مهن الصحابيات (2).. أم عطية الأنصارية: رائدة تغسيل موتى المسلمين - بوابة الشروق
الأربعاء 15 مايو 2024 5:19 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مهن الصحابيات (2).. أم عطية الأنصارية: رائدة تغسيل موتى المسلمين

هند أحمد عمر
نشر في: الجمعة 24 مارس 2023 - 4:10 م | آخر تحديث: الأحد 26 مارس 2023 - 12:01 م

يتبين من الاستشهادات القرآنية ومن السنة النبوية، أن الإسلام كرم الرجل والمرأة وحثهم على العمل على حد سواء، وأعطى المرأة الحرية الكاملة في التصرف في مالها، وأعطاها حق اختيار العمل أو المهنة التي تميل إليها، وليس فيها مخالفة لنص شرعي.

ويقول الله تعالى في قرآنه: "وقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ"، فيما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لَأَنْ يَحْتَطِبَ أحَدُكُمْ حُزْمَةً علَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ له مِن أنْ يَسْأَلَ أحَدًا، فيُعْطِيَهُ أوْ يَمْنَعَهُ".

وتستعرض "الشروق" في حلقات خلال الـ10 أيام الأولى من شهر رمضان، مهن الصحابيات في عهد النبي مع ذكر أمثلة لهؤلاء الصحابيات اللاتي امتهنَ هذه المهنة.

الحلقة الثانية: "تابع منهة الطب المنشورة في الحلقة الأولى"

امتهنت النساء في عهد النبي مهنة الطب، فكان للعلوم الطبية مكافحة خاصة في الإسلام، حيث إن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان يحث الصحابة على البحث عن الشفاء بوسائل العلاج والتطبب المعروفة، مما شجع المسلمين على وضع علم الأبدان في مصاف واحد في أهميته مع علم الأديان.

وهكذا اهتم المسلمون بصناعة الطب اهتمامًا كبيرًا فتسابقوا لدراسة الطب، ومنذ بداية الإسلام وحتى اليوم نجد أن تاريخ الدولة الإسلامية حافل بأسماء أطباء عظام خدموا دولتهم والعالم أجمع وأسماؤهم ما زالت تتردد حتى اليوم في الأوساط الطبية.

ولكن مثلما كان هناك عدد كبير من الأطباء المشهورين، كانت هناك أيضًا طبيبات مسلمات شاركن في مهنة الطب منذ بداية الإسلام وكن جزءًا من تطورها وتدرج أطوارها. غير أن هؤلاء الطبيبات لم ينصفهن التاريخ بل تجاهل دورهن ووجودهن لذلك رأينا لزامًا علينا أن نظهر دور هؤلاء الطبيبات ونوضح مدى مشاركتهن في الحياة الطبية في الدولة الإسلامية، وثاني هؤلاء النساء هي:

أم عطية الأنصارية

هي نسيبة بنت الحارث، وقيل نسيبة بنت كعب هي من كبار الصحابيات التي تحرص على العلم، والتعلم في جميع العلوم فكانت تأخذ التوجيهات من النبي وتلقيها للنساء، وكانت تبادر إلى العمل التطوعي؛ فاشتهرت بعلمها وحكمتها ورجاحة عقلها، وقد قامت بالكثير من الأعمال العظيمة من أجل خدمة الإسلام والمسلمين وكان لها العديد من المواقف المشهودة في تاريخ الإسلام، وذلك كما جاء في كتاب "صحابة الرسول" للدكتور خالد محمد خالد.

تعد تلك الصحابية من كبريات نساء الصحابة، ويكاد يذكر التاريخ معلومات بسيطة عنها، غيرأن تلك المعلومات تظهر الأثر الكبير لها، والدور الذي كانت تقوم به سواء في مجال الجهاد والمشاركة في المعارك العسكرية من حيث مداواتها للمرضى، أو في مجال العلم كراوية للحديث والفقه في شرح العديد من المسائل المتعلقة بالنساء كما سمعتها من الرسول صلى الله عليه وسلم، وتروي كتب السيرة أن أم عطية الأنصارية أسلمت مع السابقات من نساء الأنصار، وفي ساحات الوغى وتحت ظلال السيوف، كانت - رضي الله عنها - تسير في ركب الجيش الغازي، تروي ظمأ المجاهدين وتأسو جراحهم، وتعد طعامهم، واشتهرت بتغسيل الموتى في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم.

جهاد مع الرسول

عن سيرة جهادها مع الرسول صلى الله عليه وسلم، ذكر في كتاب "سير أعلام النبلاء" للكاتب شمس الدين الذهب، قولها: "غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات فكنت أصنع لهم طعاما، وأخلفهم في رحالهم، وأداوي الجرحى وأقوم على المرضى".

ونفهم من ذلك أنه كان لهذه الصحابية دور كبير ومؤثر في المعارك العسكرية التي خاضها المسلمون، حيث إن أم عطية كانت تشارك في الجهاد، وكانت تقوم بأعمال التمريض وإعداد الطعام للجنود، ولم تكتف بذلك بل كانت تقوم بدور الحارس الأمين على أمتعة الجيش. ولم يتوقف دور تلك الصحابية الجليلة عند هذا الحد، بل انها كانت تقوم بتطبيب الجرحى وأيضا كانت تسهر على المرضى وتقوم بخدمتهم، ولا شك أن تلك الخدمات مهمة وجليلة في ميدان المعركة ولا يمكن الاستغناء عنها. وفي غزوة خيبر كانت أم عطية رضي الله عنها، من بين عشرين امرأة خرجن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتغين أجر الجهاد.

وكانت أم عطية شجاعة وقوية ومؤمنة ولديها القدرة على الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن الإسلام. وكانت مستعدة للتضحية بنفسها من أجل انتشار الدين الإسلامي في أنحاء العالم كافة
فهذه المرأة كانت دائما مستعدة لتلبية نداء الحق من أجل الشهادة والفوز بالجنة ولقد ضربت بكفاحها وجهادها وعملها وعلمها وفقهها وبلاغتها أبرز الأمثال على أن الإسلام ارتقى بالمرأة وميزها ووضعها في شتى المجالات جنبا إلى جنب مع الرجل.

غسل الموتى

ذكر في كتاب "صحابة رسول الله" للكاتب خالد محمد خالد، أن أم عطية هي التي غسلت زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم، فعندما ماتت زينب زوجة أبي العاص بن الربيع قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم عطية الانصارية ومن معها: "غسلنها وترا ثلاثا أو خمسا، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك واغسلنها بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا وإذا فرغتن فآذنني".

تقول نسيبة بنت الحارث: فآذناه، فألقى إلينا حَقْوَه، وقال عليه الصلاة والسلام: أشعرنها إياه، وتقول أم عطية الأنصارية: فضفرنا شعرها ثلاثة أثلاث، قرنيها وناصيتها، وألقينا خلفها مقدمتها.
ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما على عائشة فقال: "هل عندك من شيء؟"، قالت عائشة رضي الله عنها: لا، إلا شيء بعثت به إلينا نسيبة "أم عطية الانصارية" من الشاة التي بعثت إليها من الصدقة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: "أنها قد بلغت محلها" وقد ذكر ذلك في كتاب "سير أعلام النبلاء" للكاتب شمس الدين الذهبي.

وبحسب كتاب "نساء حول النبي" للكاتب "محمد إبراهيم سليم"، فإن أم عطية كانت تغسل من مات من النساء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، طلبا للمثوبة والأجر من الله عز وجل. وقد كانت الصحابية الجليلة رضي الله عنها فقيهة حافظة، ولها أربعون حديثا، منها في الصحيحين ستة، وانفرد البخاري بحديث ومسلم بحديث.

وقد أخرج أحاديثها أصحاب السنن الأربعة وروى عنها أنس بن مالك -رضي الله عنه- من الصحابة وروى عنها من التابعين محمد بن سيرين، وأخته حفصة بنت سيرين، وأم شراحبيل وعلي بن الأقمر، وعبدالملك بن عمير، وإسماعيل بن عبدالرحمن. ومن الأحاديث التي روتها ام عطية الأنصارية عن الرسول صلى الله عليه وسلم حديثها في غسل آنية النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثها: "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور. وحديث "كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الظهر شيئا". وحديث "نهينا عن اتباع الجنائز".

وعاشت الصحابية الجليلة أم عطية الأنصارية (نسيبة بنت الحارث) إلى حدود سنة سبعين من الهجرة، وقد انتقلت رضي الله عنها في آخر عمرها إلى البصرة، واستفاد الناس من علمها وفقهها، فكان جماعة من الصحابة والتابعين يأخذون عنها غسل الميت.

اقرأ أيضا:

مهن الصحابيات (1).. رفيدة بنت سعد الأنصاري: أول ممرضة في الإسلام

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك