شارك متظاهرون، أغلبهم من الشباب ومن منظمات المجتمع المدني ونشطاء وسياسيين مستقلين في تونس، اليوم السبت في مسيرة "ضد الظلم" وللمطالبة بالحريات، انطلاقًا من "ساحة حقوق الإنسان" وعبر الشارع الكبير "محمد الخامس" وسط العاصمة.
وتأتي المسيرة بعد أسابيع من تحرك احتجاجي واسع في قابس جنوب تونس ضد التلوث البيئي، ووسط إضرابات قطاعية مهنية، وردًا على جلسات محاكمة عن بُعد لسياسيين معتقلين في السجون في قضية "التآمر على أمن الدولة".
كما تأتي أيضًا في ظل محاكمات لصحافيين وقرارات قضائية بتجميد أنشطة جمعيات مدنية ومؤسسات صحفية جمعياتية في حملة تدقيق ضريبي، وانحسار كبير في أنشطة الأحزاب السياسية.
وقال متحدث باسم اللجنة المنظمة للمسيرة للصحافيين: "هدفنا هو توحيد الصفوف. المناخ كما تعلمون اليوم صعب. هدفنا إيقاف الظلم ومنع انزلاق البلاد نحو الهاوية".
وردد المتظاهرون في المسيرة: "حريات حريات دولة البوليس وفات (انتهت)" و"شغل حرية كرامة وطنية".
كما رفعوا لافتة كبيرة كُتب عليها: "رئيس لا يجيد سوى الظلم والوعيد، أين مساركم من الشعب وما يريد".
وقال السياسي المعارض والقيادي في "جبهة الخلاص الوطني" رياض الشعيبي لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ): "في ظل تطور المشهد الوطني بأبعاده المتعددة السياسية والاجتماعية والبيئية، تأتي هذه المسيرة لتعبر عن هذا الالتقاء الوطني الموضوعي حول هدف استئناف المسار الديمقراطي والتنموي الذي توقف منذ أكثر من خمس سنوات".
ويُنظر إلى هذا التحرك في الشارع كمؤشر على حالة توتر بين السلطة والأطياف المعارضة في الأحزاب والمنظمات، بما في ذلك الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر النقابات في تونس.
وقال طارق التوكابري، السياسي المعارض المقيم في باريس ورئيس "الجمعية الديمقراطية للتونسيين بفرنسا" لـ(د ب أ): "أغلب الأمناء العامين للأحزاب في السجن اليوم. من المهم الدفاع عن الحريات العامة والمطالبة بالإفراج عنهم بقطع النظر عن انتماءاتهم السياسية".
وتابع التوكابري: "نحتاج إلى العودة إلى الحياة السياسية والديمقراطية واستعادة دور الأحزاب والمجتمع المدني وإنهاء المحاكمات عن بُعد".
ويتهم الرئيس قيس سعيد، الذي صعد إلى السلطة منذ 2019، خصومه بمحاولات تفكيك الدولة من الداخل والارتباط بدوائر خارجية وبالتسبب في تفشي الفساد بالمؤسسات.
وتنفي وزيرة العدل ليلى جفال وجود قضايا وملاحقات ضد حرية التعبير أو ممارسات تعذيب ضد المعارضين في السجون.
لكن منظمات حقوقية، ومن بينها "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" و"النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين"، تشير إلى تراجع خطير في الحريات العامة، كما لفتت إلى تدهور الوضع الصحي لسياسيين موقوفين في السجون.
وتواجه السلطة ضغوطًا مزدوجة لرفع القيود عن الحريات وتحسين الخدمات العامة وظروف العيش ومكافحة ارتفاع الأسعار.
وقال الناشط طارق التوكابري في تصريحه: "يجب غلق هذا القوس في أقرب وقت ممكن، ويتعين الاهتمام بإيجاد الحلول للمشاكل الحقيقية للمواطنين في الصحة والتلوث والسكن وغيرها".