اليوجا.. رياضة وفلسفة مصرية سطعت في الهند وحرمتها بعض المؤسسات الدينية - بوابة الشروق
الأحد 12 مايو 2024 4:35 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اليوجا.. رياضة وفلسفة مصرية سطعت في الهند وحرمتها بعض المؤسسات الدينية

منال الوراقي
نشر في: الأحد 21 يونيو 2020 - 10:51 م | آخر تحديث: الأحد 21 يونيو 2020 - 10:51 م

باتت رياضة اليوجا، التي يحتفل بها العالم سنويا في الحادي والعشرين من شهر يونيو، إحدى الرياضات الأساسية في الدول، بل وأكثر الفلسفات انتشارًا، بعد أن غزت العالم وتسلّلت إلى البلدان بشكل لافت، خاصة مع ازدياد درجة التوتر في الحياة المعاصرة، فأصبح يمارسها كل شخص يسعى للاسترخاء الجسدي والصفاء الذهني، حتى أنه لا تكاد تخلو دولة من مراكز للتدريب عليها وممارستها.

فضغوط الحياة اليومية وهمومها، عادة ما تحتاج إلى وسيلة لإعادة الهدوء الداخلي إلى نفس الإنسان، وهو ما تعمل عليه اليوجا، إذ تُكسب الجسم التوازن والمرونة، والذهن الصفاء والقدرة على التركيز العميق، الأمر الذي شجع الجمعية العامة للأمم المتحدة لاعتماد 21 من يونيو يوما عالميا لليوجا.

- أصل اليوجا

وبعد آلاف السنين، لا يزال هناك جدل حول منشأ اليوجا، ولكن ما يمكن الاتفاق عليه أنها مجموعة من الممارسات الروحية والعقلية والجسدية، بدأت في الهند القديمة، وركزت على التحرر الروحي للإنسان، واليوم، ينظر إليها معظم العالم كرياضة وحركات فيزيائية تقوي من صحة بنيان الجسد، وفقا لشبكة "كي إم جي كيو" الإذاعية الأمريكية.

وعلى الرغم من معرفة الإنسان باليوجا منذ آلاف السنين، إلا أن التركيز على اليوجا كرياضة لم ينتشر إلا في المائتي سنة الماضية، فأصبحت شكل من أشكال التمارين التي تساعد على اتحاد الجسد والروح من جهة، وبين الإنسان والكون من جهة أخرى، بل وتعددت أنماطها لتجمع بين تقنيات التنفس، والاسترخاء، والتأمل، والحركات الجسدية.

 

 

 

- اليوجا على مدار السنوات

بدأت معرفة الإنسان باليوجا قبل خمسة آلاف عام في الهند، ففي عام 1928 اكتشف علماء الآثار في الهند نقوشا تعود لحضارة وادي السند القديمة، تقدر عمرها بحوالي 4 آلاف إلى 4.5 آلاف سنة، تصور رجل جالس محاط بالحيوانات، يمارس حركة شبيهة بحركات اليوجا، يعتقد أنه الإله الهندوسي شيفا مخترع اليوجا.

فقد بدأت ممارسة اليوجا كمجموعة من التقاليد الدينية والروحانية لدى الهندوس والبوذيين، وكانت تمارس في المقام الأول كنوع من الانسجام الروحي وطريقة للتنوير، وظلت تقتصر ممارستها لآلاف السنوات على منطقة الهند وبعض دول جنوب شرق آسيا، بحسب صحيفة "ذا ميل أند جارديان" الجنوب إفريقية

وفي أواخر القرن التاسع عشر، بدأت تنتشر اليوجا في دول الغرب، عندما أبهر الراهب الهندوسي، سوامي فيفيكاناندا، الحاضرين في برلمان الأديان، الذي انعقد في مدينة شيكاغو الأمريكية، في عام 1893، بمحاضراته حول اليوجا وأديان العالم، لتنتشر وتكتسب تصنيفا جديدا بين ممارسيها كمسار للسلام الداخلي وتعزيز الصحة الجسدية.

وفي عشرينيات القرن العشرين، بدأ عصر النهضة الحديثة لليوجا، حيث تطورت ممارستها بشكل كبير وعلى نطاق واسع، فباتت من الرياضات الأساسية التي انتشرت في معظم دول العالم، فافتتحت مدارس لتعليمها، بدأت بمدرسة كريشنا ماكاريا، التي تعد أول مدرسة لممارستها، والتي تأسست في مدينة مايسور الهندية، في عام 1924.

في البداية كانت اليوجا تحتوي على عدد قليل جدا من الوضعيات الرياضية، لكن بمرور السنوات وتطور طرق ممارستها ظهرت العديد من الأشكال الشعبية لليوجا، واليوم أصبحت رياضة أساسية للحفاظ على صحة الإنسان النفسية والبدينة، بعدما بات يمارسها أكثر من 300 مليون مواطن في جميع أنحاء العالم.

 

 

هل نشأت في مصر أولا؟

رغم الاعتقاد السائد بأن اليوجا رياضة بدأت بالهند وترتبط بالروحانيات الهندية، إلا أن بعض الخبراء شككوا في نسبتها للحضارة الهندية، على رأسهم الباحث الأمريكي ذي الأصول الإفريقية، مواتا آشبي، والباحث بابلو إيماني، اللذان أكدا أن تاريخ اليوجا قد بدأ في مصر القديمة، ومنذ أكثر من عشرة آلاف عام، وفقا لما ذكرته صحيفة "أريزونا ريبابليك" الأمريكية.

ففي كتابه "يوجا المصري"، دعم آشبي رأيه بالنقوش التي اكتشفت على عدد من جدران المعابد والمقابر المصرية، التي تصور عددًا من الحركات المطابقة لبعض الحركات التي يؤديها ممارسو اليوجا، والرموز التي تُمثل مبادىء فلسفة اليوجا على بعض القطع الفنية الأثرية والمخطوطات الروحانية المصرية القديمة، وبالرغم من ذلك، فإن اليوجا، اليوم، قد اتخذت طابعًا هنديا بالكامل.

وهناك أكثر من رواية لطريقة انتقال رياضة اليوجا من مصر إلى الهند، فيقول الباحث بابلو إيماني إن الكتب المقدسة المصرية القديمة ذكرت أن أوزوريس، إله العالم السفلي وملك الأحياء عند القدماء المصريين، هو من نقلها خلال زيارته إلى الهند، وفي رواية أخرى، يعتقد أن اليوجا انتقلت إلى الهند على يد مجموعة من الباحثين المصريين.

 

 

- ليست اليوجا الأصلية

وبالرغم من الانتشار الكبير لها في معظم دول العالم، إلا أن اليوجا التي تمارس في الوقت الحالي ليست اليوجا بشكلها الأصلي؛ فمع مرور الوقت تشكل نوع من اليوجا يعرف باسم "هاثا يوجا"، وهي يوجا الطاقة الجسدية، الشكل المعروف الآن، والذي يمارسه غالبية هواة اليوجا على مستوى العالم، بأشهر الحركات الجديدة، وفق ما ذكرته شبكة "دويتشه فيله" الألمانية.

وتنقسم اليوجا إلى 8 مراحل، تؤدي بالتدريج إلى الغرض المطلوب وهو تخلص الروح من الأسر، وتحريرها من "البراكريتي" وهي الكلمة التي تعني الطبيعة، ويقصد بها العوامل المادية جميعها.

 

 

- اليوجا محرمة؟

وبالرغم من انتشار اليوجا وبرامج ممارستها في دول العالم، إلا أن موقف الهيئات الدينية الممثلة للأديان السماوية كان ضد ممارسة اليوجا، إذ واجهت هجوما من الهيئات الدينية المسيحية والمسلمة على حد سواء، وفقا لقناة الحرة الأمريكية.

فبعد انتشار اليوجا بقوة في أوروبا، وارتباط بعض مدارسها بعلم الطاقة، حذر بابا الفاتيكان منها تحذيرًا شديد اللهجة، ولم يتوقف الأمر عند الفاتيكان، ففي سبتمبر 2004، أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى تحرم ممارسة رياضة اليوجا، موضحة أن "اليوجا من طرق التنسك الهندوسية، ولا يجوز اتخاذها طريقًا للرياضة أو للعبادة"، واصفة ممارستها بأنها تندرج تحت "باب التشبه المنهي عنه شرعاً".

وبعد أربعة أعوام، أصدر المجلس الوطني للإفتاء بماليزيا، الدولة ذات الأغلبية المسلمة، فتوى تحرم ممارسة اليوجا، مؤكدا أن بها "صلوات هندوسية قد تؤثر على عقيدة المسلمين"، ما أثار جدلا واسعا في الشارع الماليزي، ودفع المجلس للتراجع عن الفتوى، ليكتفي بالتشديد على أن تكون اليوجا مجرد رياضة حركية، وفقا لتصريحات رئيس الوزراء الماليزي.

ولم يتوقف الأمر على قرارات المؤسسات الدينية فقط، فقد تقدم مواطنون أمريكيون ببلاغات ضد بعض المدارس التي قررت تعليم اليوجا للأطفال؛ زاعمين أن تعليم اليوجا يعد مخالفة لقوانين الدولة التي تنص على علمانية التعليم، فيما تعد اليوجا تعاليم دينية، غير أن هذا الهجوم لم يلق نجاحًا، بعد أن رأت السلطات أنها مجرد رياضة وليست شعائر دينية.

 

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك