نادين لبكي: «كفر ناحوم» كسر الصمت حول قضية أطفال الشوارع في العالم - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 5:48 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نادين لبكي: «كفر ناحوم» كسر الصمت حول قضية أطفال الشوارع في العالم

محررة الشروق تحاور المخرجة اللبنانية نادين لبكي
محررة الشروق تحاور المخرجة اللبنانية نادين لبكي
نجلاء سليمان:
نشر في: الأربعاء 20 مارس 2019 - 9:35 م | آخر تحديث: الخميس 21 مارس 2019 - 2:49 ص

*أبطال الفيلم أخذوا على عاتقهم إيصال الحقيقة وتوضيح حياتهم ووضعهم
* لم نواجه صعوبات أثناء تصوير الفيلم فى المناطق العشوائية وبكيت كثيرا فى مشهد جرّ الفتاة الصغيرة لبيعها
* الفيلم الأصلى وصلت مدته لـ12 ساعة وأحضّر فيلما وثائقيا عن حياة أبطال كفر ناحوم

بدأ منذ يومين عرض فيلم «كفر ناحوم» للمخرجة اللبنانية نادين لبكى، بعد خسارته جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبى لصالح الفيلم المكسيكى «روما» الشهر الماضى، وهو الفيلم الذى يناقش قضية أطفال الشوارع غير المسجلين فى الأوراق الرسمية، ويعيشون فى ظروف اجتماعية غير مؤهلة لحياة الأطفال، إلى جانب مشكلة اللاجئين السوريين والأفارقة، والظروف المعيشية السيئة التى تنقصها كل شىء، مما اضطر الطفل زين وهو أحد أطفال الشوارع الذى اختاره فريق عمل الفيلم لرفع قضية ضد والديه لمداومتهما على إنجاب أطفال وعدم تهيئة أبسط الظروف المعيشية التى يستحقونها، بعد وفاة أخته الصغيرة التى قاما بتزويجها فى سن مبكرة وتوفت بعد حملها بفترة قليلة.

نادين لبكى مخرجة الفيلم التى زارت مصر أمس الأول لحضور عرض الفيلم فى إحدى قاعات السينما المصرية لأول مرة أمام جمهور مصرى، دافعت عن الاتهامات الموجهة للفيلم بتضخيمه للواقع وتصويره حياة هؤلاء الأطفال كأنها مأساة غير حقيقية، مؤكدة فى جلسة نقاشية عن الفيلم بحضور «الشروق»، أن ما تم تناوله جزء من الواقع، لكن الحقيقة أقسى بكثير.

تقول نادين: بكيت كثيرا أثناء تصوير الفيلم، وأكثر مشهد تأثرت به هو مشهد «جر الفتاة الصغيرة على السلالم لتزويجها وبيعها فى سن مبكرة»، كان تصويره صعبا جدا على مدى يومين، وبعد 3 أشهر من التصوير عدنا مجددا لنفس الأماكن لنصور نفس المشهد المؤلم فى مكان شهد فى الحقيقة حالات سابقة لفتيات تم بيعهن للزواج المبكر وبالتأكيد كان هناك فتاة فى نفس المنزل تعرضت لنفس المصير أو ستتعرض له مستقبلا وهذا كان أمر صعبا علينا وعلى الممثلين.

< الفيلم لم يحمّل الآباء المسئولية كاملة عن حياة ومعاناة أطفالهم.. هل تعمدتى ذلك؟

ــ كان بداخلى أحساسيس متناقضة دائما بين قسوة الحقيقة والمعاناة التى يشهدها الأطفال، فى البداية تغضبين على الأهل، ثم وبعد دقائق من النقاش معهم تدركين أنه ليس من حقك الحكم عليهم وأنهم ضحايا بدورهم ولهم أسبابهم فى هذه المعاناة، وكان ضرورى أن نخرج من الفيلم بتوضيح وجهة نظر الأهل وأنهم أكبر ضحية لهذا المجتمع.

< كم من الوقت استغرق اختيار الممثلين؟

ــ قضيت ومعى فريق بحث مكون من 6 أشخاص 7 أشهر فى اختيار الممثلين واختبارهم فى جميع أنحاء لبنان، ثم وبعد بدء التصوير كنا نقابل أشخاصا جددا ونكتشف قصصا تستحق ضمها إلى فريق العمل، وانضمت بعض الشخصيات التى قابلتها من قبل وتعانى من نفس الأزمات.

< كيف أقنعتِ الشخصيات الحقيقة بتأدية معاناتهم فى فيلم سينمائى؟

ــ كل شخص من الممثلين شعر أنه جزء من المهمة، وأنه صوت للناس ويمثلهم، ولتعويض حق كل من رآه يتعرض للضرب أو الاغتصاب والإهمال، وشعر أنه مسئول عن القضية طوال التصوير، هم بحاجة لرواية القصص، حتى الأب والأم اللذان يعيشان نفس المواقف سواء بنفسهما أو مع أقاربهما أو جيرانهما، فهم جميعا من نفس البيئة وبحاجة لروايتها.

< هل واجهتم صعوبات فى التصوير داخل المساكن العشوائية بلبنان؟

ــ بالعكس تماما.. كانوا مرحبين بنا، وفتحوا لنا البيوت وسمحوا بمشاهدة كل التفاصيل لنقلها للمجتمع الذى لا يشعر بهم.

< وكم استغرق تحضير الفيلم كاملا؟

ــ عملنا على الفيلم خلال 4 سنوات، والفكرة جاءت من إحساسى بالمسئولية، فأنا أعيش بلبنان وأرى منظر الأولاد بالشوارع يعملون ويتعرضون للعنف وكان لا يمكن غض النظر أكثر من ذلك عن هذه الجريمة، ولا بد من فهم حجم الكارثة التى نعيشها فى لبنان والشرق الأوسط بل فى العالم.
هناك أولاد تعرضوا للإهمال والاغتصاب والضرب والتحرش لدرجة أنهم أصبحوا لا يشعرون بشىء ولا يقدرون على اللعب، أصابتهم حالة من الصدمة التى ستكبر معهم وتهدد مستقبلهم وتمهد لكارثة إنسانية كبيرة.

< كيف واجهتِ الانتقادات الموجهة للفيلم؟

ــ لم أنزعج من رفض الفيلم أو انتقاده، دائما أول ردة فعل إنسانية تكون رفض مشاهدة العيوب والأشياء الشاذة، ولكنها الحقيقة والوضع الحاصل وهو أسوأ بكثير مما ظهر، لكن أيضا كان للفيلم ردود فعل إيجابية كثيرة واستجابة للمشاعر الإنسانية التى يطرحها.

< بعض الآراء قالت إن مدة عرض الفيلم طويلة بعض الشىء.. فما ردك؟

ــ الفيلم الأصلى مدته تصل إلى 12 ساعة، تكفى لصناعة فيلم جديد، وأصبت بكثير من الإحباط حينما اضطررت لاختصاره فى ساعتين وتقليل المشاهد حتى لا يجد مشاهد السينما صعوبة فى مشاهدة كل هذا الوقت ويكون فى حالة من التركيز الكامل، ولكن ساعتين مدة كافية

< هل قصدتِ إحداث صدمة من الفيلم؟

ــ نعم الصدمة كانت مهمة حتى نثور على الواقع، وأعتقد أن مهمة الفيلم نجحت.

< هل «كفر ناحوم» كسر الصمت عن الأزمة التى يطرحها؟

ــ أكيد.. كفر ناحوم استطاع كسر الصمت عن الوضع والمأساة التى يطرحها وأزمات اللاجئين وغير المسجلين. ولكن خطوات التصحيح لن تحدث بهذه السرعة، وأصبح من المفروض العمل أكثر على أرض الواقع وتحريك الرأى العام لإحداث تغيير.

< ما شعورك بعد خسارة جائزة الأوسكار؟

ــ أنا سعيدة بوصولى فيلم «كفر ناحوم» للقائمة القصيرة لترشيحات الأوسكار، وهو أمر هام وكبير للغاية، بالطبع كنت أتمنى الفوز بالجائزة لإلقاء كلمة أسلط فيها الضوء على أهمية صناعة الأفلام التى تكافح لحل أزمات المجتمع، والحديث عن السينما اللبنانية والعربية من باب المسئولية التى تقع على عاتقنا جميعا لإحداث التغيير.

< هل تشعرين بتخوف من رد فعل الجمهور المصرى؟

ــ لا لست متخوفة، أنا ضميرى مرتاح، وبالتأكيد ستظهر ردة فعل سلبية وغير متوقعة، وهذا الشىء لا يخيفنى، من يرغب فى الهرب من الحقيقة وعدم تصديقها هذه مشكلته، لكن الفيلم حقيقى 100%.

< ما مصير أبطال فيلمك من الممثلين بعد انتهاء الفيلم وشهرته؟

ــ أثناء تصوير الفيلم تعرض أبطاله لمواقف مشابهة عندما صورناها، حتى اختلط الواقع بالتمثيل، مثل رحيل الفتاة الإثيوبية التى سجنت فى الفيلم، وقبض عليها بعد يومين من تصوير مشهد سجنها، وما زالوا يعيشون نفس المأساة، ولكن زين بطل الفيلم الصغير يقيم الآن فى النرويج، مع أسرة مختلفة ويتلقى تعليما جيدا.

< لماذا تختارين دائما ممثلين هواة لأفلامك؟ 

ــ اختيار ممثلين غير محترفين كان ضرورة وليس خيارا فى هذا الفيلم، لأنه ينقل واقعا معينا، نحن كفريق عمل كنا وسيلة لإيصال الصورة وصوت المعاناة حتى طريقة التصوير كانت بسيطة واستخدمنا الإضاءة الطبيعية، كنا نصور على ديكور حقيقى سواء فى المنازل أو السجون، لم نضف أى شىء على الحقيقة حتى الرسومات على الحيطان والبيوت، والأماكن التى ينام بها الأطفال على الأرض كانت حقيقية لم نغير الواقع.

< كيف وقع الاختيار على الطفل زين الرفاعى بطل الفيلم؟

ــ «زين الرفاعى» الطفل الذى يقاضى أسرته فى فيلم كفر ناحوم، هو أحد الأطفال الذين ذاقوا تجربة العيش فى الشوارع، وهو لاجئ سورى، اكتشفه أحد أعضاء فريق الفيلم ووجد أنه أكثر غضبا وأكثر حكمة أيضا، لم يذهب إلى المدرسة وكان صغير الحجم بسبب سوء التغذية، ولديه إحساس بالمسئولية والرغبة فى عرض الحقيقة التى شاهدها بنفسه.

< هل كان السباب والالفاظ الجارحة فى الفيلم مفتعلا؟

ــ لا لم يتم افتعالها، وكانت طبيعية جدا، وزين بطل الفيلم لديه من المسبات والألفاظ أكثر مما ظهر.

< الفيلم طرح قضيتين وهما اللبنانيون غير المسجلين وأوضاع اللاجئين.. وكان من الممكن فصلهما؟

ــ عندما نتطرق لطرح واقع ومشكلة، لا يكون اختيار قضية منفصلا عن أخرى، لم نقدر على فصل التفاصيل عن بعضها، فالكل موصول ببعضه، فمثلما احتك الطفل الذى يقاضى عائلته بالشابة الإثيوبية فى الفيلم والطفلة السورية اللاجئة، بالتأكيد حدث ذلك فى الواقع وتلاقت قصصهم معا فى تفاصيلها.

< ما هى خططك الفنية فى الفترة المقبلة؟

ــ أحضر حاليا فيلما وثائقيا عن كفر ناحوم وحياة أبطاله الحقيقيين والتفاصيل التى تعرضوا لها. وبالمناسبة «كفر ناحوم» ليس المقصود منها منطقة معينة بلبنان، ولكنها كناية تستخدم لوصف الخراب فى أى مكان مثل بلدة كفر ناحوم التى لعنها المسيح، وتستخدم فى الأدب الفرنسى كثيرا، وكنت أوصف بها فى صغرى أى مشهد حزين، وفى الفيلم نقصد بها الخراب الذى وصلنا إليه فى العالم.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك