شهدت العاصمة الكازاخية أستانا انعقاد المؤتمر العالمي للمكتبات والمعلومات لعام 2025، حيث أكدت رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين، جفانتسا جوبافا، أن الناشرين وأمناء المكتبات يتحملون مسؤولية مشتركة في ضمان وصول مختلف الأصوات والآراء إلى القراء، مشيرة إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه قطاع النشر اليوم هو تنامي ظاهرة الرقابة الذاتية.
وقالت "جوبافا" عبر كلمتها التي ألقتها خلال المؤتمر: "إن العمل في مجال النشر هو اختيار يتسم بالشجاعة، وبرأيي الأمر نفسه ينطبق على العمل في مجال المكتبات"، وأضافت: "يجب أن نتحلى بالشجاعة في كل الظروف لضمان أن تصل كتابات المؤلفين المتنوعة إلى القراء"، وتابعت: "إن ظاهرة الرقابة الذاتية في تصاعد مستمر وهي أحد أبرز التحديات التي تواجهها صناعة النشر حاليًا؛ لذا علينا أن نظل أقوياء ومتمسكين بنشر الكتب مهما كانت المواضيع مثيرة للجدل".
وشددت "جوبافا" على أن الصدق هو الرابط الأساسي بين المؤلف والقارئ، قائلة: "المؤلفون مطالبون أيضًا بالصدق"، وأضافت: "إن الكتب لا يمكن أن تقدم سوى الصدق للقراء الذين يتوقعون منا النزاهة، ولا ينبغي أن نخذلهم."
واعتبرت رئيسة اتحاد الناشرين أن مهنة النشر والمكتبات تتطلب قدرًا كبيرًا من الشجاعة؛ لأنها تواجه قضايا حساسة وتتعلق مباشرة بحرية التعبير وتنوع الأفكار، وأضافت أن على الناشرين وأمناء المكتبات أن يقفوا ضد الخوف وأن يضمنوا وصول جميع الأصوات إلى القارئ، بغض النظر عن مدى الجدل الذي قد تثيره.
يُذكر أن خطورة الرقابة الذاتية تكمن في أنها لا تأتي من سلطة خارجية تفرض المنع أو الحذف، بل من داخل الكاتب أو الناشر نفسه؛ فهي تحدث عندما يخشى المؤلف أو الناشر أو حتى أمين المكتبة من ردود الأفعال السلبية أو العقوبات أو الانتقادات فيبدأ بتعديل أو حذف أفكار معينة قبل نشرها أو عرضها للجمهور.
فقد يتجنب أحد المؤلفين طرح قضية جدلية ما رغم أهميتها، أو يرفض أحد الناشرين إصدار كتاب ما لأنه يتوقع اعتراضات معينة، أو يحجم أحد أمناء المكتبات عن وضع عمل ما مثير للجدل على الرفوف، وبهذا يحرم القارئ من الاطلاع على تنوع الأصوات الفكرية والثقافية.
ويأتي حديث "جوبافا" في ظل نقاش عالمي واسع حول حرية التعبير وحدودها، خاصة مع تصاعد التوترات السياسية والاجتماعية في كثير من الدول، وهو ما يجعل دور الناشرين وأمناء المكتبات أكثر حساسية وأهمية من أي وقت مضى.