ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية أن القمة الخامسة والعشرين بين الاتحاد الأوروبي والصين، التي عُقدت في بكين يوم الخميس الماضي، كشفت لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا مدى قوة الجانب الصيني، وحجم الخلافات العميقة التي باتت تفصل "القارة العجوز" عن بكين، على الصعيدين التجاري والدبلوماسي.
وأوضحت الصحيفة، في افتتاحيتها، أن القمة تحوّلت إلى ما يشبه "حوار الطرشان"، حتى في ملف التغير المناخي، الذي يُفترض أن يكون مجالًا للتوافق، إذ تطلّب الأمر جهدًا كبيرًا لصياغة بيان مشترك. أما الملفات الأخرى، فقد شهدت خلافات واضحة خلال الاجتماعات التي استمرت ليوم واحد، رغم أنها كانت مقررة ليومين.
وأشارت لوموند إلى أن فون دير لاين وكوستا قبِلا بعقد القمة في بكين بعدما أبلغ الرئيس الصيني شي جينبينج أنه لا يعتزم زيارة أوروبا.
وأضافت الصحيفة أن الولايات المتحدة أدركت مبكرًا التهديد الذي يمثله صعود الصين بوصفه تحديًا مباشرًا للهيمنة الأمريكية، بينما تعاملت أوروبا، خصوصًا شركات صناعة السيارات الألمانية، مع السوق الصينية كفرصة تجارية واعدة، دون إدراك كافٍ للأبعاد الأمنية. ولم تبدأ أوروبا في إدراك حجم الخطر إلا بعد أن بدأت تتأثر بشكل مباشر.
على الصعيد التجاري، أكدت الصحيفة أن العجز التجاري للاتحاد الأوروبي مع الصين تضاعف خلال عشر سنوات، متجاوزًا 300 مليار يورو سنويًا، في ظل ما تعتبره بروكسل دعمًا حكوميًا صينيًا يُخلّ بمبدأ المنافسة العادلة ويهدد الصناعة الأوروبية. وترى الصحيفة أن الإجراءات الحمائية التي تنتقدها أوروبا لم تتخل عنها الصين يومًا.
ولفتت لوموند إلى أن فون دير لاين ربما لاحظت بنفسها خلال الزيارة التغيّر العميق في المشهد الصناعي الصيني، من حيث بروز سيارات كهربائية وهجينة بعلامات تجارية جديدة وخبرة تقنية متقدمة، لدرجة أن الأوروبيين باتوا مجرد "متفرجين". وأشارت الصحيفة إلى أن شركتي "كاتل" و"بي واي دي" تمثلان اليوم طليعة صناعة البطاريات والسيارات الكهربائية في العالم.
واعترفت فون دير لاين بأن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين وصلت إلى "نقطة انعطاف واضحة"، إلا أن الصحيفة ترى أن الاتحاد لا يمتلك حتى الآن بداية حل حقيقي لهذه الإشكاليات المعقدة.