قبل أن يركب مريض كورونا السيارة! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 8:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قبل أن يركب مريض كورونا السيارة!

نشر فى : الثلاثاء 4 مايو 2021 - 7:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 4 مايو 2021 - 7:50 م
أترك اليوم هذه المساحة للمرة الثانية للدكتور أشرف عمر الفقى استشارى الأبحاث الإكلينيكية بولاية ميريلاند الأمريكية، والذى عمل باحثا طبيا بهيئة الأبحاث والمعاهد الطبية الأمريكية، ثم مسئولا فى مركز تقييم العلاج البيولوجى (المصل واللقاح والعلاج الجينى) بهيئة سلامة الدواء الأمريكية (FDA) بواشنطن من ٢٠٠٦ وحتى ٢٠١٤.
الفقى تخرج فى طب الإسكندرية، وحصل على الدبلومة من جامعة هارفارد، والماجستير والدكتوراه فى الجينات والمناعة من جامعة كاليفورنيا.
الدكتور الفقى يكتب على صفحته بالفيسبوك بانتظام عن كورونا وتطوراته، مركزا بطبيعة الحال على بلده مصر، حتى تتجاوز الأزمة بسلام.
هو كتب قبل أيام بلغة عامية سأحاول أن أتدخل فيها قليلا:
أين هو عنق الزجاجة اليوم فى المنحنى التصاعدى للحالات فى مصر؟؟.
عنق الزجاجة هى الحالات اللى «هتركب العربية» أو السيارة.
يعنى إيه؟؟..
الحالات فى مصر صنفان، الأول الحالات التى ظهرت عليها أعراض حرارة أو تكسير عام أو قىء أو صداع، ولم تترك بيتها.. هى كلمت الدكتور فى التليفون.. شرحت له الحالة.. زارها فنى معمل فى بيتها، أو طلبت الدواء من الصيدلية، وتناولته وتتعافى فى بيتها على مهل.
الصنف ده من الحالات لا يمثل ضغطًا على الدولة، وأقصى ما تفعله الدولة تجاهه هو التأكد من توافر أدويته التقليدية فى الصيدليات، وإلزام جهات عمله بمنحه إجازة مرضية، وعندها ينتهى دور الدولة فى توفير أى مظلة للمريض من هذا النوع.
لكن أين هى المشكلة من منظور السياسات الصحية؟
المشكلة تبدأ عندما يتحول المريض إلى الصنف الثانى، الذى ساءت وتدهورت حالته ونزل الشارع و«ركب عربية» للبحث عن سرير ومستشفى، هنا يبدأ الدور الحقيقى للدولة المصرية.
هذا المشوار الآن فى مصر صعب حتى على ناس معاها فلوس، ناس كثيرة مقتدرة تقول: «أنا لو حالتى تدهورت مش هعرف أعمل إيه وأروح فين».
همستى فى أذن الدولة الآتى:
وفرى على نفسك كدولة وعلى المريض تكلفة المشوار المذكور، وكلما كان المريض فى بيته كلما كان أسهل على الطرفين.
والسؤال: متى يستمر المريض فى بيته؟.
والإجابة هى عندما تكون الحالة أعراضها بسيطة إلى متوسطة.
وكيف نجعل الحالات بسيطة إلى متوسطة ونمنعها من التدهور طالما الدولة لا تفضل فرض الحظر؟.
١ــ نجعل تحاليل مسحات الكورونا مجانا لمدة الـ ٦٠ يوما القادمة، وهو ما يعنى تشخيص مبكر، وبالتالى الناس تلحق نفسها بسرعة وتتعالج فلا تتدهور حالاتها.
٢ــ نجعل علاج الكورونا مجانا على بطاقات التموين لمدة الـ ٦٠ يوما القادمة.
٣ــ عمل مرافق عزل ميدانية مجانية فى كل محافظة، ويتم التعاقد مع فنادق ٣ و ٤ نجوم، وسعر الغرفة بـ ٢٠ جنيها، يعزل فيها نفسه الشخص الإيجابى فور إيجابيته بحد أقصى ١٠ أيام لنزع فتيل اشتعال الوباء بين أفراد المنزل الواحد.
٤ــ عمل غرامات قاسية جدا لعدم ارتداء الكمامة.
٥ــ التلقيح.. التلقيح.. التلقيح.
كل ما أعلاه ليس هدفه منع العدوى ولكن نحن نسميه (mitigation)، أو إجراءات للتخفيف وبالتالى تقليل فرص التدهور لأدنى مستوياتها، لأن الحمل الفيروسى فى هذه الحالة سيكون طفيفا جدا.. وبالتالى أمنع المريض من «ركوب العربية».
لأنه بمجرد أن يركب المريض العربية، ويقول «إلحقونى» ويبحث عن سرير فى مستشفى تبدأ المشكلة.
لو ركب العربية فى مصر ٥٠٠ ألف مريض فى نفس اليوم، ستنهار المنظومة الصحية بالكامل.. نحن لا نريد ذلك رغم الشواهد التى تقول إننا ذاهبون إليها.
لكن لو حصل واضطر المواطن أن «يركب العربية»، فأنا كحكومة لازم أكون جاهزة بإيه؟
١ــ طبيب طوارئ مدرب فى أقرب مستشفى مرتديا زيه الوقائى.
٢ــ مرافق طبية للطوارئ جاهزة لاستقباله.
٣ــ سرير عناية فائقة جاهز.
٤ــ تحاليل وفحوصات متوفرة.
٥ــ جهاز تنفس صناعى جاهز.
٦ــ علاج وريدى متوفر.
السؤال هل العناصر من ١ إلى ٦ متوفرين فى كل مستشفى؟. لو الإجابة بالنفى يبقى «ركوب العربية» مش لازم يحصل أساسا.
المشوار من باب العمارة حتى سرير المستشفى، بدءا من سيارة الإسعاف، حتى تأهيل الممرضة، وما بينهما يلخص دور الحكومة أو الدولة.
هذا المشوار لابد أن يكون واضحا وسهلا ومتاحا وغير مكلف.. ويتضمن ذهابا وعودة، ولا يجب أن يكون اتجاها واحدا.
لو كنت مسئولا، فإن كل ما سأفكر فيه هو هذا المشوار فقط، وكيف أديره بصورة صحيحة، والأهم أمنعه أن يحصل أصلا.
مع كل أمنياتى للجميع بإنهم مايطلعوش من باب العمارة، وما يركبوش العربية أبدا.
حفظ الله مصر وأهلها..
عماد الدين حسين  كاتب صحفي