«الشروق» فى قلب صحراء الفرافرة.. مستقبل مصر يبدأ من هنا - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 6:38 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الشروق» فى قلب صحراء الفرافرة.. مستقبل مصر يبدأ من هنا

صور لأعمال الإنشاءات بسهل بركة بالفرافرة ضمن مشروع المليون ونصف المليون فدان
صور لأعمال الإنشاءات بسهل بركة بالفرافرة ضمن مشروع المليون ونصف المليون فدان
الفرافرة ـ عمرو بحر:
نشر في: الثلاثاء 25 أغسطس 2015 - 9:59 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 25 أغسطس 2015 - 9:59 ص

• طريق «الفرافرة ــ ديروط» شريان جديد يربط الصحراء بوادى النيل.. ومجتمع عمرانى متكامل تحت التجهيز

• سائق فى مشروع سهل بركة: بكلم الصحرا وحاسس إنها مبسوطة بالتعمير

• محافظ الوادى الجديد: سنحارب الإرهاب بالتنمية.. والأهالى يتخوفون من سيطرة المستثمر

• وزير الزراعة: لن يحصل أحد على أرض بالمجان.. وسنوفر قروضا ميسرة لغير القادرين.. وعهد التسقيع انتهى

من قلب الصحراء الغربية بالوادى الجديد، كانت نقطة وصولنا إلى الفرافرة للكشف عن المنطقة التى باتت منسية عشرات السنين، تحت وطأة العزلة ونقص الخدمات، وعلى الرغم من مساحتها الشاسعة، ظلت فى نظر الحكومات السابقة كهفا ضيقا يقطنه مجموعة من البشر المنسيين، قبل أن تنفض أخيرا غبار الماضى وتدخل مرحلة جديدة تدخل بها إلى التنمية من أوسع أبوابها.

مع وصول قوافل التعمير فى عام 1959، وبداية الإعمار الحقيقى لمنطقة الوادى الجديد، وحلم إنشاء واد جديد مواز لوادى النيل، نالت الفرافرة جزءا بسيطا من أعمال التنمية والتوطين، بعد استقدام أشخاص من محافظات أخرى للحصول على أراض، استمر فيها من استمر، وهجر المكان من هجر، وسط استمرار العزلة، التى استغلها المتطرفون لتحويل دروبها الصحراوية إلى أوكار لتنفيذ أعمالهم الإرهابية، لتصبح الفرافرة بين يوم وليلة محط أنظار الجميع، عقب تعرضها لحادثين إرهابيين فى العام المنقضى.

نالت الفرافرة نحو 200 ألف فدان من الأراضى الزراعية، فضلا عن 100 ألف فدان فى منطقة شرق العوينات، ضمن مشروع المليون ونصف المليون فدان التى أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى عن استصلاحها وزراعتها، فى بادرة لإعادة الحياة إلى جسد المنطقة التى غابت كثيرا فى طى النسيان الحكومى.

سهل بركة
تقع منطقة سهل بركة فى الجزء الشمالى الشرقى من مدينة الفرافرة، وهى المنطقة الأولى بمشروع المليون ونصف المليون فدان، والتى تضم 10 آلاف فدان صالحة وجاهزة للزراعة، حيث تم الانتهاء من حفر 40 بئرا جوفية، وتنفيذ أعمال البنية الأساسية، وتركيب شبكات الرى الحديث المطور، كما تضم أيضا المنطقة الأولى أعمال إنشاء 3 قرى.

وتتولى الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة أعمال التنفيذ لإنشاء 2500 منزل على مستوى القرى الثلاث الجديدة، فضلا عن 40 عقارا سكنيا فى القرى ذاتها، مع عدد من المبانى الخدمية والحكومية ومحطة لتنقية المياه، وكذلك محطة لتوفير الكهرباء بقدرة 32 ميجا وات، مراعاة لأن الهدف الأسمى هو توطين المنطقة وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة داخلها.

مناطق تحت التجهيز
بجانب المنطقة الأولى التى تضم 10 آلاف فدان صالحة للزراعة بسهل بركة، بدأ العمل فى المنطقة الثانية، التى تقع شمال سهل بركة على مساحة 21 ألف فدان، وتم تنفيذ نحو 40 بئر مياه جوفية، بجانب التجهيز لحفر 60 بئرا أخرى على غرار المرحلة الأولى.

وهناك منطقة ثالثة فى منطقة صحراوية شرق سهل بركة بمسافة 30 كيلو مترا، تضم نحو 5 آلاف فدان، ويجرى العمل على تجهيز الطرق المؤدية لـ20 بئرا جوفيا، حيث إن المناطق الثلاث تقع ضمن المشروع القومى، بجانب 150 ألف فدان فى 3 مناطق أخرى بالفرافرة من المقرر رفع مساحاتها وإجراء تحاليل التربة وجسات حفر الآبار بها قريبا.

سيناريو العمل فى قناة السويس الجديدة يتكرر فى الوادى
بمجرد أن تطأ قدمك مدينة الفرافرة قليلة السكان ذات المحال التجارية المتواضعة، والمقاهى الشعبية البسيطة، تجد أبناء مصر من محافظات الدلتا والصعيد ممن يتوافدون عليها للحصول على لقمة العيش بعدما حفروا فى صخور الصحراء، وحصلوا على أراض للاستصلاح والزراعة منذ حقبة التسعينات، فيما يماثل طبيعة العمل فى مشروع قناة السويس الجديدة.

وهناك ستجد الآلاف من معدات الحفر، والسيارات، ومواد البناء وحديد التسليح، وعمال ومهندسى 80 شركة مقاولات، يصارعون الزمن لإنهاء تنفيذ منازل وعقارات سكنية، لتوطين 3 آلاف شاب، تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، فى مشروع يعيد الحياة إلى المنطقة، ويفتح أبوابا للاستثمار بها بشريا وماديا.

خلايا نحل بشرية تحفر فى صخور التعمير
العمل مستمر دون توقف، والعمال يقفون تحت أشعة الشمس الحارقة وسط لهيب الصحراء، بينما يتبادل المهندسون والمشرفون والعمال المدنيون ورديات العمل، لإنهاء مهامهم فى أسرع وقت.

«الشروق» تجولت بين العمال والمهندسين بالقرى الثلاث فى سهل بركة للتعرف على آمالهم وطموحاتهم ورؤيتهم لمشروعات تنمية الوادى.

يقول رمزى محمد أحمد، 22 سنة، نجار مسلح، إنه أتى من محافظة كفر الشيخ للعمل فى إحدى الشركات بالمشروع، مضيفا أن «لقمة العيش هدف أى شاب يريد الكسب الحلال، لكن روح العمل فى تلك المنطقة أهم بكثير».

واستطرد: «نعمل ليلا ونهارا دون خوف من صعوبة الأجواء والحرارة المرتفعة، حتى أصبحنا نحن من يخيف الشمس، وأملنا أن ننتهى من المشروع وتتحول رمال المنطقة إلى زراعات خضراء بالعمل والتعمير».

محمد على، عامل الخرسانة، ذو الـ24 ربيعا القادم من الفيوم، أعرب عن سعادته بالمشاركة فى المشروع وبناء القرى الجديدة بالفرافرة، موضحا أن «مصر فى مرحلة تحول كبير، وبدلا من أن يذهب أبناؤها للعمل فى الخارج، عليهم إعطاء بلادهم حقها والعمل بداخلها، وسط أهلهم وأحبابهم».

ويعرب سائق الحفار محمد حسنين، أحد أبناء مركز الداخلة، عن تفاؤله بالمشروع قائلا: «أنا بشتغل وبكلم الصحرا، وحاسس إنها مبسوطة بالتعمير والمشروع الجديد زى ما أنا مبسوط».

وأكد المهندسان أحمد محمد إبراهيم وحسين سليمان أن المشروع يعد خطوة مهمة لتحقيق التنمية فى الصحراء، وأعربا عن أملهما فى أن يساهم بإعمار المنطقة ومساعدة البلاد فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من احتياجاتها الزراعية، مطالبين بتوفير الاحتياجات اللازمة للعمال مثل مياه الشرب النظيفة، فى ظل عملهم وسط درجات الحرارة المرتفعة.

أحلام شباب الفرافرة
وفى الجانب الآخر، استطلعت «الشروق» آراء أبناء مركز الفرافرة حول المشروعات الجديدة، ومدى الاهتمام بالمنطقة خلال الفترة الأخيرة، حيث أصبح معظمهم دائم التفكير فيمن سيقطن تلك المناطق، وفى الشروط والضوابط التى ستحكم عملية الحصول على هذه الأراضى.

يأمل محمود على، من قرية الكفاح، فى الحصول على قطعة أرض ومنزل بالمشروع الجديد للاستقرار فى منطقته وتكوين أسرة، حيث إنه يعمل مع والده فى الزراعة، التى هى مهنة آبائه منذ عشرات السنين.

وربط منصور حامد، أحد أهالى قرية أبوبكر الصديق، نجاح المشروع بتمليكه للشباب من مختلف المحافظات، ووضع ضوابط وشروط مشددة لضمان الجدية فى العمل، والحفاظ على أراضى الدولة من النهب، وتابع: «كفانا حصول الشركات على الأراضى، بينما يعمل المواطنون بالأجر اليومى، نحن نريد أن نشعر أن هذه الأرض ملك لنا، وليست ملكا للمستثمر».

وطالب بدر عبدالعزيز، من قرية أبوهريرة، بتسهيل شروط التقدم للحصول على أراضى المشروع فى سهل بركة، وأردف: «العمل الحكومى حلم بعيد المنال، ونحن لن نظل دون عمل، فأنا أعمل ليل نهار فى مقهى بالقرية، بجانب عملى فى الزراعة مع والدى، وكل هذا بأجر زهيد».

ويرى عبدالناصر علم الدين، أحد أهالى منطقة أبومنقار، أن الفرافرة بدأت تتزين من جديد، وبدأ الأهالى يستشعرون روح قوافل التعمير التى وصلت بعد ثورة يوليو، متوقعا أن يعيد الرئيس السيسى «مجد التعمير للوادى الجديد»، من خلال مشروعات الفرافرة وقرى التوطين الجديدة.

«الفرافرة ــ ديروط».. شريان جديد لوادى النيل
قرب منطقة سهل بركة الجديدة، يسلك المتجهون ممرا ودربا صحراويا، على جانبه تبدأ أعمال تنفيذ طريق الفرافرة ــ ديروط، الذى يعد شريان حياة جديدا يربط قلب الصحراء الغربية بوادى النيل، ما سيخدم بدوره القرى الجديدة، ويوفر خدمات لأبناء المنطقة ككل.

ويقول المهندس هانى إمام، مسئول تنفيذ الطريق الذى تنفذه شركة «المقاولون العرب»، إنهم يواصلون العمل ليلا ونهارا لإنهاء المشروع، تحت إشراف جهاز التعمير، لافتا إلى أن الطريق الجديد سيفتح آفاق تنمية حقيقية للمنطقة، حيث سينقل الناس من أقصى الصحراء الغربية إلى قلب وادى النيل فى بضع ساعات.

وبينما يرى محمود عثمان، أحد عمال الرصف والتمهيد، أن هذا المشروع سيكون «بشرة خير» على أبناء المنطقة والمناطق المحيطة، نظرا لما سيمثله من تسهيل الانتقال بين أطراف البلاد.

مستقبل الزراعة والتوطين فى الفرافرة
أسئلة متعددة طرحت بشأن اختيار الفرافرة لتضم جزءا كبيرا من أراضى مشروع المليون ونصف المليون فدان، وما مدى صلاحية تربتها للزراعة، فضلا عن منسوب المياه بالمنطقة، لتأتى إجابة المسئولين بأن المنطقة تشكل حلم مصر لتحقيق الاكتفاء الذاتى.

مدير عام القطاع الزراعى بالوادى الجديد، محسن عبدالوهاب، يواصل جولاته لمتابعة الأعمال بالمشروع الجديد فى سهل بركة، ويؤكد لـ«الشروق» أنه لن يعود إلى مكتبه إلا بعد الانتهاء من الأعمال الزراعية فى المشروع، مشيرا إلى أنه تم توفير مئات المعدات للبدء فى أعمال التسوية، وانتقاء المحاصيل التى ستتم زراعتها، فضلا عن توفير الأسمدة للمساحات المقررة.

وواصل: «جميع نظم الرى فى الأراضى الجديدة بالفرافرة حديثة، وسيتم رى المساحات الزراعية من خلال شبكات البيفوت، بعد الانتهاء من توصيل الشبكات لمساحة 10 آلاف فدان فى المرحلة الأولى بمشروع سهل بركة، مع توفير ماكينات الضخ، وإنشاء الأحواض، وتمهيد الطرق فى فترة وجيزة».

ولفت المسئول إلى أن أراضى المنطقة الصالحة للزراعة سيكون لها بالغ الأثر فى سد الفجوة الغذائية، حيث حققت المحافظة فى العام الماضى إنتاجيات عالية من الزراعات، كما أن هناك أصنافا جديدة رفعت إنتاجية الفدان إلى 30 إردبا، مشيرا إلى تخصيص أماكن لإقامة صناعات تعتمد على الإنتاج الزراعى والحيوانى والثروة السمكية فى المنطقة لاستغلالها على أكمل وجه.

وكشف مدير الإدارة الزراعية بالفرافرة، مصطفى أيوب، أن المركز به 300 ألف فدان صالحة للزراعة فى سهل بركة وعين دالة والفرافرة الجديدة، بحسب التقارير الحكومية، متوقعا أن تشهد المنطقة تنمية شاملة ومجتمعات عمرانية جديدة تحيى المنطقة فى غضون أشهر.

وأكد مسئول بالإدارة العامة للمياه الجوفية والرى فى الوادى الجديد ارتفاع منسوب المياه فى المناطق التى ستقام عليها المشروعات الزراعية والعمرانية الجديدة، حيث تقع على أعماق متر أو مترين فى بعضها، مضيفا أن الدراسات أظهرت استقرار الخزان الجوفى فى سهل بركة بعكس منطقة الخارجة.

وتعهد محافظ الوادى الجديد، اللواء محمود عشماوى، بأن تشهد المنطقة تنمية غير مسبوقة، فى ظل إنشاء مجتمع متكامل وتوطين عدد كبير من الشباب بالمنطقة، التى ستضم أراضى زراعية، ومحطات تنقية مياه، ومحطات كهرباء، ومنازل ريفية، وعقارات سكنية، ومجمع خدمات شامل، إلى جانب طريق الفرافرة ــ ديروط الذى يربط الوادى الجديد بوادى النيل، مشددا على أن هذه التنمية ستكون دون شك أكبر عامل لمواجهة الإرهاب فى المنطقة.

انتهى عهد تسقيع الأراضى
يتخوف بعض أبناء المحافظة من إمكانية تشديد شروط الحصول على الأراضى بالمناطق الجديدة، معربين عن قلقهم من أن يكرر المشروع الجديد مأساة المشروعات الأخرى، فتنتشر عمليات تسقيع الأراضى وبيعها للمستثمرين دون عائد حقيقى على أهالى المنطقة.

نقلت «الشروق» هذه التخوفات إلى وزير الزراعة، صلاح هلال، فى أثناء جولته بالمناطق الجديدة بالفرافرة، ورد عليها قائلا: «لن يحصل أحد على أرض بالمجان، سواء كان شابا أو مستثمرا، فهناك فئة كبيرة من الشباب لديهم أموال يستطيعون شراء أراض بها، أما عن غير القادر سنوفر له مبالغ من بنك التنمية والائتمان الزراعى كقروض ميسرة، يسددها من عائد الأرض.

واستطرد الوزير: «أتابع تطورات العمل فى المنطقة يوميا، والوادى الجديد يحظى بنصيب كبير من مشروع المليون ونصف المليون فدان، وما يتم فى سهل بركة مجتمع عمرانى متكامل».

واستكمل: «لن أتوقف عن العمل فى المنطقة، وسنعمل على متابعة وتوفير متطلبات المجتمع الجديد بها، وأؤكد لكم أن عهد تسقيع الأراضى انتهى، وهناك مراجعة للضوابط والشروط التى سيحصل الشباب والمنتفعون من خلالها على أرض أو منزل ريفى سكنى».

تجارب شبكات رى البيفوت وارتفاع منسوب المياه بالفرافرة

 

القرى الجديدة بسهل بركة بمشروع المليون ونصف المليون فدان بالفرافرة

 

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك