تزامنا مع رفعها.. كيف كانت تُكسى الكعبة المشرفة قبل الإسلام؟ - بوابة الشروق
الأحد 16 يونيو 2024 10:55 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تزامنا مع رفعها.. كيف كانت تُكسى الكعبة المشرفة قبل الإسلام؟

منال الوراقي
نشر في: الخميس 23 مايو 2024 - 1:47 م | آخر تحديث: الخميس 23 مايو 2024 - 1:47 م

رفعت الهيئة العامة للعناية بشئون الحرمين، الجزء السفلي من كسوة الكعبة المشرفة بمقدار ثلاثة أمتار تقريبًا، وتغطية الجزء المرفوع بإزار من القماش القطني الأبيض بعرض مترين تقريبا من الجهات الأربع، وذلك كما جرت عليه العادة السنوية استعدادا لموسم حج هذا العام.

وتأتي عملية رفع ستار الكعبة عن طريق مجموعة من المختصين من مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة، وهي عبارة عن طي ستار الكعبة المكسوة بقطعة من الحرير الأسود المخطوط عليها آيات من القرآن الكريم للأعلى، لرفعها عن العبث، ولتكون فرصة سانحة للطائفين لرؤية أستار الكعبة مرفوعة، جريًا على العادة السنوية.

ولكن، كيف كانت تُكسى الكعبة المشرفة قبل الإسلام؟

في كتابه "كسوة الكعبة المعظمة عبر التاريخ"، الصادر في مايو عام 1985، رصد المؤرخ الكبير السيد محمد الدقن، من خلاله تاريخ تصنيع وزركشة ونقش كسوة الكعبة المشرفة منذ بناؤها.

ووفقا للكتاب الذي يتناول تاريخ كسوة الكعبة المشرفة، فلم يذكر المؤرخون من كسا الكعبة بعد تبع الحميري، ملك اليمن، الذي يعد أول من كسا الكعبة كسوة كاملة، وخلفائه، ولكن الناس بعد أن رأوا كسوة تبع وخلفائه على الكعبة لم يتركوها مجردة قط، فبدأ الناس في الجاهلية يكسون الكعبة تقربا؛ فكل من أراد كسوتها وضع الكسوة التي عليه فعلقها بها بحيث أصبح معلقا على وجه الكعبة الأكسية من الحرير والخيش والشعر وغيرها من مختلف الثياب التي تهدى إليها وتعلق عليها.

وهذا ما تؤكده الروايات التي أوردها المؤرخون، فقد رووا عن ابن أبي مليكة أنه قال: «بلغني أن الكعبة كانت تكسى في الجاهلية كسى شتى؛ كانت البدنة تجلل الحبرة والبرود والأكسية وغير ذلك من عصب اليمن، وكان هذا يهدى إلى الكعبة ...؛ فيعلق فتكسى منه الكعبة، ويجعل ما بقي في خزانة الكعبة، فإذا بلي منها شيء أخلف عليها مكانه ثوب آخر، ولا ينزع مما عليها شيء، وكان يهدى إليها خلوق ومجمر (معطر)؛ وكانت تطيب بذلك من بطنها ومن خارجها».

‎ورووا أيضا عن النوار بنت مالك بن صرمة، أم زيد بن ثابت -رضي الله عنه- أنها قالت: «رأيت على الكعبة قبل أن ألد زيد ابن ثابت - وأنا به نسيء- مطارف -رداء ذو أعلام- خز خضراء وصفراء وكرارا -خيش رقيق- وأكسية من أكسية الأعراب وشقاق شعر».

‎وأيضا رووا عن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم السلمي أنه قال: «نذرت أمي بدنة تنحرها عند البيت وجللتها شقتين من شعر ووبر، فنحرت البدنة وسترت الكعبة بالشقتين، والنبي ﷺ يومئذ بمكة لم يهاجر، فأنظر إلى البيت يومئذ وعليه كسى شتى من وصائل وأنطاع وكرار وخز ونمارق عراقية، كل هذا قد رأيته عليه».

والجدير بالذكر أن كسوة الكعبة لم تظل في الجاهلية رهن مشيئة الأفراد الذين كانوا يتقربون بها فقط، ولكن قريشا نظمتها منذ عهد قصي بن كلاب؛ ففرضت على القبائل الإسهام في الكسوة كل حسب طاقته، وقد ظلت القبائل توفي بالتزاماتها في هذا السبيل حتى نشأ أبو ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن مخزوم؛ ‎وكان ذا ثراء واسع من تجارته مع اليمن، فقال لقريش: أنا أكسو الكعبة وحدي سنة وجميع قريش سنة؛ وظل يفعل ذلك؛ يأتي بالحبرة الجيدة من أرض السكاسك باليمن فيكسوها الكعبة إلى أن مات، فسمته قريش: العدل؛ لأنه عدل فعله بفعل قريش كلها في كسوة الكعبة؛ وقد أطلقوا على بنيه بني العدل.

‎كما كساها قبل الإسلام خالد بن جعفر بن كلاب، فقد أصاب لطيما -جملا- في الجاهلية فيها نمط من ديباج -حرير منقوش-، فأرسل به إلى الكعبة؛ فنيط عليها، فعلى هذا يكون هو أول من كسا الكعبة الديباج.

‎وهناك روايات أخرى حول أول من كسا الكعبة الديباج، فبعضها يذكر أن نتيلة بنت حبان أو جناب والدة العباس بن عبدالمطلب هي أول من كسا الكعبة الحرير والديباج؛ ذلك أنها كانت قد أضلت ابنها العباس صغيرا، وقيل: شقيقه ضرار بن عبد المطلب، فجعلت تنشد: "‎أضللته أبيض لوذعيا .. لم يك لحلوبا ولا دعيا .. أضللته أبيض غير خاف .. للفتية الغر بني مناف .. ثم لعمرو منتهى الأضياف .. سن لفهر سنة الإيلاف .. ‎في القر يوم القر والأصياف"، ‎ونذرت إن وجدته لتكسون الكعبة؛ فأتاها به رجل من قبيلة جزام ‎فوفت بما نذرت.

ويمكن التوفيق بين هاتين الروايتين السابقتين بأن خالد بن جعفر بن كلاب هو أول من كسا الكعبة الديباج مطلقا؛ وأن نتيلة ‎بنت حبان هي أول امرأة عربية كست الكعبة الديباج.

وهناك روايات أخرى تفيد بأن الكعبة المشرفة كسيت أول مرة بالديباج -الحرير المنقوش- في الإسلام، فيذكر بعضها أن أول من كسا الكعبة الديباج هو يزيد بن معاوية أو عبد الله بن الزبير أو عبد الملك بن مروان، والبعض الآخر يذكر أن أول من كساها الديباج هو الحجاج بن يوسف الثقفي، وأنها قبل ذلك كانت تكسي القباطي والجلود.

وجميع هذه الروايات توضح مدى اهتمام العرب في الجاهلية بكسوة الكعبة المشرفة، والنظر إليها على أنها من الواجبات والفضائل والمفاخر التي يتسابق إليها القادرون وذوو الفضل؛ وأن الكسوة كانت مباحة لكل من يريد أن يكسو الكعبة متى شاء ومن أي نوع شاء دون أية قيود، فكانت الكسوة توضع على الكعبة فوق بعضها فإذا بليت أزيلت عنها.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك