كيف يعيش «الكبار قوى»؟ - أميمة كمال - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 3:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف يعيش «الكبار قوى»؟

نشر فى : الأحد 4 أغسطس 2013 - 10:55 ص | آخر تحديث : الأحد 4 أغسطس 2013 - 10:55 ص

أن يعلن الدكتور حازم الببلاوى رئيس الوزراء تفاصيل ذمته المالية على صفحة مجلس الوزراء على الفيس بوك، فهذا أمر محمود يستحق الثناء، بل ويثلج صدور كثير من الناس. وإن كان سيفتح بابا واسعا لحكايات النميمة فى الأيام الأخيرة من رمضان.

•••

ولكن الإعلان عن تفاصيل الذمة المالية لرئيس الوزراء وحده يوحى وكأن الأمر مجرد اختيار شخصى، أو محض مبادرة فردية تحسب له، وليس أمرا إلزاميا يتعين على كل الوزراء، وكبار المسئولين أن يعلنوا عنه، بما فى ذلك رئيس الجمهورية.

ويبقى الأمر الأكثر أهمية وهو هل هذا يكفى للتدليل على نزاهة وشفافية النظام الحاكم الجديد. الذى أتى بعد غضبة شعبية هائلة على نظام حكم الإخوان المسلمين؟. ذلك النظام المعزول شعبيا الذى استحل المال العام بداء من رئيس الجمهورية «المعزول» الذى زادت فى عهده ميزانية الرئاسة إلى 309 ملايين جنيه، ومرورا برئيس الوزراء الذى كان يوزع على وزرائه مكافأة شهرية، بالإضافة إلى مرتباتهم دون أن يعلن عن ذلك، وبالخروج على مقتضى القانون. وهو ما فضحته محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، التى قضت بوجوب استرداد هذه الأموال لصالح خزانة الدولة. ووصولا إلى وزير الاستثمار الذى كانت مأدبة الغذاء له هو وحاشيته تكلف موازنة الوزارة 33 الف جنيه فى نصف شهر فقط. وليس انتهاء بوزير الصناعة والتجارة الذى تم التصالح معه من جانب رئيس الوزراء السابق فى قضية الاحتكار مقابل دفع 200 ألف جنيه. وهى القضية التى كان متهما فيها أثناء تقلده منصبا تنفيذيا فى إحدى شركات الألبان، قبل أن يتولى حقيبة وزارة الصناعة التى تشرف على قضايا الاحتكار. والذى أنقذه التصالح من عقوبة الحبس.

•••

ومادام الأمر يتعلق بالنزاهة والشفافية فلماذا لايسارع رئيس الوزراء ويصدر قرارا يلزم رؤساء وأعضاء الإدارة العليا فى بنوك القطاع العام والبنوك المشتركة التى بها مساهمات من المال العام بالإفصاح عن مرتباتهم وحوافزهم ونصيبهم من الأرباح السنوية. خاصة أن هناك تعديلا قد صدر أيام المجلس العسكرى فى عام 2011 على قانون البنوك يقضى بإلزام البنوك العامة بالإفصاح عن مرتبات العشرين الكبار فى كل بنك سنويا. وبالرغم من مرور عامين على صدور ذلك التعديل إلا أنه لا يوجد بنك واحد قد بادر بالإعلان أمام الرأى العام عن مرتبات العشرين الكبار ولا حتى «الكبير قوى» فى البنك.

ومادام رئيس الوزراء قد رأى أن نشر الذمم المالية هو أمر من قبيل التدليل على نزاهة الحكم. فعليه أن يستكمل مهمته فى التأكيد بل ومحاسبة المئات من كبار المسئولين فى الحكومة الذين يحتكرون التمثيل فى مجالس إدارات الشركات التى يساهم فيها المال العام. والذين ظلوا طوال السنوات الماضية وحتى الآن يحصلون لأنفسهم على مكافآت الأرباح السنوية. والتى تصل إلى ملايين الجنيهات نظير حضورهم جلسات المجلس. بينما هذه الأموال من حق خزانة الدولة، وليس من حق أشخاصهم.

أليس من نزاهة الحكم أيضا أن يبدأ رئيس الوزراء بفتح ملف الشركات القابضة التى تدير قطاع الأعمال العام والتى مازالت مقاعد مجالس إداراتها يشغلها رؤساء شركات من القطاع الخاص فى نفس المجال الذى تعمل فيه الشركات العامة ويتقاضون رواتب من المال العام. وهو ما كان سببا مباشرا فى خراب عدد كبير من شركات قطاع الأعمال العام، التى كان يخطط لإخراجها من دائرة منافسة القطاع الخاص؟

•••

أليس أيضا من باب نزاهة وشفافية الحكم ألا يترك جهازا فى الدولة فوق المراقبة. وهذا يقتضى أن يتم إجراء تعديل على قانون الجهاز المركزى للمحاسبات بحيث يتيح لأعضائه مراجعة النشاط الإقتصادى للقوات المسلحة والذى ينطوى نطاق عمله على مال عام، بل ويحقق أرباحا. خاصة أن متوسط نصيب الدفاع والامن القومى فى الاعوام الاربعة السابقة يبلغ 6% من إجمالى المصروفات فى موازنة الدولة، وهو ما يزيد على نصيب قطاع الصحة.

وستكون النزاهة أيضا فى أزهى عصورها لو خرج علينا رئيس الوزراء بمبادرة لتعديل قانون جهاز المحاسبات بما يسمح بأن تكون تقاريره معلنة ومتاحة أمام الرأى العام. وكبادرة لحسن النوايا يكون أول تقرير معلن عن ميزانية رئاسة الجمهورية. بحيث يعرف المصريون كيف يعيش رؤساؤهم داخل القصور الرئاسية. وكيف يتم صرف الملايين على رواتب ومكافآت وبدلات لعدد كبير من كبار القادة العسكريين السابقين، ورجال الشرطة المحالين للمعاش والذين تمتلئ بهم قصور الرئاسة.

ولو كانت هذه التقارير معلنة لعرفنا ان ميزانية الدولة ظلت تتحمل تكلفة رواتب ومكافآت وإقامة وبدلات سفر لشرم الشيخ لحوالى 50 من موظفى السكرتارية الخاصة بالرئيس المخلوع حسنى مبارك حتى بعد تنحيته عقب ثورة يناير، وحبسه احتياطيا.

لو عرفنا كيف يعيش «الكبار قوى»، لعاشوا هم كما نريد لهم أن يعيشوا. وعندها فقط سيحسبون لنا ألف حساب. حقا لو عرفنا لتغير وجه الحياة فى مصر.

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات