تخويف إيران - سامح فوزي - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 2:17 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تخويف إيران

نشر فى : الثلاثاء 4 مايو 2021 - 8:00 م | آخر تحديث : الثلاثاء 4 مايو 2021 - 8:00 م
دينيس روس، الدبلوماسى الأمريكى المعروف والمساعد الخاص للرئيس أوباما سابقا، والباحث حاليا فى معهد واشنطن، دعا فى مقال له فى «واشنطن بوست» إدارة الرئيس بايدن أن تجعل إيران «تخاف» حتى تمضى قدما فى طريق الاتفاق النووى. وفى رأيه أن ملالى إيران يكرهون الولايات المتحدة، لكنهم يعرفون خطورة تداعيات المواجهة العسكرية المباشرة أو غير المباشرة مع واشنطن.
لا أحد يعرف ما إذا كان روس يتحدث بوصفه دبلوماسيا سابقا أو باحثا حاليا، لكن من الواضح أنه يتحدث من موقع تأييد الموقف الإسرائيلى المتشدد تجاه طهران. فلا يجب ــ فى رأيه ــ أن تنظر واشنطن إلى إسرائيل على أنها «تعرقل» الاتفاق النووى بما تقوم به من ضربات متلاحقة لإيران، وأخرها مفاعل «ناتانز» الذى استهدف بهجمة «سيبرانية» الشهر الماضى بينما كانت مفاوضات «فيينا» تدور رحاها.
الضربة الإسرائيلية للمفاعل الايرانى ــ حسب تقديرات البعض ــ أعادت تخصيب اليورانيوم خطوات إلى الخلف، تقدر بشهور أو أعوام، مما جعل المفاوض الأمريكى لديه وقت للمناورة مع إيران من ناحية، وأدركت إيران أنها فى مرمى الاستهداف الأمريكى، المباشر أو غير المباشر من ناحية أخرى.
بالطبع تبغى إيران من وراء الاتفاق النووى رفع العقوبات الأمريكية، ليست فقط المتصلة بالملف النووى، ولكن أيضا المفروضة عليها بسبب ملف حقوق الإنسان أو دعم الإرهاب، وهى تدرك أن الأطراف الأوروبية تسعى إلى الاتفاق، وأنها تمتلك أوراقا مهمة فى المنطقة من اليمن إلى لبنان مرورا بالعراق، ولديها منظومة صواريخ وطائرات مسيرة استطاعت أن تحدث بها ضربات موجعة سواء بتدخلها المباشر أو من خلال وكلائها المنتشرين فى دول المنطقة، وهو ما يؤدى إلى تأجيج النزاعات التى تحرص إدارة بايدن على عدم التورط فيها، وتصفية بؤر التوتر، حتى تتفرغ لقضايا أخرى أكثر الحاحا مع روسيا والصين.
حديث دينيس روس واضح.. اتركوا إسرائيل لتخيف ملالى طهران، بل واعتبروا أن ما تقوم به دور إيجابى، حتى وإن أعلنت إيران أنها رفعت مستوى تخصيب اليورانيوم إلى نحو 60%، وهو ما لا يتفق مع أى استخدامات سلمية، ويشكل خطوات بالقرب من امتلك السلاح النووى، ورغم أن إدارة بايدن لا تريد أن تفسد إسرائيل الاتفاق النووى من إيران، إلا أنها لا تمانع بالمطلق أن تستعرض إسرائيل عضلاتها العسكرية فى مواجهة طهران، لأنها تدرك أن ذلك يصب فى مصلحة الاتفاق النووى، جريا على قاعدة «روس» الخاصة بتصدير الخوف إلى إيران.
هل تنجح «نظرية روس»؟ هل يكفى أن تخاف دولة من خصومها حتى تمضى على طريق الاتفاق معهم؟ المسألة تتعلق بإدراك الخطر وليس فى وجود الخطر ذاته. لا أظن أن الخوف من إسرائيل وحده يمكن أن يشكل باعثا بالنسبة لإيران على الاتفاق النووى، لأنها تمتلك أوراق كثيرة فى المنطقة، وترى أن ألد اعدائها فى الخليج ــ أى السعودية ــ لم تعد ــ على الأقل علنا ــ فى موقف عداء سافر معها، بل هناك نبرة مختلفة فى الحديث عن «الدولة الجارة» و«الرغبة فى العلاقات السلمية» من الرياض، وحديث ودى من جانب طهران على الجانب الآخر، وغابت المفردات الخشنة التى سادت العلاقات بين الدولتين فى الأعوام الأخيرة، بل جرت مفاوضات سرية بينهما برعاية عراقية.
لا يكفى أن تخاف طهران من عصا إسرائيل، ولكن ينبغى أن تقدم لها واشنطن إلى جوارها ــ الجزرة ــ أى الوعود برفع العقوبات المفروضة عليها.
سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات