توسعات قلعة الصناعة.. مصر للألومنيوم - مدحت نافع - بوابة الشروق
الإثنين 2 ديسمبر 2024 3:33 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

توسعات قلعة الصناعة.. مصر للألومنيوم

نشر فى : الإثنين 3 أكتوبر 2022 - 8:25 م | آخر تحديث : الإثنين 3 أكتوبر 2022 - 8:25 م

منذ أيام أطلق السيد رئيس الجمهورية تصريحا ملهما يدعو فيه الحكومة ممثلة فى وزارة قطاع الأعمال بالاهتمام بالصناعات الثقيلة وفى مقدمتها شركة مصر للألومنيوم العريقة بنجع حمادى. ذلك التصريح المهم يأتى فى أعقاب زيارة كريمة من السيد وزير قطاع الأعمال العام لقلعة الصناعة بصعيد مصر، جعلها السيد الوزير إشارة انطلاق قوية مبكرة لإدارته لملفات قطاع الأعمال، وتفقد خلالها بحس رجل الصناعة الواعى والمقدر لطبيعة ذلك النشاط، المصانع المختلفة بشركة مصر للألومنيوم، واستطاع أن يقف بنفسه على نقاط القوة الهائلة التى تتمتع بها هذه الشركة، بفضل إمكاناتها المتعددة، وقيادتها الحكيمة، ورجالها الأبرار الذين امتزجت دماؤهم بوقود المراجل والمصاهر وخطوط الإنتاج.
طبقا لإحصائيات عام 2021، بلغ الإنتاج العالمى من خام الألومنيوم نحو 62 مليون طن/سنة، كما بلغ إنتاج الدول العربية المنتجة للألومنيوم (البحرين ــ الإمارات ــ قطر ــ عمان ــ السعودية ــ مصر) نحو 5.2 مليون طن/ سنة، بنسبة لا تتعدى 8.3% من الإنتاج العالمى. أما إنتاج جمهورية مصر العربية والمتمثل فى شركة مصر للألومنيوم منفردة فقد بلغ نحو 320 ألف طن/سنة بنسبة 0.5 %من الإنتاج العالمى، وبنسبة 6.2%من الإنتاج العربى.
تبلغ مساهمة نشاط شركة مصر للألومنيوم فى موارد الموازنة العامة منذ إنشائها ما يزيد على 40 مليار جنيه، متمثلة فى الضرائب والرسوم السلعية، والضرائب والرسوم على مكونات الإنتاج، والضرائب الداخلية والعقارية. لكن مساهمة الشركة فى الاقتصاد القومى تتخطى ذلك بكثير، إذا ما أخذ فى الاعتبار حجم فرص العمل المباشرة وغير المباشرة التى تخلقها الشركة باستمرار، وأرباح قطاع الكهرباء من استهلاك الشركة، وتكلفة الفرصة البديلة لاستيراد السلع التى تنتجها الشركة وتصدر أكثر من نصفها إلى الخارج محققة فائضا فى النقد الأجنبى، وإيرادات المال العام من أرباح الشركة.. وهى جميعا إنجازات ثابتة ومسجلة بالأرقام.
• • •
إذا كانت شركة مصر للألومنيوم قد استنفدت وسائل الابتكار والقدرات الذاتية لتطوير طاقاتها الإنتاجية والمحافظة على ريادتها الإقليمية لعدة عقود، فإن استمرار تلك الريادة المحققة للأمن الاقتصادى المصرى من سلعة استراتيجية مهمة يتطلب استثمارات جديدة للتوسع ومواكبة التكنولوجيا الحديثة فى الإنتاج.
فطوال ما يقرب من نصف قرن، لم تترك قيادة شركة مصر للألومنيوم فرصة للرقى بهذا الصرح (منذ أنشأه الدكتور يوسف إسماعيل رحمه الله) إلا واغتنمتها ساعية بكل جهد إلى تحويل جميع خطوط الإنتاج العاملة بالشركة من الخلايا ذاتية التحميص (تكنولوجيا قديمة) إلى الخلايا سابقة التحميص preــbaked بمجهودها وسواعد عمالها المخلصين. وفى السنوات الأخيرة ارتأت قيادات الشركة ومن ورائها الشركة القابضة للصناعات المعدنية ووزارة قطاع الأعمال العام، ضرورة مواكبة التطور السريع فى الصناعة، وتطوير القدرة التنافسية للشركة، خاصة بعد تقادم وتهالك بنيتها التحتية بفعل الزمن. فتم طرح موضوع إنشاء خط الإنتاج السابع، ليكون بذرة التنمية والتطوير الجديدة فى هذه الشركة وفى جنوب الصعيد بأكمله.
وقد مر طرح مشروع الخط السابع لشركة مصر للألومنيوم بعدة محطات من العمل الشاق والدراسات الجادة، وبمجهود لا ينكر من جميع المحبين للصناعة، والمقدرين لدورها التاريخى فى بناء الأمم. ويهدف هذا المشروع إلى إنشاء أطول خط إنتاج فى العالم يحتوى على 446 خلية إنتاج ألومنيوم بتكنولوجيا حديثة منافسة تضع شركة مصر للألومنيوم فى مصاف المصاهر المتقدمة فى العالم كما كانت عند نشأتها. كذلك يعمل المشروع على نقل ترتيب مصر إلى موقع متقدم بين الدول المنتجة للألومنيوم، كما يحقق وفرا فى استهلاك الطاقة وخامات التشغيل عبر إرساء بنية تحتية جديدة بتكنولوجيا منافسة.
ويشمل خط الإنتاج، علاوة على خلايا استخلاص الألومنيوم، مصنع كربون متكاملا لتجهيز بلوكات الأنود الكربونية اللازمة لخطوط الإنتاج، مثل مصنع إنتاج البلوكات الخضراء وأفران لتحميص البلوكات ومصنع القضبنة اللازم لتجهيز الموصلات الأنودية. وإذا كانت فاتورة استهلاك شركة مصر للألومنيوم سنويا من الكهرباء تزيد على 5.5 مليار جم، فإن التقنية الجديدة تعمل على توفير ما يقرب من 15% من الطاقة الكهربائية المستهلكة لإنتاج طن الألومنيوم.
يصعد الخط السابع بالإنتاج الكلى للشركة إلى 570 ألف طن سنويا، مما يمنح الشركة فرصا ربحية كبيرة نتيجة لتزايد الطلب على معدن الألومنيوم محليا ودوليا، وارتفاع أسعاره بصورة غير مسبوقة، خاصة فى ظل انخفاض إنتاج الصين (التى تنتج أكثر من نصف الإنتاج العالمى من الألومنيوم)، نظرا لتطبيق الاشتراطات البيئية الجديدة، فضلا عن اضطراب سلاسل الإمداد، وانتشار سلاح العقوبات التجارية الدولية بين الدول الأطراف فى النزاعات المختلفة ومنها الحرب الروسية الأوكرانية الأخيرة، وهى جميعا آثار لا يتوقع أن تنتهى تداعياتها فى أى أجل قريب، مما يمنح شركة مصر للألومنيوم فرصة للتوسع خلال فترة الرواج مع تغطية التكاليف بصورة جيدة.
وطبقا للدراسات التسويقية للشركة فإن السوق المحلية تستهلك أكثر من 500 ألف طن سنويا. ومع إنشاء خط الإنتاج الجديد، يمكن لمصر للألومنيوم تغطية معظم احتياجات تلك السوق، وخاصة قطاعات وأسلاك الألومنيوم لتغطية احتياجات المشروعات القومية، وأهمها مشروع حياة كريمة الذى يحظى بدعم ورعاية القيادة السياسية وفئات واسعة من المجتمع.
بالإضافة إلى ما سبق، يوفر مشروع التوسعات موارد جديدة لخزينة الدولة، مع توفير النقد الأجنبى اللازم لاستيراد معدن الألومنيوم وللاستخدام فى مصارف أخرى. كما يحقق مشروع الخط السابع الاستفادة المثلى من فائض الشبكة القومية من الطاقة الكهربائية ويعمل على استقرارها، حيث يستهلك ما يقرب من 1 جيجاوات إذا تم تنفيذ خط الإنتاج الطويل، على أن الشركة تملك مقومات وأرضا (تم تخصيصها إبان رئاستى للشركة القابضة للصناعات المعدنية) لا تقل عن 12 كم، تسمح بإقامة مزرعة كبيرة لإنتاج الطاقة الشمسية لتخفف من الاعتماد على الطاقة الكهربائية المنتجة بالوقود الأحفورى بنسبة بلغت 30% تقريبا، الأمر الذى يتماشى مع رؤية الدولة لتنويع مصادر الطاقة، وزيادة الاعتماد على المصادر المتجددة والنظيفة، وزيادة حصة تلك المصادر فى الشبكة القومية للكهرباء إلى ما يزيد قليلا على 60% بحلول عام 2040. وقد سعدت بأن السيد الرئيس قد أتى على ذكر إحياء هذا المشروع الخاص بالطاقة البديلة للشركة، بعدما توقف خلال العامين الماضيين لأسباب غير معلنة.
• • •
فى الختام، يجب التنويه بأن نموذج المجتمع الصناعى المتكامل يتحقق كما ينبغى أن يكون فى شركة مصر للألومنيوم، التى تلمع كدرة فى تاج صعيد مصر، الذى يتعطش إلى مشروعات تنموية، وتشغيل طاقات العمل، وخفض مستويات الفقر، وتحقيق قدر هائل من المسئولية المجتمعية والبيئية. هذا المشروع الحيوى لتوسعات الشركة، يجب التعجيل به للاستفادة من الوضع العالمى، ومن الخبرات المتراكمة فى مجال استخلاص وتشكيل الألومنيوم التى تزخر بها الشركة، حيث سبق لهذه القيادات الإشراف وتنفيذ عمليات تحويل الخلايا من التكنولوجيا الروسية القديمة إلى الخلايا سابقة التحميص (كما سبقت الإشارة). وتتمتع تلك العناصر البشرية الاستثنائية بقدرة عالية على ابتكار وتصنيع بعض قطع الغيار داخل الشركة، وهو ما يخدم قطاعات الشركة المختلفة بدلا من استيرادها من الخارج، وكذلك كان لهذه القيادات الدور البارز فى تطوير وتحديث الوحدات الإنتاجية المختلفة بالشركة.
إننى أناشد القيادة السياسية والسيد وزير قطاع الأعمال العام أن يقوموا على رعاية هذا المشروع، وأن يستثمروا فيه ما لابد أن يثمر ويزهر ويستدام بإذن الرحمن.

كاتب ومحلل اقتصادى

مدحت نافع خبير الاقتصاد وأستاذ التمويل
التعليقات