الأنسولين.. ميزان السكر الحساس - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 3:29 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأنسولين.. ميزان السكر الحساس

ارشيفية
ارشيفية

نشر في: السبت 24 ديسمبر 2016 - 9:30 ص | آخر تحديث: السبت 24 ديسمبر 2016 - 9:30 ص

فى الحادى عشر من شهر يناير يحتفل العلم والعالم بالذكرى الثالثة والتسعين لاكتشاف هورمون الأنسولين. الكشف الذى سجل انتصارا للحياة على أحد أسباب الموت الذى كان للأطفال بالمرصاد يختطفهم قبل أن يصلوا لسن الستين عند إصابتهم بالنوع الأول منه. وعلى مضاعفات مرضى النوع الثانى حيث يأتى العمى على رأس قائمتها التى تشمل الفشل الكلوى وأمراض القلب والشرايين والدورة الدموية الطرفية الأمر الذى يهدد ببتر الأطراف.

بفضل اكتشاف الأنسولين تساوى الأطفال المرضى بأقرانهم وكان لهم أن يأملوا فى حياة صحية طبيعية وكان لمرضى النوع الثانى من السكر أن يتفادوا المضاعفات ويأملوا فى حياة ملؤها الصحة.

للأنسولين حكاية

تبدأ قصة الأنسولين بملاحظة ذكية لطالب ألمانى يدرس الطب فى جامعة برلين العريقة عام ١٨٦٩. تحت الميكروسكوب اكتشف أن خلايا البنكرياس بعضها يختلف عن النوع السائد وكان أن سمى تلك الخلايا باسمه وأشار إلى أن ربما كان لها دور فى إفراز انزيمات الهضم. دراسات أكثر تعمقا فى أنحاء كثيرة من العالم قادت إلى معرفة دور تلك الخلايا أو جزر لانجر هانز (Islets of langerhans) والتى بدورها تنقسم إلى خلايا بيتا المفرزة للأنسولين وخلايا ألفا المفرزة لهورمون الجلوكاجون.
تأكدت العلاقة بين غياب تلك الخلايا والإصابة بمرض السكر عام ١٨٨٩ حينما أكد أوسكار ميكنكويسكى البولندى أن «تلف خلايا لانجرهانز يتسبب فى ظهور أعراض ومضاعفات السكر» فبدأ ملامح مرض السكر فى التشكل لكن الحرب العالمية الأولى دقت أبواب الخراب فتوقفت معالم البحث العلمى ومعها تجمدت الجهود التى بذلها العلماء.
وضعت الحرب أوزارها واستأنفت الحياة الطبيعية لتعود المعامل للعمل ويعلن نيكولاى بوليسكى لأول مرة فى تاريخ العلوم عن عزل هورمون الأنسولين فى بوخارست رومانيا عام ١٩٠١ وأطلق عليه تسمية بانكرين نسبة للبنكرياس. توج تلك الجهود العالم الكندى فريدريك بانتنج باكتشافه هورمون الأنسولين وعزله بل واستخلاصه من بنكرياس الأبقار وحقنه فى محاولة لعلاج شاب فى الرابعة عشرة من عمره شارف على الموت فى مستشفى تورنتو الجامعى ونجحت تجربته التى امتد عمر الشاب بعدها ثلاثة عشر عاما تالية.
وصف الطبيب الكندى تركيبة الأنسولين الكيميائية وأثره المباشر فى خفض نسبة سكر الجلوكوز فى البول بعد أن عمل لفترة طويلة على الكلاب التى كان يدمر خلايا البنكرياس فيها دون المساس بخلايا لانجرهانز حتى يتيح لها أن تعمل بمفردها ليسجل ملاحظاته عن طبيعة عملها وأثرها.
ظل العلم والعلماء يتابعون اهتمامهم بالأنسولين ففاز البريطانى فريدريك سانجر عام ١٩٥٨ بنوبل فى الكيمياء إثر وصفه لتركيب بروتين هورمون الأنسولين، وتبعته دورتى هودجكن وروزالين بالو فى عامى ١٩٦٤، ١٩٧٧ لاكتشافات أخرى تضيف معلومات مهمة عن طبيعة الهورمون الأمر الذى يتيح تصنيعه بصور أكثر دقة وفاعلية.

كيف يعمل الأنسولين؟

تفرز خلايا البيتسا من خلايا جزر لانجرهانز الأنسولين فى استجابة توافقية منها لمستوى السكر فى الدم. إذا تناولت طعاما فإنه يتم هضمه فى المعدة والأمعاء بمعنى أن الطعام تتكسر مكوناته بوسائل الهضم المختلفة ليعود إلى مكوناته الأولية. تتكسر الكربوهيدرات إلى عنصرها الأبسط سكر الجلوكوز الذى يدور فى الدم ويمتص فى أماكن الاحتياج له فى كل أعضاء الجسم، خلاياه وأنسجته.
الجلوكوز هو وحدة الطاقة اللازمة لكل العمليات الحيوية التى يقوم بها الجسم تحفظ على الإنسان صحته وسلامة بدنه. الطاقة لازمة سواء كانت للبناء أو الهدم فالتوزان بينهما فى عمليات التمثيل الغذائى هو المؤشر الحقيقى الصادق لمنحنى صحة الإنسان.
الأنسولين هو المفتاح الذى تستخدمه الجلوكوز لدخول الخلايا سواء لأداء مهمة عاجلة أو للبقاء فيها كرصيد يتم سحبه وقت الحاجة. لذا فارتفاع منسوب الجلوكوز فى الدم يقابله ارتفاع فى إنتاج الأنسولين والعكس صحيح انحسار نسبة الجلوكوز فى الدم يقابلها انخفاض فى نسبة إفراز الأنسولين.
لا يقف الأمر عند هذا الحد إنما تبدأ خلايا ألفا فى إفراز هورمون جلوكاجون الذى يعمل على رفع نسبة السكر فى حالة انخفاضها بنسبة كبيرة الأمر الذى يقى الإنسان من أخطار انخفاض السكر إلى درجة قد تعرضه للخطر.
رغم أن الحفاظ على مستويات الطاقة اللازمة للعمليات الحيوية المختلفة فى الجسم تعد أهم ما يدعم الأنسولين من وظائف إلا أنه فى الواقع يسهم بقدر كبير فى عمليات أخرى عظيمة الأهمية لحياة الإنسان منها:
< يحفز الأنسولين هجرة الجلوكوز للكبد حيث يختزن فيه رصيد سهل استخدامه فى حالة الحاجة إليه. يتحول الجلوكوز لجليكوجين يمكن تحوله مرة أخرى لسكر جلوكوز حاضر دائما.
< للأنسولين خاصية تسهيل دخول السكر للخلايا الأمر الذى معه تنخفض نسبته فى الدم وللخلايا خواص تزيد من حساسيتها للأنسولين الأمر الذى يسهل مهمته. الأنسولين يساهم إلى حد كبير فى تنظيم ودعم عمليات التمثيل الغذائى ليس فيما يتعلق بأمر السكريات وحدها حيث يتحكم فى استهلاك السكر فى العضلات وخلايا الأنسجة الدهنية بل يدعم إنتاج البروتينات فى الخلايا ومنها ما يستخدم لإنتاج جميع الانزيمات التى لا غنى عنها لكل العمليات الحيوية بلا استثناء.
< هورمون الأنسولين يحفز عمليات استقرار الخلايا الدهنية السابحة فى الدم فى الأنسجة الدهنية الأمر الذى يزيد معه كم الدهون الثلاثية وإنتاجها.
< يسهم الأنسولين فى دعم عمليات إنتاج البروتينات داخل الخلايا.
< للأنسولين تأثيرات عديدة مختلفة منها دعم تدفق الدم فى الشرايين وتنظيم نسب ومعدلات البوتاسيوم فى الدم وله آثار عدة تنحسر مع انحسار نسبته عند الإصابة بمرض السكر فتقترن بمضاعفات أمراض الشرايين والسمنة وغيرها.

متى يجب اللجوء للأنسولين؟

الأنسولين له أنواع تختلف باختلاف تحضيره ومفعوله الذى يتراوح بين السريع والبطىء. لكن فى النهاية قرار البدء فى العلاج بالأنسولين يحتاج لرؤية واضحة لحالة المريض عامة وإذا ما كان يستخدم بصورة تعويضية أو علاجية كما يلى:
< فشل البنكرياس تماما فى إفراز الأنسولين غالبا ما يكون فى النوع الأول الذى يظهر مبكرا فى حياة الإنسان وفيه يستخدم الأنسولين متى امتد العمر بالمريض وله نتائج مرضية تماما إذا ما تفهم المريض حالته وكان طبيب نفسه.
< فى حالات المضاعفات الحادة التى قد تواجه مريض السكر كالغيبوبة أيا كان سببها ومنها الغيبوبة التى تصاحب تكون الأجسام الكيتونية أو ارتفاع السكر إلى نسب خطيرة.
< أثناء الحمل فتناول الأقراص بلا استثناء له خطورة على الحامل وجنينها.
< أثناء فترات المرض الحادة كجلطة الشريان التاجى أو المخ أو العمليات الجراحية.
< مع مضاعفات السكر الخطيرة كأثره على العين أو الكلى.
< عند تأثر الكبد أو تليفه فالأقراص تؤدى لتفاقم الحالة فى تلك الظروف.
الأنسولين سلاح ذو حدين هو بلاشك العلاج الأمثل عند فشل البنكرياس فى أداء وظيفته لذا يجب أن يبدأ العلاج به دون تردد حينما يقودنا مؤشر السكر فى الدم إليه. تبقى الجرعة الدقيقة التى تؤدى لثبات نسبة الجلوكوز فى الدم بلا زيادة أو نقصان هى العامل الأهم الذى يجب الانتباه إليه بانتظام ليأتى بعدها طريقة الحفاظ عليه من التلف ومراعاة أن يتم تناوله دائما مع الطعام.

اسأل طبيبك قبل أن تبدأ العلاج بالأنسولين

العلاج بالأنسولين له قوانين وليس صحيحا أن من يبدأ العلاج بالأنسولين يجب أن يستمر عليه طيلة حياته إنما كل حالة لها ملابساتها الخاصة.
الفهم لطبيعة عمل الأنسولين هو حجر الزاوية فى العلاج به لذا يجب أن تسأل طبيبك عن كل ما يخطر ببالك قبل البدء فى تناول الأنسولين.
< لماذا يجب أن أعالج بحقن الأنسولين بدلا من الأقراص؟
< لماذا اخترت لى هذا النوع تحديدا من أنواع الأنسولين.
< أعد شرح طريقة تحديد جرعة الأنسولين مرة أخرى من فضلك.
< هل أتناول الأنسولين قبل أم بعد الطعام؟
< هل إذا تناولت وجبة خفيفة (ثمرة فاكهة مثلا) تعد وجبة بالنسبة للأنسولين؟
< هل هناك مضاعفات محتملة للحقن بالأنسولين؟
< إذا حدثت تلك المضاعفات كيف يمكننى التصرف؟
< كيف يمكننى أن أتفادى حدوث المضاعفات؟
< هل لأى مرض آخر أثر على العلاج بالأنسولين؟
< إذا قررت السفر فهل من استعدادات خاصة تنصح بها؟
< كيف أتأكد من ثبات نسبة السكر فى الدم مع اختلاف جرعات الأنسولين وفقا لحالتى.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك