خوسيه ماريا: إقامة 10 مصانع أسمنت جديدة سيستنزف مليارى دولار
تعويم الجنيه يُمكِن القاهرة من الحصول على قرض من صندوق النقد والبنك الدوليين
فى أبريل من عام 2015، قال خوسيه ماريا، رئيس شركة العربية للإسمنت فى حوار لـ(الشروق) إن استخدام الفحم فى صناعة الإسمنت، سيخفض الأسعار، ويعالج أزمة عدم توفر الطاقة لتشغيل المصانع، كما أن استكمال خارطة الطريق، التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى سيحث الشركة على زيادة الاستثمارات من شركته وشركات أخرى.
ورغم تحقق الأمرين إلا أن ماريا يرى أن هناك مشكلة أكبر وأعمق تعوق الاستثمار الأجنبى الجديد فى مصر، «وتدفع الشركات القائمة إلى دائرة من المعاناة»، حسب قوله، وهى عدم توفر العملة الأجنبية.
هذه الأزمة كادت أن توقف العمل فى مصانع الشركة مرتين فى عام 2016، حيث فشلت الشركة فى دفع مستحقات موردى الفحم الذى تعتمد عليه بنسبة 70%.
«لم نحل المشكلة ولكن طلبنا من موردى الفحم تأجيل الدفع إلى فترات أبعد تصل فى بعضها إلى نهاية العام الحالى حيث تتجاوز قيمة كل طلبية عدة ملايين من الدولارات»، يقول ماريا.
لا تنعكس أزمة عدم توفر الدولار فقط فى توفير الفحم لتشغيل المصانع، ولكن فى تحويل أرباح الشركة فى مصر إلى الشركة الأم فى إسبانيا، «لم نحول أرباحا إلى الشركة الأم منذ 3 أو 4 سنوات»، يضيف ماريا.
وتأسست الشركة العربية للإسمنت فى عام 1997، وتمتلك الشركة النمساوية العربية 60% من أسهمها، وتتخذ من إسبانيا مقرا لها.
ويرى ماريا إنه لحل أزمة شح الدولار فى مصر، فعليها تعويمه، لأن ذلك سيمكنها من الحصول على قرض من صندوق النقد أو البنك الدوليين، «وتستطيع طلب مبلغا كبيرا يساندها حتى تمر هذه الأزمة». ويعتقد رئيس العربية للإسمنت أن عدم حل أزمة شح الدولار سيعيق مصر من الحصول على استثمارات كبيرة، «فالشركات الكبرى والمتعددة الجنسيات لن تدخل مصر قبل التأكد من حل هذه المشكلة لتضمن سهولة الدخول والخروج ولن تأتى إلا الشركات الصغيرة فقط».
وبعد مرور عامين على معركة الطاقة مع وزيرة البيئة حينها ليلى اسكندر، والتى رفضت الاعتماد على الفحم فى مصر لتوفير الطاقة لشركات الاسمنت، وخسرت المعركة، وبدأت الـ 22 شركة القائمة فى مصر مراحل التحول إلى استخدام الفحم. كما استكملت الدولة خارطة الطريق بنهاية 2015 حيث اجريت الانتخابات البرلمانية، وعقد مجلس الشعب أول جلساته منذ نحو شهرين.
ويقول ماريا إن واحدا من توقعاته تحقق وهو انخفاض سعر الإسمنت بالفعل بنحو ما يزيد عن 100 جنيه للطن، ليصل إلى نحو 500 جنيه للطن مقابل نحو 600 جنيه للطن فى عام 2014، «ولكن ليس بسبب السماح باستخدام الفحم، وإنما بسبب زيادة الانتاج عن حاجات الاستهلاك».
ويضيف أن معظم مصانع الإسمنت لم تعتمد على الفحم بعد فى الصناعة، وهى فى مراحل التحول من المازوت والغاز إلى الفحم.
وأكملت العربية عملية التحول وتعتمد على الفحم بنسبة 70% والنسبة الباقية من الطاقة المولدة من المخلفات.
وقد أنشأت «العربية» أخيرا شركة لإنتاج الطاقة من المخلفات لتلبية احتياجات مصنعها فى المقام الأول وبيع الباقى، وتعتزم زيادة رأس مالها والطاقة الانتاجية فى وقت لاحق، لكن ماريا رفض تحديد حجم الزيادتين.
وتنتج الـ 22 شركة القائمة بحسب ماريا، نحو 75 مليون طن، فى حين يصل حجم الاستهلاك إلى 53 مليون طن سنويا، لذلك يبدى ماريا دهشته من اعلان الحكومة عن طرح رخص أسمنت جديدة، ويقول «قد تهدف الحكومة إلى جمع بعض المبالغ المالية لكن مقابل مليار جنيه قد تجمعها ستخسر مليارى دولار».
وكانت الحكومة قد طرحت قبل عدة أسابيع 14 رخصة أسمنت، وقام نحو 35 مستثمرا بسحب كراسة الشروط حتى الان، وتمتد المدة لسحب كراسات الشروط حتى مايو المقبل، وكان من مبررات الحكومة التى جاءت على لسان بعض وزرائها، إن احتياجات مصر من الإسمنت ستتزايد خلال السنوات القادمة وهذه الرخص، لمصانع تهدف إلى تغطية الاحتياجات المستقبلية.
«كيف سأحل مشكلة ستأتى بعد عدة سنوات، وأزيد من تأزم مشكلة الدولار الحالية»، يقول ماريا، ويوضح إنه إذا تمت إقامة 10 مصانع فقط من الـ 14 رخصة ستحتاج معدات من الخارج بنحو مليارى دولار، بواقع 200 مليون دولار لكل مصنع، وهو ما يعنى هدر مليارى دولار فى وقت لا تضطر الدولة فيه إلى ذلك.
ويشير إلى أن إنتاج المصانع الحالية يغطى احتياجات السوق ويفيض، وهو ما دفع نحو 5 شركات من بين 6 شركات تنتج أسمنت لتحقيق خسائر العام الماضى، كما أن هناك حلولا بديلة تستطيع مصر الاعتماد عليها حتى لا تهدر العملة الأجنبية، ومنها إن تسمح بإنتاج أنواع من الأسمنت فى مصر مثل أوروبا تقل فيها نسبة الكلينكر مما يزيد الطاقة الانتاجية بنسب تتراوح بين 5% و10%، كما أن أى مستثمر يستطيع شراء مصنع للأسمنت بنحو 250 مليون دولار بدون الحاجة للخارج.
ويستبعد ماريا أن يكون قيام 35 مستثمرا بسحب كراسة شروط الرخص الجديدة تعبيرا عن اهتمام بهذا القطاع الحالى الذى يؤدى إلى خسائر، ويقول إنه فى عام 1997 عندما طرحت الحكومة 14 رخصة أيضا قام 53 مستثمرا بسحب كراسة الشروط فى اليوم الأول للطرح، وعند المقارنة يظهر الفرق ومدى الاهتمام.