وسط أجواءٍ تملؤها الحفاوة والحنين والحضور الكبير من كتاب ومثقفين، شهدت مكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك، حفل إطلاق وتوقيع ندوة مناقشة كتاب «سنوات مع صلاح منتصر.. الإنسان.. الزوج.. الصحفي المستقل»، في حضور منى سعيد الطويل مؤلفة الكتاب والكاتب محمد السيد صالح محرّر الكتاب والكاتب الصحفي عماد الدين حسين الذي أدار الحوار
وأكد عماد الدين حسين أن أسباب سعادته بالكتاب كثيرة، أولها: إنه يقدم نموذجًا وسطيًا راقيًا للصحفي وهو ما نحتاجه اليوم في الصحافة المصرية"، مشيرًا إلى أن هذا الكتاب "فريضة على كل صحفي أن يقرأه ليعرف كيف يكون الصحفي الحقيقي"، موجّهًا التحية لمؤلفته منى سعيد الطويل.
ولفت رئيس تحرير الشروق، إلى عدد من العناوين اللافتة بالكتاب، ومن بينها المقدمة التي كتبها رجل الأعمال المهندس صلاح دياب، واستشهد بكلماته الافتتاحية التي جاءت في صدر الكتاب الصادر حديثًاعن دار الشروق، كما أثنى على ما كتبه الصحفي محمد السيد صالح، محرر الكتاب، وقدّم له التحية، مشيرًا إلى أنه استشهد بعدة مواضع من فصول الكتاب خلال كلمته في الندوة.
أما مؤلفة الكتاب منى سعيد الطويل، فأجابت عن سؤال حول الدافع وراء تأليف الكتاب قائلة: "كرّس صلاح منتصر سبعين عامًا من عمره لخدمة الصحافة، وكانت هذه الفكرة وحدها كافية لأن تدفعني لكتابة سيرته".
وأضافت أنها استلهمت القرار من اللقاء الأخير مع أولاد شقيقه والأحفاده، وما رواه الراحل من ذكريات بدأت من دمياط مرورًا بمحطات حياته كأنها قصة مشوقة.
وتابعت: "قضيت عامين أفكر في نقطة البداية حتى جاء عام 2022، حين قررت دخول مكتبه، أبحث بين أوراقه عن خيط أبدأ منه. لكن كثرة الأوراق جعلتني أشعر أني سأغرق وحدي، فاتصلت بالمهندس صلاح دياب الذي رشّح لي الأستاذ محمد السيد صالح ليعاونني في العمل".
ويقدّم الكتاب شهادةً حيّة وثرية على مسيرة الكاتب الكبير صلاح منتصر، متناولًا محطاته الإنسانية والفكرية، ورؤيته العميقة تجاه الواقع والمستقبل، في صياغة أقرب إلى السيرة الفكرية.
وعلى غلاف الكتاب كتبت زوجته:
"قبل وفاة زوجي بأسابيع معدودة، اجتمعنا حوله، أنا وعدد من أولاد أخيه وأحفاده... كان يعلم في قرارة نفسه أنها ربما تكون الزيارة الأخيرة... ومع أن صوته كان واهنًا للغاية، فإن ذاكرته ظلت حاضرة وهو يتحدث عن بداياته في عالم الصحافة، وعن مَن ساندوه أو حاولوا تعطيل مسيرته. كان صريحًا حتى في الحديث عن أخطائه، وفهمت الرسالة حينها: أن عليّ أن أحقق له أمنيته الأخيرة، أو على الأقل أُكمل ما بدأه".
يضيء الكتاب جوانب مختلفة في شخصية صلاح منتصر، الإنسان والزوج والصحفي الذي ظلّ علامة بارزة في بلاط صاحبة الجلالة لأكثر من نصف قرن.
ومن خلال ما روته زوجته وسجلته بأمانة، نتتبع كفاحه منذ طفولته في دمياط، حيث كان والده تاجر ألبان، وكان مقدرًا له أن يصبح "حلواني"، لكن الصدفة جعلته يقع على ورقة جورنال قادته إلى لقاء الكاتب إبراهيم الورداني الذي فتح له أبواب أخبار اليوم. وهناك، تلقّى درسه الصحفي الأول على يد محمد حسنين هيكل، لكنه لم يتردد في معارضته أحيانًا، حتى كان سببًا في تأخر انتقال "الأستاذ" من الأخبار إلى الأهرام.
ويمتد الكتاب عبر أكثر من سبعين عامًا من مسيرة منتصر في مؤسستي الأخبار والأهرام، متوقفًا عند محطات مهمة في حياته المهنية، من بينها معاركه ضد التدخين، التي عُرفت كقضيته الأشهر، وحواراته الجريئة مثل حواره مع فاروق الفيشاوي الذي اعترف فيه بإدمانه الهيروين، إضافة إلى لقاءاته مع شخصيات عالمية بارزة مثل مونتجمري وأوناسيس، ووصولًا إلى رموز الفكر والفن مثل توفيق الحكيم والشيخ الشعراوي ومحمود الخطيب.
«سنوات مع صلاح منتصر» عمل توثيقي وإنساني نادر، يروي سيرة رجل عاش للصحافة وترك فيها أثرًا خالدًا، ويستحق أن يُقرأ بعناية، لما يحمله من دروسٍ في المهنة والصدق والحياة.