ما حدث للمهندسين مسيء لمصر - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 6:07 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما حدث للمهندسين مسيء لمصر

نشر فى : الجمعة 2 يونيو 2023 - 8:45 م | آخر تحديث : الجمعة 2 يونيو 2023 - 8:45 م
ما حدث للمهندسين ونقابتهم مساء الثلاثاء الماضى أمر محزن ومؤسف ومخزٍ، وينبغى التحقيق فيه بكل شفافية ومعاقبة مرتكبيه حتى لا يتكرر ثانية، خصوصا أنه يسىء لمصر بأكملها وليس لطرف دون آخر.
القصة باختصار ولمن لم يتابعها هى أن ١٩٦٠ من أعضاء نقابة المهندسين مارسوا حقهم الطبيعى واللائحى وتقدموا بطلب لسحب الثقة من النقيب طارق النبراوى بسبب ما وجهوه له من انتقادات تتعلق بمستوى أدائه، وهو الأمر الذى قبله النبراوى طالما أنه يتفق وصحيح القانون بالاحتكام للجمعية العمومية.
المهم انعقدت الجمعية العمومية طوال يوم الثلاثاء الماضى، لمناقشة طلب سحب الثقة وتدفق آلاف المهندسين للمشاركة فى التصويت، وكان مفترضا أن ينتهى اليوم نهاية سعيدة وطبيعية تعبر عن إرادة المهندسين بغض النظر عن النتيجة.
ونعرف الكارثة التى حدثت مساء الثلاثاء ،فبعد انتهاء عملية التصويت وقبل إعلان النتيجة هاجم مجموعة من البلطجية صناديق الاقتراع وكسروها ومزقوا أوراق التصويت، واعتدوا على بعض الحاضرين وأصابوهم، واضطر أعضاء لجنة المراقبة والمتابعة إلى مغادرة المكان خوفا على حياتهم.
أنصار النبراوى يقولون إن عدد الذين حضروا هذه الجمعية غير العادية قياسى وتاريخى، ويزيد على ٢٤ ألف مهندس وأن ٩٠٪ منهم رفضوا سحب الثقة من النقيب، وأن بلطجية هاجموا المهندسين بعد أن أدركوا أن المعركة خاسرة وان جموع المهندسين تمسكت بالنقيب.
النبراوى اتهم اطراف بعينها بالمشاركة فى الاعتداء مستشهدا بفيديوهات تظهرهم خلال الاقتحام وهم ليسوا مهندسين.
النبراوى الذى فاز بمنصب نقيب المهندسين فى عام ٢٠١٤، هو نقابى بارز، وحصل على بكالوريوس الهندسة من جامعة عين شمس وانتخب رئيسا لاتحاد طلاب الجامعة من عام ١٩٧١ إلى ١٩٧٣ واعتقل عام ١٩٧٢ مع الذين طالبوا السادات بسرعة حسم المعركة مع إسرائيل. وكان أحد المؤسسين «لتجمع مهندسون ضد الحراسة» منذ عام ٢٠٠٣، وانتزع هو وزملاؤه حكما قضائيا عام ٢٠٠٤ بعقد جمعية عمومية غير عادية، وهو ما تحقق عام ٢٠٠٦، كما انتزع حكما عام ٢٠٠٩ بإجراء الانتخابات، وشارك فى معظم الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية والمناهضة للتطبيع، وهو صاحب دور بارز فى مواجهة جماعة الإخوان داخل النقابة بحكم انتمائه الناصرى، وحينما فاز بمنصب النقيب قرر التفرغ للعمل النقابى وترك الإدارة فى شركته الخاصة.
ومن حق خصومه بطبيعة الحال أن يوجهوا له ما شاءوا من انتقادات وأن يطلبوا سحب الثقة منه فى إطار اللوائح والقوانين واحترام إرادة الجمعية العمومية. لكن ما حدث كارثى بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
وحينما شاهدت الفيديوهات التى توثق لعمليات الاعتداء شعرت بالقلق والخوف والرعب، لأن الرسالة التى تنقلها هذه الفيديوهات والصور شديدة الخطر.
لا أستطيع الجزم بمن يقف وراء مثل هذه السلوكيات، وكان جيدا أن النائب العام قرر مساء الأربعاء الماضى، بدء التحقيق فى الأحداث بناء على البلاغات المقدمة من نقيب المهندسين، ومن خصومه فى النقابة.
من سيشاهد الفيديوهات والصور التى حدثت فى قاعة مركز المؤتمرات بجامعة الأزهر بمدينة نصر، سوف تصله رسالة بأن نفس الأساليب التى سادت فى العمل السياسى قبل ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ قد عادت مرة أخرى.
جيد أن يسارع من تم توجيه الاتهام له بنفي أى دور له فى الأحداث، ويا حبذا لو حققت النيابة العامة فى الصور المتداولة لأشخاص كسروا ومزقوا الأوراق وإخضاعهم لمحاكمة عادلة وناجزة، ومعاقبتهم، حتى يكونوا عبرة لغيرهم.
ما حدث فى نقابة المهندسين رسالة غاية فى السلبية لمناخ الانفتاح النسبى الذى يسود الحياة السياسية فى الشهور الأخيرة، وضربة موجعة للحوار الوطنى الذى كان قد بدأ يستعيد الزخم ويجذب إليه كل أطراف المشهد السياسى فى مصر ما عدا الإرهابيين والمتطرفين.
على الجميع أن يدين ما حدث لأنه يسىء إلينا جميعا، ولابد من معاقبة مرتكبيه حتى لا يتكرر مرة أخرى خصوصا أننا مقبلون بعد شهور على انتخابات قريبة للرئاسة.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي