيناريو والمخرج ثم الفنان الذي يقدم كل ذلك على الشاشة من خلال لغته الجسدية والحوار، ضمن منظومة تعمل معا لظهور العمل في أفضل صورة، ويجب أن تكون هذه المنظومات الفنية على مستوى من التكامل والدقة لكي تصل إلى المشاهد دون لَبس في الفهم، وأيضاً تدفعه نحو التفكير في تتبع حبكة العمل.

كما أن الصورة الفنية هي مادة اتصال وتواصل أخرى، فهي تقيم العلاقة بين المرسل والمتلقي وتبني جسور التواصل بينهما، إذن الصورة هي التجربة الجمالية والمخيال الاجتماعي حسب قول الباحث الفرنسي جون دافنيون، وتكامل هذه العناصر جميعاً هو ما يساهم في وصول فكرة العمل متكاملة للجمهور.

• العصمة بيد الجمهور دائمًا

يقول الناقد الفني طارق الشناوي، إن منصات التواصل فرضت تصرفات وأمور جديدة وطرق مختلفة للتواصل وعمقت الصلة بين أطراف العملية الإبداعية، فأصبح لكل عمل ومهرجان وغيره مجموعات على منصات التواصل الاجتماعي، وهي ظاهرة أتاحتها كعامل إضافي للترويج والوصول لأكبر قدر من الجمهور.

وأضاف الشناوي: "الغرض الأساسي من هذه الظاهرة هو الترويج للعمل ومسألة الشرح للجمهور تتعلق بمدى تقبل المتلقي نفسه لها، حتى لو شرح الصانع عمله، ولم يعجب الجمهور لن يلتفت له ولا لما يقوم به، فإذا لم تصل الرسالة وهي عمل فني فلن تصل أيضاً في أسلوب الشرح الموجه المباشر، وإذا وجد خلل في التوصيل من البداية، فالشرح لن يجعل العمل أكثر نجاحاً ولكن الشرح ممكن أن يضيف ظلالا معينة ويزيد من الحديث عن المسلسل على السوشيال ميديا وممكن أن يجعلها تريند".

واستكمل حديثه موضحاً أنه ضد المصادرة على حق الناس، ولكل مبدع -فنان أو مخرج وغير ذلك- الحرية في إعادة شرح عمله أو كتابة رسائل توضيحية للجمهور، وإن بلغ الأمر أن يكتب على المشهد ويشرح سبب اختياره لزاوية معينة، الفيصل هنا هو الجمهور، هل اعتبره شيئا تلقينيا أم أحبه، لأن الناس في النهاية هي الحكم.

وقال: "وفرضاً الناس أحبت هذا الأسلوب خلاص خير وبركة، فالعصمة بيده وأي شيء يصنع لإرضائه ولا يحق لنا أن نصادر على حقه وإعجابه بشيء جديد".

• ظاهرة تتعامل مع الجمهور على أنه غبي

وتتحدث الناقدة منار خالد عن هذه الظاهرة، قائلة: "الأمر لم يكن بجديد على الجمهور، فهناك الكثيرين سبق وأن قاموا بشرح أدوارهم والدفاع عنها في اللقاءات الحوارية والبرامج التليفزيونية، وكذلك مخرجين عدة بات العديد منهم يشرح وجهة نظره في فلسفة الفيلم وطبيعة الكادرات وما إلى ذلك، ليكن ما يحدث الآن هو تطور للأمر ذاته وليس أمر جديد، كل ما هنالك هو اختلاف الوسائل التي أصبح يتصل بها المتلقي مع صانع العمل أو المبدع".

ووصفت ما يحدث بأنه "موضة" قائمة على المزايدة و"مين هيشرح بصورة زائدة للجمهور"، وهو ما ساهم في زيادته التعليقات المباشرة وخواص التفاعل التي أتاحتها منصات التواصل، وأضافت: "يعتبر ذلك الأمر سواء في الفترات السابقة أو الوقت الحالي سلاحا ذو حدين، حيث التواصل الذي يجعل المبدع مع جمهوره على أرض واحدة دون سكونه برج عالي؛ ما يحفز المشاهد على التواصل والتساؤل، وعلى الجانب الآخر، فإن شرح المشاهد والحبكات والحلقات بعد كل حلقة مباشرة، أسلوب يضع المتلقي في منطقة مظلمة لا تفكير فيها ولا تأمل، تُنمط أفكاره وتجعله معتمدا على الشرح والتلقين؛ ما يفسد الذائقة الجمالية لعملية المُشاهدة ويضعف من قيمة العمل ذاته".

وتوقعت بناء على ذلك أن الجمهور في المستقبل سيقلل من جهد الممثل ومهنته، لأن صانع العمل نفسه لخص عمل كامل أو حلقة في جملة أو اثنين عبر تعليق، لذلك نوهت بأهمية وعي صُناع العمل بقيمة ما يقدمونه ويتفهموا خطورة أختصار جهدهم في شرح ساذج ظنًا منهم التبسيط على المتفرج، وأن يقوم الجمهور بالاستمتاع وإدلاء رأيه ومناقشة صناع العمل فيما يحافظ على دور كل منهما داخل تلك المنظومة الإبداعية دون أن ينتظر المتلقي الشرح والتلقين، لأنه بذلك ينتهي الإبداع ونعود بتلك العقول الناضجة للحواديت المسرودة التي لُقنت لهم وهم أطفال صغار لإعطائهم المغزى التعليمي والتربوي.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك