ناشطون إسرائيليون: مجتمعنا ازداد تطرفا ولا يرى الفلسطينيين بشرا - بوابة الشروق
الجمعة 30 مايو 2025 1:59 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

ناشطون إسرائيليون: مجتمعنا ازداد تطرفا ولا يرى الفلسطينيين بشرا

القدس/ الأناضول
نشر في: الإثنين 26 مايو 2025 - 6:44 م | آخر تحديث: الإثنين 26 مايو 2025 - 6:44 م

قال ناشطون إسرائيليون في مجال حقوق الإنسان إن المجتمع في إسرائيل، الملتزم للصمت حيال هجمات الجيش على قطاع غزة والتي أودت بحياة أكثر من 53 ألف شخص بينهم حوالي 19 ألف طفل، بات أكثر تطرفًا، و"لا يرى الفلسطينيين بشرا".

وتواصل إسرائيل تصعيد هجماتها على قطاع غزة وفرض حصار خانق على المساعدات الإنسانية، ما تسبب في كارثة إنسانية بالمنطقة، حيث يواجه الفلسطينيون خطر الموت جوعًا أو تحت القصف.

وبينما تهز هذه الكارثة الإنسانية ضمائر العالم بأسره، كان من اللافت الصمت بل والدعم للمجزرة من قبل شرائح واسعة من المجتمع الإسرائيلي، ما يثير الكثير من علامات التساؤل.

- "بدلا من معارضة الإبادة الجماعية يفكرون فيما هو جيد لإسرائيل"

وفي حديث للأناضول، قيّم الناشطان أندري كراسنوفيسكي، وهو ناشط إسرائيلي من أصل روسي، والناشط الإسرائيلي غاي أفني، رؤية الإسرائيليين لما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، سواء في غزة أو الضفة الغربية، والعوامل التي تغذي الفكر المتطرف، مشيرين إلى أن المجتمع الإسرائيلي بات أكثر تطرفًا.

وقال أفني إن هناك عدة توجهات سائدة في إسرائيل، موضحًا: "الأول هو تأييد الإبادة الجماعية. لا يطلقون عليها اسم الإبادة، كما يدعمون قتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين تحت ذرائع مثل الانتقام أو الأمن. هذا هو التوجه الأكثر يمينية، التوجه الأكثر فاشية".

وأشار أفني إلى وجود توجه آخر يمكن وصفه بأنه "الصهيونية الليبرالية"، قائلا: "هؤلاء يعتقدون أنه يجب فعل كل شيء لإعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة، بعضهم يرى أن ذلك يجب أن يتم عبر مواصلة الهجمات، والبعض الآخر يرى أن الحل هو عبر التفاوض".

وتابع أفني: "لكنني أعتقد أن ما يجمع بين كل هذه التوجهات هو عدم اعتبار الفلسطينيين بشرًا، وعدم التفكير بمصلحتهم، وبدلًا من معارضة الإبادة الجماعية، يفكرون فيما هو جيد لإسرائيل".

ووصف أفني نفسه بأنه مناهض للصهيونية، مشددًا على أنه لا يعتبر ما يحدث في غزة مسئولية بنيامين نتنياهو وحده، مضيفًا: "في رأيي، هذه الإبادة هي جزء من النكبة المستمرة في فلسطين. هي جزء من محاولة الصهيونية الاستعمارية تطهير فلسطين عرقيًا. لذلك أجد صعوبة في اعتبارها حرب نتنياهو الشخصية، بل أراها جزءًا من المشروع الذي تنفذه إسرائيل منذ تأسيسها".

وأضاف: "هناك تصاعد في العنصرية العمياء والعسكرة. السبب في ذلك أن الشوارع باتت محكومة بالسلاح. ومع ذلك، لا أعتقد أن هذا التصاعد في اليمين المتطرف مختلف كثيرًا عن أفكار العنصرية والإيمان بتفوق اليهود، والتي كانت منتشرة في المجتمع الإسرائيلي".

وأشار إلى أن هذا الوضع ناجم عن عوامل مثل الخدمة العسكرية الإجبارية طويلة الأمد ونظام التعليم، مضيفًا: "نحن، كناشطين نعمل في الميدان في الضفة الغربية والقدس الشرقية، ونشهد على جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل منذ عام 1948، ونستطيع أن نرى كيف يرتبط التطهير العرقي في الضفة الغربية بالإبادة الجماعية والعنف في غزة".

وتابع قائلًا: "كل هذه الأحداث هي جزء من مشروع الحركة الصهيونية الاستعمارية، الذي يقوم على مبدأ أقل عدد ممكن من الفلسطينيين، وأكبر قدر ممكن من الأرض".

- "نتاج مباشر للنظام التعليمي وبنية الإعلام"

بدوره، وصف الناشط الروسي الأصل كراسنوفيسكي، الذي استقر في إسرائيل قبل بضع سنوات، تكوين المجتمع الإسرائيلي بأنه قائم على "تطهير عرقي لفلسطين، والاستيلاء على الأراضي، وتأسيس مجتمع قائم على التفوق العرقي، بخطوات بطيئة ولكن ثابتة".

وقال : "المجتمع الإسرائيلي أكثر ميلاً لارتكاب وتأييد الإبادة الجماعية مما يعتقده الناس"، مشيرًا إلى أن التعليم يلعب دورًا مهمًا للغاية في الوصول إلى هذه النقطة.

وذكر أن "أي جزء من تاريخ إسرائيل وفلسطين لا يتماشى مع الأيديولوجية الصهيونية يُستبعد"، لدرجة أن هناك إسرائيليين اليوم يتجولون في الشوارع وهم لا يعرفون معنى كلمة "نكبة".

وأضاف: "في نهاية المطاف، تكوّن مجتمع لم يسمع بأي وجهة نظر أخرى، ويرى الفلسطينيين كأشخاص ليسوا بشرا بالكامل، ويعتبر الإبادة الجماعية في غزة حلاً طبيعيًا للمشكلة".

ووصف مصادر الأخبار في إسرائيل بأنها تتراوح بين "فاشية جدًا" و"أقل فاشية إلى حد ما"، مؤكدًا أن المواقف المتطرفة في المجتمع الإسرائيلي لم تتشكل بشكل عفوي، بل هي "نتاج مباشر للنظام التعليمي وبنية الإعلام".

وأضاف: "عندما تتغذى على فكرة معينة منذ ولادتك، تصبح تلك الفكرة هي واقعك. حتى عندما تتحدث مع من يعتبرون أنفسهم ليبراليين أو يساريين، تجد أنهم يبدأون بعد فترة قصيرة في تبرير قتل الأطفال الفلسطينيين وكأنه أمر طبيعي".

- 82 بالمئة من الإسرائيليين يدعمون التطهير العرقي في غزة

وفي الوقت الذي يُنظم فيه أقارب الأسرى الإسرائيليين كل يوم سبت مظاهرات في تل أبيب للمطالبة باتفاق لإعادة الأسرى مقابل وقف الحرب، يتجنب المشاركون في هذه الفعاليات الحديث عن معاناة الفلسطينيين في غزة، مؤكدين أن هدفهم من الدعوة لوقف الحرب هو فقط إعادة الأسرى الإسرائيليين.

وفي البيانات التي وقع عليها جنود احتياط وأكاديميون وغيرهم من شرائح المجتمع الإسرائيلي تحت شعار "أوقفوا الحرب من أجل إعادة الأسرى الإسرائيليين"، لم يتم التطرق إلى الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها الفلسطينيون.

وحتى عندما اضطرت إسرائيل، تحت ضغوط دولية، إلى السماح بمرور كمية محدودة جدًا من المساعدات الإنسانية إلى غزة، والتي وُصفت بأنها "قطرة في بحر من الاحتياجات الإنسانية"، واجه هذا القرار محاولات لعرقلته من قبل بعض المتطرفين اليمينيين الإسرائيليين.

ورغم وجود عدد قليل من الأشخاص الذين يدعون إلى وقف المجازر بحق الفلسطينيين وينظمون مظاهرات لهذا الغرض، إلى أن الغالبية العظمى من المجتمع الإسرائيلي لا تشغلها سوى قضية إعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة.

وأظهر استطلاع أجرته جامعة بنسلفانيا الأمريكية، شمل 1005 إسرائيليين، أن 82 بالمئة من المجتمع الإسرائيلي يدعمون التطهير العرقي في غزة وإجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم إلى دول أخرى، وذلك في وقت صعّدت فيه الحكومة الإسرائيلية من هجماتها على الفلسطينيين في القطاع.

وبيّن الاستطلاع نفسه أن 56% من الإسرائيليين يعتقدون بضرورة ترحيل الفلسطينيين الذين يعيشون داخل إسرائيل قسرًا إلى خارج الحدود.

- الرقابة الإسرائيلية ودور التعليم والإعلام

ويلعب قطاع التعليم ووسائل الإعلام، إلى جانب سلطة الرقابة الإسرائيلية، دورًا محوريًا في ترسيخ الأفكار المتطرفة داخل المجتمع الإسرائيلي ذي الطابع العسكري.

وتستخدم إسرائيل آلية رقابة صارمة في الداخل، تمنع من خلالها وصول ما يجري في غزة بشكل كامل إلى المجتمع الإسرائيلي.

وفي عام 2024، سجّل قسم الرقابة العسكرية في الجيش الإسرائيلي أحد أعلى معدلات الرقابة في تاريخه، حيث حظر بالكامل نشر 1635 خبرًا، وفرض رقابة جزئية على 6265 خبرًا، وتدخل بصياغة ما يقرب من 21 خبرًا يوميًا، ليمنع بذلك وصول المعلومات التي لا يرغب في نشرها إلى الرأي العام الإسرائيلي.

كما أظهر حظر رفع صور الأطفال الفلسطينيين الذين قُتلوا في غزة، خلال مظاهرة نظمتها منظمة المجتمع المدني "نقف معًا"، والتي أسسها نشطاء إسرائيليون وعرب للمطالبة بوقف الحرب، كيف يتم إسكات الأصوات القليلة المعارضة في المجتمع.

وفي مقال نشرت في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، لفتت الكاتبة الفلسطينية الأصل حنين مجادلي إلى تجاهل الإسرائيليين، الذين يطالبون بالديمقراطية في تل أبيب، لما يجري في غزة، مشيرة إلى أن الإعلام الإسرائيلي شريك في الجرائم التي ترتكبها إسرائيل. لكنها أوضحت أن العامل الأهم في هذا السياق هو التعليم، قائلة: "هذا (التطرف في المجتمع الإسرائيلي) هو ثمرة عملية تلقين عسكري وعنصري تبدأ من مرحلة رياض الأطفال وتستمر حتى الممات".

وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق منذ 7 أكتوبر 2023 حرب إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 177 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك