يمر المشير حسين طنطاوي، الرئيس الأسبق للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، بحالة صحية حرجة، عقب ساعات من وفاة الرئيس الأسبق حسني مبارك وتشييعه من المسجد الذي يحمل اسم المشير.
علاقة طويلة، ومتباينة المواقف والظروف، جمعت بين الرجلين، بدأت باختيار مبارك لطنطاوي قائداً لقوات الحرس الجمهوري عام 1988، ثم تعيينه وزيراً للدفاع وقائداً عاماً للقوات المسلحة في مايو 1991، ليبقى في منصبه لأكثر من 21 عاماً، كأطول قائد عسكري استمر في هذا المنصب في تاريخ مصر الحديث، ثم رقاه مبارك لرتبة فريق أول في يونيو 1991، ثم منحه رتبة المشير في أكتوبر 1993.
وخلال أحداث ثورة 25 يناير 2011، كان هناك تنسيق بين مبارك وطنطاوي في الأيام الأولى، وتحديداً في جمعة الغضب بعد انسحاب الشرطة من الشوارع والميادين، حيث نزلت القوات المسلحة لحفظ الأمن.
لكن في مساء 10 فبراير، بدا وكأن الأمور اختلفت، عندما أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بيان رقم "1" أعلن فيه عقد اجتماع له برئاسة المشير طنطاوي القائد العام، ودون حضور مبارك القائد الأعلى، وذكر البيان أن الاجتماع يبحث الإجراءات والتدابير اللازمة للحفاظ على الوطن ومكتسبات وطموحات شعب مصر العظيم، وقرر المجلس الاستمرار فى الانعقاد المتواصل لبحث ما يمكن اتخاذه من إجراءات فى هذا الشأن.
وبعد نحو 24 ساعة فقط، أعلن نائب رئيس الجمهورية عمر سليمان عبر شاشة التليفزيون في بيان شهير "تخلي مبارك" عن الحكم و"تكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد" ليصبح المشير طنطاوي الشخصية السياسية والعسكرية والتنفيذية الأولى في مصر منذ ذلك الوقت، وحتى انتخاب محمد مرسي رئيساً للجمهورية وتسلمه الحكم في 30 يونيو 2012.
وخلال فترة حكم المجلس العسكري للبلاد، قُدم مبارك للمحاكمة في قضية القرن، رفقة نجليه علاء وجمال ووزير الداخلية السابق حبيب العادلي وعدد من كبار مساعديه، بتهم تتنوع بين قتل المتظاهرين والفساد المالي.
وفي هذه القضية؛ جاءت شهادة المشير طنطاوي أمام القضاء، لتبرئ ساحة مبارك من التهمة والمسئولية عن قتل المتظاهرين، وفقاً لما جاء في حيثيات محكمة الجنايات في 29 نوفمبر 2014 بانقضاء الدعوى ضد مبارك، وفي حيثيات محكمة النقض في 2 مارس 2017 ببراءته من جميع ما نسب له، والتي يمكن إجمالها في النقاط المفصلة التالية:
أولاً: طبيعة أحداث الثورة "مؤامرة ومخطط أحبطته 30 يونيو":
- الأحداث التي جرت بمحافظة السويس في 25 يناير 2011 هي ذاتها التي وقعت بالقاهرة، وتمثلت في اشتباكات مع الشرطة وأعمال غير قانونية، وصولاً لتخريب مصر، من خلال مخطط معد من فترة زمنية.
- تصادف وجود بعض المواطنين الذين لديهم مطالب يعرضونها لكن انقلب الأمر لمظاهر عنف شديدة جداً، وفي النهاية خسارة مصر.
- رصدت القوات المسلحة وجود عناصر مختلفة فلسطينية لحركات حماس وحزب الله والقسام وغيرها بالميادين، تسربوا من الأنفاق التي كان يتم تدمير بعضها ويتعذر تدمير الباقي لبدئها أو انتهائها داخل مساكن الأهالي في سيناء.
- هذه العناصر كان هدفها إشعال البلاد وإسقاط مصر باعتبارها قلب الدول العربية.
- أمريكا تمول الإخوان المسلمين ليشعلوا البلاد كلما هدأت الأمور.
- لم يكن يمكن للأجهزة المعلوماتية توقع ما حدث.
- "ربنا ستر" بما حدث في 30 يونيو 2013 وكان المخرج لمصر، وأُحبط المخطط.
ثانيا: تطور الأحداث "الشرطة لم تستخدم الأعيرة النارية":
- بعد تحول المظاهرات لاشتباكات وهجوم على أجهزة الشرطة والأقسام، نزلت القوات المسلحة عصر يوم 28 يناير 2011، واستغرق انتشارها ما يقرب من يومين لحين استقرار الأوضاع.
- قائد المنطقة المركزية العسكرية أبلغني بوجود عناصر شغب ترتدي ملابس مدنية وتعتلى بعض العقارات، وأنه طلب من القائمين على المظاهرات إنزالهم، وتبين له أنهم عناصر إخوانية والمنتمين للفصائل المتسترة باسم الدين والتي تدعو للأعمال التخريبية.
- اقتحام 10 سجون لم يكن بفعل وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، وإنما نفذته عناصر مخربة بمخطط خائن من الإخوان المسلمين، لتعم الفوضى بالبلاد، وليتم تهريب عناصرهم.
- الشرطة لم تستعن بقناصة من سطح المنشآت العامة أو الخاصة أو العقارات للتصدي للمظاهرات في جمعة الغضب.
- الشرطة خلال الفترة بين 25 يناير و31 يناير تعاملت بقدر طاقتها بدون استخدام الأعيرة النارية للتصدي للمظاهرات.
- لم يكن أمام وزير الداخلية من بدائل إلا الاستعانة بالقوات المسلحة بعد إدراكه ضخامة الحشود وتأزم الموقف الذي أصبح في غاية الحطورة.
- هناك آخرون غير رجال الشرطة تسببوا في الوفيات والإصابات إبان المظاهرات.
ثالثاً: دور مبارك في الأحداث "شدد على عدم استخدام العنف":
- حضرت الاجتماع التنسيقي يوم 20 يناير 2011 بالقرية الذكية، برئاسة رئيس الوزراء أحمد نظيف، والذي ضم كلاً من وزير الداخلية حبيب العادلي، ووزير الخارجية أحمد أبو الغيط، ووزير الإعلام أنس الفقي، ووزير الاتصالات طارق كامل، ورئيس المخابرات العامة عمر سليمان، وأمين عام مجلس الوزراء سامي سعد زغلول.
- في الاجتماع قال العادلي إن عناصر من جهات مختلفة من المحتمل مشاركتها في المظاهرات، ولم يطلب نزول القوات المسلحة.
- تم الاتفاق على أن تكون القوات المسلحة والشرطة على أهبة الاستعداد مع عدم لجوء الشرطة لثمة إجراءات عنيفة.
- شكلت اللجنة الوزارية للتنسيق غرفة عمليات (مجموعة عمل) تعمل على مدار اليوم تجتمع بمبنى سنترال رمسيس وتشارك فيها: وزارة الدفاع (إدارة الإشارة، والمخابرات الحربية) ووزارة الداخلية (أمن الدولة، وقطاع الشئون الفنية) والمخابرات العامة (الهيئة الفنية، ومركز تداول البيانات) ووزارة الإعلام، ووزارة الاتصالات (الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات) وقد قررت اللجنة تفعيل المادة 67 من القانون 10 لسنة 2003 على أن تشمل الإجراءات قطع خدمات المحمول والإنترنت في مناطق مختلفة بالجمهورية إذا دعت الحاجة لذلك وفقاً للتقييم الأمني.
- حسني مبارك بصفته رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة، أمر بنزول القوات المسلحة، بدون استخدام سلاح، لتأمين الأهداف الحيوية، ومساعدة الشرطة في مهامها.
- مبارك لم يوجه وزير الداخلية باستعمال الشرطة للقوة أو للأسلحة النارية.
- مبارك لم يصدر أمراً بإطلاق الأعيرة النارية على المتظاهرين.
- مبارك شدد أثناء الاجتماع المنعقد بغرفة عمليات القوات المسلحة يوم 29 يناير 2011 بحضور رئيس الأركان الفريق سامي عنان ورئيس المخابرات اللواء عمر سليمان على عدم استخدام العنف من جانب القوات المسلحة.
- حسني مبارك لم يتدخل سواء في إسناد تصدير الغاز لشركة حسين سالم أو تربيحه مالياً أو معاونة الغير بأي وجه آخر في ذلك التصدير.