قبل أيام حلت الذكرى 34 لرحيل الفنان الكبير حسن عابدين، والذى توفى فى 5 نوفمبر من 1989، تاركا إرثا كبيرا من الأعمال الفنية، على خشبة المسرح، وأمام شاشتى التلفزيون والسينما، وكذلك عبر أثير الإذاعة، ولكن رغم هذا التاريخ الكبير، كان الاحتفاء به هذا العام منصبا على قصة انضمامه للمقاومة عام 1948 ضد العصابات الصهيونية، حينها كان يبلغ من العمر 17 سنة، وغادر محافظة بنى سويف دون علم أسرته، ليعبر عن موقفه من الاحتلال، ويكشف عن جانب من شخصيته التى ربما لا يعرفها الجميع.
يقول خالد عابدين، نجل الفنان الكبير حسن عابدين، إن والده انضم للمقاومة فى فلسطين عام 1948 وهو فى عمر 17 سنة، ليواجه العصابات الصهيونية التى استهدفت احتلال الأراضى الفلسطينية، وظل لمدة عامين، حتى ألقى القبض عليه، وحكم عليه بالإعدام، قبل أن يفرج عنه مع أعداد من الفدائيين، بعد أن هدد أحد زملائه بتفجير القاعة إذا لم يتم الإفراج عن الجميع، مشيرا إلى أن والده عاد من فلسطين إلى مصر سيرا على الأقدام، وظل طوال حياته مدافعا عن القضية الفلسطينية، ومهموما بها.
كان التمثيل حلم الفنان حسن عابدين منذ الطفولة، وعلى الرغم من أن والده الذى كان من الأعيان رفض خوضه التجربة، فإن والدته كانت داعمه له. يحكى خالد عابدين أن الفنان حسن عابدين ذات يوم أخذ والدته لتحضر مسرحية كان بطلها فى العيد القومى لمحافظة بنى سويف، وشرح لها أنه يقدم فى العمل دور فدائى وسيستشهد خلال العرض، وسيكون ذلك مجرد تمثيل، حتى لا تخاف عندما ترى المشهد أمامها، ولكن رغم ذلك وقت تنفيذ المشهد خلال العرض، وبمجرد أن سقط على المسرح، صرخت وهرولت مسرعة نحوه فاضطر أن يفسد المشهد ويقف ليثبت لها أنه لم يمت، حتى تطمئن عليه.
رحلة احتراف حسن عابدين مع التمثيل، كانت فى «المسرح العسكرى» عقب ثورة 1952، عندما شاهد أحد العروض التى جاب بها الفريق محافظات الصعيد، فذهب إلى الفنان محمود صبحى والد الفنان محمد صبحى، والذى كان ممثل وإدارى الفرقة، وطلب منه أن ينضم للفريق ممثلا، وعندما سأله صبحى ما هو الدور الذى لفت انتباهك، قال له: إنه يستطيع أن يقدم شخصية أحمد عرابى أفضل من الممثل الذى قدمها، لم يكن يعرف فى هذه اللحظة أن الذى يجسد شخصية عرابى هو نفسه الفنان محمود صبحى الذى يتحدث إليه، فغضب صبحى، ووضع فى طريقه العراقيل حتى لا ينضم للفرقة، ولكن مع زيادة إلحاحه وتردده على الفرقة رغبة منه فى الانضمام إليها، ثم التقى بالمخرج نبيل الألفى، فاختبره وقبله ممثلا فى الفرقة، ليتزامل فى هذا الوقت مع عدد من نجوم مصر الذين كانوا فى هذا الوقت أبطالا لفرقة «المسرح العسكرى»، ومنهم الفنانون سعاد حسنى وإحسان القلعاوى وجورج سيدهم، وإبراهيم الشامى وحسن حسنى، واستمرت رحلته مع المسرح العسكرى حتى أصبح بطلا للفرقة، وجاب معها الأقطار العربية، حسب نجله خالد عابدين.
يكشف خالد عابدين، أن والده فى أثناء عمله فى المسرح العسكرى، اختاره المخرج نبيل الألفى بطلا لمسرحية كان اسمها «ثمن الحرية» كتبها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وكان يجسد فيها شخصية القائد الفرنسى «كليبر»، وعلى الرغم من أنها كان من المفترض أن تعرض فى أعياد الثورة، ولكن عندما تم مشاهدتها فى البروفة الأخيرة قبل العرض الرسمى، تم اتخاذ قرار برفض عرضها، وهذا القرار كان صدمة كبيرة بالنسبة له.
يشير خالد عابدين، إلى أن سوء الحظ صادف والده فى كثير من العروض المسرحية الهامة التى قدمها، خاصة بعد أن انضم لفرقة الفنان يوسف وهبى، وقدم كثيرا من العروض، ولكن كانت المشكلة أنه لم يحضر تصوير غالبية العروض.. ثم انضم بعد ذلك للمسرح القومى وقدم كثيرا من العروض، ولكنها أيضا لم يتم تصويرها للتلفزيون، كما أصبح بطلا لمسرح الريحانى فى وقت من الأوقات.
وعلى الرغم من أنه لم يحصل على حقه، وتعرض للظلم، ولكن عندما سئل فى لقاء تلفزيونى: لماذا حصلت على الشهرة متأخرا؟ فكانت إجابته رغم بساطتها كلها «رضا»: «اتشهرت فى الوقت اللى ربنا عايزنى اتشهر فيه».
يؤكد خالد عابدين، أن رحلة النجومية عندما قدم مسرحية «نرجس» من إخراج الفنان الراحل عبدالرحيم الزرقانى، والذى كان والده يعتبره الأستاذ، وفى نفس العام شارك فى المسلسل التلفزيونى «فرصة العمر»، والذى وصفه والده بأنه كان فرصة العمر لكل من عمل به، لأنه كان سببا فى شهرة الكثيرين ومنهم، الفنان محمد صبحى الذى كان هذا المسلسل أول ظهور تلفزيونى له، وقدم فيه شخصيته الشهيرة «على بيه مظهر» والتى حولها إلى فيلم بعد ذلك.
يعتز الفنان حسن عابدين بأعماله التلفزيونية، ومنها «فيه حاجة غلط» و«فرصة العمر» و«أهلا بالسكان»، و«أبنائى الأعزاء شكرا» و«وأنا وانت وبابا فى المشمش»، بالإضافة إلى تجربته فى الإذاعة، حيث كان ممثل إذاعة من الطراز الأول، كما كان يقدم برنامجا يكتبه يوسف عوف، يحمل اسم «عجبى».
وعلى الرغم من أن الفنان حسن عابدين قدم كثيرا من الأعمال فى السينما والتلفزيون والمسرح، فإنه أعلن عن ندمه لمشاركته فى فيلم «درب الهوى» إخراج حسام الدين مصطفى، وكان لا يحب الشخصية التى قدمها على الرغم من إجادتها فى أدائه، أما عن رغبته فى اعتزال التمثيل فى سنواته عمله الأخيرة، فأكد نجله خالد عابدين، أن ذلك حدث بعد أن سافر لأداء العمرة، وخلال تواجده فى الحرم النبوى، انتقده البعض لأنه يعمل ممثلا، فعاد من هناك مقررا الاعتزال بعد مسرحية «عش المجانين»، ولكن قبل أن ينفذ قراره، ذهب إلى الشيخ الشعراوى، ليسأله، فقال له إنه يشاهد أعماله ويحبها، ولم يشجعه على الاعتزال فاستمر فى التمثيل، ولم يعتزل، ولكنه كان يطلب من المخرجين أن يضيفوا له مشهدا وهو يصلى، ويقول: «ربما إذا شاهدنى شاب أصلى فى المسلسل يصلى مثلى».
من العلامات البارزة فى رحلة الفنان حسن عابدين، اختياره لبطولة واحدة من أشهر الحملات الإعلانية المصرية لأحد منتجات المياه الغازية، ويقول عنها نجله خالد عابدين: والدى تقريبا كان أول فنان مصرى يقوم ببطولة حملة إعلانية لمنتج، كان الأمر ليس شائعا وقتها، وعندما عرض عليه رجل الإعلان طارق نور الأمر، رفضه بشدة فى البداية، ولكن المهندس عثمان أحمد عثمان، هو من أقنعه ببطولة الإعلان، ولكن رغم تحقيقه نجاحا كبيرا، إلا أنه تعرض كما كان يتوقع لهجوم كبير من الجمهور ومن زملائه الفنانين، ولذلك كان يرفض كل العروض التى جاءته بعد ذلك لبطولة حملات إعلانية رغم الإغراءات المالية الكبيرة التى عرضه عليه، ومنها إعلان لإحدى علامات السيارات الشهيرة، عرض عليه وقتها الوكيل أن يقوم ببطولة الحملة مقابل الرقم الذى يحدده بنفسه بالإضافة إلى سيارة لكل فرد من أفراد أسرته سنة أكبر من 18 عاما، ورغم ذلك رفض رفضا قاطعا.
ويختتم خالد عابدين حديثه عن والده الفنان حسن عابدين، بالحديث عن انتمائه الكروى، مؤكدا أنه كان مشجعا متعصبا لنادى الزمالك، على الرغم من أنه كان فى الوقت نفسه محبا للكابتن محمود الخطيب نجم النادى الأهلى، ورئيسه الحالى.