فلسطين ستبقى في قلوب العرب دائما - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 4:23 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فلسطين ستبقى في قلوب العرب دائما

نشر فى : الخميس 2 فبراير 2023 - 6:45 م | آخر تحديث : الخميس 2 فبراير 2023 - 6:45 م
نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتب رمزى بارود، يقول فيه إن ما تظهره الشعوب العربية من مشاعر وآراء سلبية تجاه إسرائيل ليس وليد فترة التطبيع الأخير (اتفاقات أبراهام)، وإنما منذ إعلان قيام دولة إسرائيل واحتلالها الأراضى الفلسطينية. الكاتب تناول أيضا تأثير التغطيات الإعلامية على تشكيل وعى الشعوب؛ فبينما يؤثر الإعلام على توجهات الغرب كما حدث فى زيادة عداء الشعوب الأوروبية تجاه روسيا بعد غزوها لأوكرانيا، فإن التأثير ينعدم فى حال الشعوب العربية إذ تشكل الأخيرة وعيها من الحوارات الشعبية والخطب الدينية، والدليل هو عدم الاقتناع بالتغطيات الإعلامية العربية التى حاولت تبرير اتفاقات التطبيع الأخيرة مع إسرائيل بأنها ستعود عليهم بالنفع والسلام... نعرض من المقال ما يلى.
مؤشر الرأى العربى لعام 2022، وهو أضخم مسحٍ للرأى العام فى المنطقة العربية، يُعد دليلًا إضافيًا على أن آراء المجتمعات العربية منقسمة تجاه تقييم الاتجاهات التى تسير فيها بلدانهم، بدءًا من تقييم الوضع الاقتصادى وظروف المعيشية وانتهاءً بالهجرة ومؤسسات الدولة والديمقراطية. إلا أن هناك استثناء واحدا فقط وهو فلسطين.
إذ قال أكثر من 75% ممن شملهم الاستطلاع، الذى يجرى سنويا من قبل المركز العربى للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، إن فلسطين قضية لكل العرب وليس للشعب الفلسطينى وحده.
فى الحقيقة، هنا يجب مراعاة ثلاث نقاط مهمة عند محاولة فهم هذا الرقم. أولا، العرب لا يكتفون بالتعبير عن التعاطف أو التضامن مع الشعب الفلسطينى، بل يقولون بشكل قاطع إن النضال الفلسطينى ضد الاحتلال الإسرائيلى هو نضال عربى. ثانيًا، هذه الآراء هى نفسها فى جميع أنحاء الامتداد الجغرافى للعالم العربى، من الخليج إلى المغرب العربى. ثالثًا، من المهم أيضًا أن الآراء العامة التى تم فحصها فى الاستطلاع تأتى من دول تربط حكوماتها علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل أو ترفض بشدة التطبيع.
• • •
الدراسة واسعة للغاية، حيث شملت 33 ألف فرد وتم إجراؤها بين يونيو وديسمبر 2022. مرة أخرى، يرفض الشعب العربى بشكل جماعى التطبيع مع إسرائيل، وتتصدر الجزائر وموريتانيا القائمة بنسبة 99 فى المائة لكل منهما. الدراسة تفصّل أيضًا الأسباب التى تجعل الجماهير العربية لديها هذا الرأى تجاه إسرائيل. فعندما سُئل الأفراد عن سبب رفضهم إقامة علاقات دبلوماسية بين دولهم وإسرائيل، استشهدوا فى الغالب «بسياسات إسرائيل الاستعمارية والتوسعية، فضلا عن عنصريتها تجاه الشعب الفلسطينى واستمرارها فى مصادرة الأراضى الفلسطينية». ذكر 5٪ فقط أسبابًا دينية لموقفهم، لكن لا يمكن النظر إلى ذلك على أنه مجرد تعصب دينى؛ حيث إن العديد من العرب يصيغون وجهات نظرهم على أساس القيم الأخلاقية المكرسة فى دياناتهم. على سبيل المثال، الحاجة لمعارضة الظلم والتحدث عنه.
بشكل عام، يجب القول أن هذا ليس جديدًا. إذ دائما ما يظهر العرب هذه الآراء باتساق لا لبس فيه منذ بدء مؤشر الرأى العربى فى عام 2011، بل ومنذ قيام دولة إسرائيل على أنقاض فلسطين عام 1948. ولكن إذا كان هذا هو الحال، فلماذا نناقش نتائج الاستطلاع الأخير؟ الإجابة ستشمل مقارنة تأثير التغطية الإعلامية على آراء الشعوب العربية من ناحية، وآراء الشعوب الغربية من ناحية أخرى.
أثناء فحص النظرة العامة الأمريكية لروسيا، أو حالة الديمقراطية فى الولايات المتحدة أو تهديدات الأمن القومى الأمريكى، غالبًا ما تتقلب استطلاعات الرأى من عام إلى آخر. على سبيل المثال، اعتبر 70٪ من الشعب الأمريكى روسيا «عدوًا» للولايات المتحدة فى مارس الماضى، مقابل 41٪ فقط فى يناير من نفس العام. وفى الواقع، لم تكن القفزة الهائلة فى شهرين مرتبطة بشكل مباشر بالحرب الروسية فى أوكرانيا، لأن أوكرانيا ليست أرضًا أمريكية، ولكن بسبب التغطية الإعلامية المناهضة لروسيا التى لم تتوقف للحظة منذ بداية الحرب.
بينما، بالنسبة للعرب، وبغض النظر عن التحولات فى أولويات وسائل الإعلام أو السياسة الداخلية أو التوجه الطبقى أو أى عامل آخر، لا يبدو أن شيئًا يغير مكانة فلسطين كأولوية رئيسية لهم.
فى عامى 2017 و2022، زار رئيسان أمريكيان المنطقة العربية. عمل كل من دونالد ترامب وجو بايدن على إحداث تحول كبير فى الأولويات السياسية للمنطقة. لخص بايدن جدول أعماله فى اجتماع مع ستة قادة عرب فى جدة فى يوليو الماضى بالقول: «هذه الرحلة تدور حول وضع أمريكا مرة أخرى فى هذه المنطقة من أجل المستقبل. لن نترك فراغًا فى الشرق الأوسط تملأه روسيا أو الصين».
رغم هذا التغيير فى سياسة الإدارة الأمريكية، فإن فلسطين لم تخرج من مركز القضايا العربية. ومع ذلك، فإن الضغط لا يأتى فقط من الخارج، وإنما يسترشد بالديناميات الداخلية للمنطقة. على سبيل المثال، بعض الشبكات الإخبارية العربية، التى ركزت كثيرًا على فلسطين فى السنوات السابقة، تتجاهل عن قصد فلسطين كواقع يومى مُلح، لصالح مواضيع أخرى تتماشى مع السياسات الإقليمية للدول المضيفة.
ومع ذلك، وعلى الرغم من كل هذا، تظل فلسطين فى صميم القيم والنضالات والتطلعات العربية. لكن كيف يكون هذا ممكنا؟
على عكس معظم الشعب الأمريكى، لا يصيغ العرب بالضرورة وجهات نظرهم عن العالم بناءً على أجندة وسائل الإعلام، ولا يغيرون سلوكهم بناءً على الخطب الرئاسية أو المناقشات السياسية. على العكس من ذلك، فإن تجاربهم الجماعية جعلتهم يسخرون بشكل خاص من الإعلام والخطب النارية. إنهم يصوغون وجهات نظرهم بناءً على العديد من قنوات الاتصال الشعبية، سواء باستخدام أدوات وسائل التواصل الاجتماعى أو الاستماع إلى الخطب الدينية فى دور العبادة.
رغم أن بعض الحكومات العربية تستمع إلى مطالب شعوبها، وبالتالى تشترط التطبيع مقابل الحرية والسيادة الفلسطينية، تصر الولايات المتحدة وإسرائيل على تجاهل الجماهير العربية، كما فعلوا لسنوات عديدة. ومع ذلك، إذا اعتقدت واشنطن أن بإمكانها ببساطة إجبار العرب على كره روسيا والصين وحب إسرائيل، على الرغم من استمرار الأخيرة فى قتل الشعب الفلسطينى واحتلال أراضيه، فإنها ستصاب بخيبة أمل شديدة، ليس فقط اليوم ولكن لسنوات عديدة قادمة.

ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلي

التعليقات