عبد الناصر لـ «أمريكا» بعد محاولة شرائه بمليون دولار: «عشم إبليس في الجنة» - بوابة الشروق
الخميس 2 مايو 2024 6:23 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الشروق» تنفرد بحقوق النشر الحصرى لكتاب «برج القاهرة.. أول مهمة للمخابرات العامة المصرية»(2)

عبد الناصر لـ «أمريكا» بعد محاولة شرائه بمليون دولار: «عشم إبليس في الجنة»

الرئيس الراحل جمال عبد الناصر
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر
إعداد: إسماعيل الأشول
نشر في: الأحد 29 سبتمبر 2013 - 10:11 ص | آخر تحديث: الأحد 29 سبتمبر 2013 - 2:49 م

• ناصر يقرر استغلال المبلغ فاقترحوا عليه إقامة فندق أو بناء مدارس أو توسيع طريق الإسكندرية الصحراوى

• استقر الرأى على بناء برج يكون معبرًا عن اعتزاز المصريين بكرامتهم.. ويمكن استغلاله فى تركيب معدات لمحطة إرسال إذاعى سرية

• جزيرة الزمالك تفوز بموقع البناء فى منافسة مع قلعة صلاح الدين ومنطقة الأهرام

 

في الحلقة الأولى، من كتاب «برج القاهرة.. أول مهمة قومية للمخابرات العامة المصرية» الذى سيصدر قريبًا تناولنا قصة تأسيس جهاز المخابرات العامة المصرية، ثم لقاء حسن التهامى مستشار الرئيس جمال عبدالناصر، بمايلز كوبلن، كبير عملاء المخابرات الأمريكية بالشرق الأوسط، وحقيبة الدولارات التى تسلمها التهامى من كوبلن، على أن يسلمها للرئيس جمال عبد الناصر كمساعدة من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، لعبد الناصر «لينفقها كما يشاء» باعتباره رئيسا لإحدى الدول الصديقة بحسب تعبير كوبلن، وما كان ذلك إلا محاولة لتقديم رشوة لرئيس مصر لاستمالته لصف سياسات الولايات المتحدة، والتخلى عن دعم حركات التحرر الوطنى فى أفريقيا.

وفى السطور القادمة نواصل عرض الكتاب بحسب نص مؤلفه اللواء دكتور عادل شاهين، وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية الأسبق.

بعدما تسلم التهامى الحقيبة، انتابته حيرة شديدة، بشأن ما سيفعله وكيفية تسليمها للرئيس عبدالناصر.

أدى حسن التهامى صلاة الفجر بعدما وصل ليلا لمنزله من لقاء كوبلن بفندق سميراميس، وبدأ يحتسى كوبا من الشاى مع مداعبة أصابعه لمؤشر راديو صغير كان بجانب سريره ليستمع لآخر الأخبار العالمية والإقليمية والمحلية، وما إن أشرق نور الصباح حتى قام وارتدى ملابسه وكانت الساعة قد أشارت عقاربها إلى السابعة صباحا فأمسك بالتليفون وطلب مكتب على صبرى مدير مكتب الرئيس، وبالطبع لم يكن قد وصل إلى مكتبه بعد، فرد (المناوب) بأن على صبرى على وصول. وبعد مضى حوالى ربع ساعة دق جرس التليفون وكان المتحدث على صبرى، وبعد تبادل تحية الصباح طلب حسن التهامى أن تتاح له فرصة لقاء الرئيس لأمر مهم ولو لخمس دقائق.. ووعد على صبرى بإخطار الرئيس فور تواجده فى مكتبه. وانتهى الاتصال التليفونى على أمل انتظار اتصال آخر من على صبرى يخطره بموعد مقابلته مع الرئيس جمال عبدالناصر.

مايلز كوبلن

عبدالناصر والمال الأمريكى

لم يتأخر الاتصال المنتظر وحدد موعد اللقاء حسن التهامى وفى التوقيت المحدد كان التهامى قد وصل إلى مكتب على صبرى فى الدور الأرضى فى المبنى المقابل لمنزل الرئيس وبعد استفسار من على صبرى عن الحقيبة برفقته والتى ستكون معه فور لقائه مع الرئيس أفاد بأنه يعلم ما بداخلها وهى كلها (أوراق مهمة) ويمكن أن تكون أنت بصحبتى أثناء الدخول للرئيس وقام بفتحها حيث اطلع عليها صبرى، والذى عقدت المفاجأة لسانه ثم بعد دقائق نظر إلى حسن التهامى وأشار إلى الحقيبة وقال متوقعا.. دى عشان محاولة انقلاب من إحدى الدول العربية!

وهنا ضحك التهامى ورد قائلا: اصبر.. لا حديث إلا بعد مقابلة الرئيس.

وفى تمام الحادية عشرة من صباح ذلك اليوم كان الاثنان على صبرى والتهامى وبرفقتهما الحقيبة المجهولة حتى هذه اللحظة يدلفان إلى مكتب الرئيس.

علي صبري

حوار مع الرئيس

فى بداية اللقاء بادر الرئيس بعد الترحيب بحسن التهامى وفى حضور على صبرى بتوجيه استفسار إلى حسن التهامى: ماذا بداخل هذه الحقيبة يا حسن؟

واستطرد الرئيس: هل هى قنبلة لاغتيالى وضحك الجميع؟

ورد التهامى قائلا: إنها سيادة الرئيس مليون دولار أمريكى مرسلة من الحكومة الأمريكية لسيادتك شخصيا وقد تسلمتها من ضابط المخابرات الأمريكى مايلز كوبلن كبير ضباط المخابرات الأمريكية فى الشرق الأوسط وحسب ما علمت منه أنها هدية تقدمها الحكومة الأمريكية لسيادتك وتقدم مثلها كمساعدة شخصية لبعض رؤساء الدول الصديقة.

الرئيس عبدالناصر: هى ليست هدية يا حسن.. إنها قنبلة لاغتيال ذمتى المالية.. لاغتيالى معنويا ولا انتم شايفين إيه؟

حسن التهامى: هو كده يا فندم.. وأكد هذا المعنى على صبرى.. والذى استأذن بعد دقائق فى الانصراف وخرج من المكتب تاركا الرئيس عبدالناصر وحسن التهامى.

قبل انتهاء لقاء حسن التهامى مع الرئيس عبدالناصر بشأن حقيبة العطية المالية الأمريكية سأل الرئيس: هل عددت يا حسن المبلغ الموجود بالحقيبة؟

حسن التهامى: سيادة الرئيس مايلز كوبلن قال لى إنها مليون دولار وقد قمت بعد المبلغ بنفسى فوجدته ناقصا 25 دولارا.

الرئيس: يا حسن اقفل الحقيبة، وخلى الفلوس دى عندك أو تحت سيطرتك لحين التفكير فى أسلوب الرد المناسب على وقاحة المخابرات الأمريكية، هذه الفلوس كما دخلت بيتى ومكتبى اليوم تخرج فورا وتحفظ عليها حتى نفكر فى أحسن اسلوب للرد.

حسن التهامى: حاضر يافندم.. سأتحفظ عليها بمعرفتى.

الرئيس: اقعد مع زكريا محيى الدين المشرف العام على المخابرات وابحثوا معا ماذا نفعل بهذه الفلوس وبحيث يكون الرد رسالة موجعة عبر السنين تعبر عن الخزى والعار للمخابرات الأمريكية وأكيد هى صاحبة الفكرة وورطت الحكومة الأمريكية فيها.

وأيضا أرى أن يكون الرد معبرا عن عزة الشعب المصرى وكرامته التى لا تشترى ولا تباع.

وأضاف الرئيس: عاوز رد فى ظرف أسبوعين من الآن ولا يعلن عن هذا الموضوع.

وتابع الرئيس عبدالناصر: وطبعا هم الأمريكان بيقدموا هذه العطية المالية كإغراء لنا لنوقف مساندتنا لثوار الجزائر وحركات التحرير الأفريقية.. وهم يقولون لنا بهذه الحقيبة.. انها مقدمة للمزيد.. ولكن هيهات لهم أن يبلغوا ما يتمنون. إنه عشم إبليس فى الجنة.

انصرف حسن التهامى من مكتب الرئيس وفى يده تلك الحقيبة، وقد انفرجت أساريره وانفك عنه التوتر وبدا مرتاحا نفسيا لموقف الرئيس وانه قد خرج من الأزمة دون أى لوم.

وأخذ يحدث نفسه خلال رجوعه إلى منزله: الآن يا حسن إلى المهمة الأصعب التى كلفنى بها الرئيس.. ولكن قبل ذلك لابد من إخفاء هذه الحقيبة لدى شخصية أمينة فأنا كثير الحركة والسفر إلى خارج البلاد وفى اليوم التالى هداه تفكيره إلى الاستعانة بيسرى الجزار ضابط المخابرات العامة الذى يعرفه جيدا ويثق فيه.

وبعد لقاء الرئيس رتب حسن التهامى لقاء مع زكريا محيى الدين المشرف العام على المخابرات العامة وأبلغه بأمر الحقيبة الصادر لهما من الرئيس جمال عبدالناصر بالبحث فى اختيار أنسب أسلوب للرد بما يحقق ما طلبه الرئيس وأن أمامهما مهلة أسبوعين لإبلاغ الرئيس بمقترحاتهما، وفى نهاية اللقاء أخطره أنه يفكر فى الاستعانة بضابط المخابرات المصرى يسرى الجزار فى إخفاء الحقيبة لحين طلبها مرة أخرى، ولم يمانع زكريا محيى الدين فى ذلك.