حملة القمع الصينية ضد الأقليات تستهدف مسؤولي طاقة ورجال أعمال - بوابة الشروق
الإثنين 17 يونيو 2024 11:00 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حملة القمع الصينية ضد الأقليات تستهدف مسؤولي طاقة ورجال أعمال

د ب أ
نشر في: الأحد 24 فبراير 2019 - 4:01 م | آخر تحديث: الأحد 24 فبراير 2019 - 4:01 م

كان "دولت خان شاير بك" المدير بإحدى شركات الطاقة الصينية التي تعمل في قيرغيزستان يعتقد أن زيارة العمل التي يعتزم القيام بها إلى الصين ستستغرق أسبوعاً كما هو معتاد.

وقد ودع "شاير بك" زوجته "أسيل عليمكولوفا" وابنه البالغ من العمر 10 سنوات قبل التوجه إلى مدينة "أورومتشي" الجبلية عاصمة إقليم "شينجيانج" في غرب الصين. كان ذلك في تشرين ثان/نوفمبر 2016، المرة الأخيرة التي رأته فيها "أسيل عليمكولوفا".

وبعد لقاء الوداع بأيام، أبلغ "شاير بك" زوجته بأنه يواجه مشكلات في العمل، وقد يضطر إلى البقاء مدة أطول. وذكرت "عليمكولوفا" أن زوجها مواطن صيني من أصل كازاخستاني ويعمل مديرا للشؤون المالية في شركة "شونجيوان إنرجي". أما هي، فتعمل محاسبة في نفس الشركة الصينية.

واستمرت زيارة "شاير بك" للصين عدة أشهر، كان الزوجان خلالها يتواصلان عبر الهاتف يوميا. وفي تشرين ثان/نوفمبر 2017 انقطع الاتصال تماما مع "شاير بك".

وقالت "عليمكولوفا" إن زوجها كان يقول إنه عالق في الصين ولا يستطيع مغادرة البلاد، ثم اختفى.

وفي قيرغيزستان، قال مسؤولو الشركة للزوجة إن زوجها تم اعتقاله في معسكر "إعادة تثقيف" صيني.

ويقول نشطاء حقوق الإنسان إن أكثر من مليون صيني من أـبناء الأـقليات المسلمة في الصين مثل الويغور والكازاك والقيرغيز والتتار والهوي، يخضعون حاليا لـ "إعادة تأهيل" في معسكرات خاصة بإقليم "شينجيانج" في إطار جهود حكومة بكين لإذابتهم في المجتمع الصيني.

ولم تتلق وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) ردا على محاولاتها المتكررة للحصول على تعليق من شركة "شونجيوان"، كما لم ترد وزارة الخارجية الصينية على أسئلة الوكالة التي تم إرسالها إليها عبر البريد الإلكتروني للتعليق على واقعة اختفاء "شاير بك".
وتطال حملة القمع التي تشنها السلطات الصينية ضد أبناء الأقليات العرقية والدينية جميع المستويات الاجتماعية في إقليم "شينجيانج"، وهي تشمل شبكة مراقبة واسعة وقيودا على ممارسة الشعائر الدينية.

وخلال الأشهر الأخيرة، بدأ نشطاء أقلية الويغور المسلمة تجميع قوائم بالنخب الثقافية التي اختفت في معسكرات إعادة التثقيف، والتي تشمل شعراء ومغنين.
كما تطال حملة القمع رجال أعمال، وبخاصة من لهم علاقات خارجية، وهو ما يتعارض مع سعي الحكومة الصينية إلى تحسين حركة التجارة في المنطقة.

وقد أجرت "د.ب.أ" مقابلات مع أفراد عائلات أربعة أشخاص يعملون في قطاع الطاقة في قيرغيزستان وكازاخستان، والذين يقال إنهم اختفوا في معسكرات داخل "شينجيانج". وقد تم القبض على كثيرين من رجال الأعمال الذين يمارسون التجارة عبر الحدود بين الصين وكازاخستان وإرسالهم إلى هذه المعسكرات.

ويقول "ريان توم"، أستاذ التاريخ الذي تركز دراسته على تاريخ "الويغور" والدين بجامعة لويولا نيو أورليانز الأمريكية: "الأنشطة الاقتصادية الدولية محظورة بشكل أساسي بالنسبة لأبناء الويغور والكازاك... مجرد السفر إلى دولة أجنبية يكفي لإرسال هؤلاء الناس إلى المعسكرات، مما يعيق القيام بأعمال تجارية".

ويضيف "توم" إنه كما تبدو الحكومة الصينية مستعدة لتقبل تضرر سمعتها الدولية بسبب سياساتها في "شينجيانج"، فإنها أيضا تضع هذه السياسات فوق مصالحها الاقتصادية.

فقد ضخت حكومة إقليم "شينجيانج" مليارات اليوان لتعزيز الإجراءات الأمنية وإقامة شبكة متزايدة من معسكرات الاعتقال. وفي الوقت نفسه، تتحمل الشركات في الإقليم نفقات تعيين أفراد أمن، واستخدام أجهزة للكشف عن المعادن، وفقا للاشتراطات الحكومية.

وتبرر الحكومة الصينية حملة القمع التي تستهدف الأقليات بأنها ضرورية لمنع النزعة الانفصالية والإرهاب، في أعقاب أعمال العنف العرقي الدامية التي وقعت بإقليم "شينجيانج" في عام 2009. كما أنها تأتي في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دول آسيا الوسطى المسلمة.

ويقع إقليم "شينجيانج" الذي يرتبط بحدود مع كازاخستان وقيرغيرستان وطاجيكستان وغيرها من دول آسيا الوسطى، في قلب مبادرة "الحزام والطريق" التنموية للرئيس الصيني "شي جين بينج" والتي تتضمن استثمار تريليون دولار في مشروعات البنية التحتية وطرق النقل والمواصلات عبر أراضي آسيا وأوروبا وإفريقيا.

وترتبط الصين وكازاخستان بعلاقات قوية في مجال الطاقة. ومنذ عام 2006 تدير الدولتان خط أنابيب نفط نقل حوالي 3ر12 مليون طن من النفط الخام إلى الصين في عام 2017.

ومن المسؤولين الذين تعرضوا للاحتجاز في معسكرات التثقيف الصينية "تشماش آيب" الذي كان يعمل مهندسا في مشروعات شركة نفط وغاز صينية في منطقة "أكتاو" بكازاخستان لمدة 20 عاما، قبل أن تطلب منه الشركة الذهاب إلى الصين في يوليو 2018. وبمجرد عبوره للحدود، تم اعتقاله، بحسب ما ذكرته شقيقته " ميخوا أيب".

وتقول "ميخوا" إنها عرفت من أفراد أسرتها أن شقيقها محتجز في معسكر اعتقال بمدينة "كاراماي" بإقليم "شينجيانج".

وتقول "كاكين بيكامال" إن زوجها الذي كان يعمل في شركة نفط صينية بكازاخستان تم اعتقاله في أبريل 2017 في "كاراماي".

وتقول "بيكامال" إن مسؤولي الشركة قالوا لزوجها إنهم سيوقفون صرف راتبه إذا لم يذهب إلى الصين. ورغم ذهابه إلى الصين، تم وقف صرف راتبه حيث تعتمد الأم الآن على مساعدات الأقارب والجمعيات الخيرية المحلية لتوفير احتياجات بنتيها.

وحتى الان، فإن الانتقادات الدولية لمعسكرات الاعتقال الصينية مازالت ضعيفة حتى من جانب الدول ذات الأغلبية المسلمة التي يرتبط أغلبها بعلاقات اقتصادية قوية مع الصين. ولكن تركيا طالبت الصين في وقت سابق الشهر الحالي بمعاملة مسلمي الويغور بطريقة إنسانية.

ولم تصدر انتقادات ملحوظة في كازاخستان أو قيرغيزستان، اللتين يوجد فيهما مئات الأسر المقسمة نتيجة سياسة معسكرات الاعتقال الصينية، لهذه السياسة.

ورفضت وزارة الخارجية الكازاخستانية الرد على رسالة بريد إلكتروني من وكالة الأنباء الألمانية بشأن مصير "أيب" وغيره من عرقية الكازاك في الصين.

وترى السيدة "عليمكولوفا" أن الحديث إلى وسائل الإعلام الأجنبية ومناشدة المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة ملاذا آخيرا للفت الانتباه إلى قضية زوجها "شاير بك". ومنذ أكثر من عام عندما تم إرساله إلى معسكر الاعتقال، كانت تعتقد أن فترة الاعتقال ستكون قصيرة.

وتبددت آمالها بعد ذلك بثلاثة أشهر عندما قامت الشركة بتعيين شخص آخر، ينتمي إلى عرقية الهان الصينية، ليحل محل "شاير بك".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك