تحذير من الفوضى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 12:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تحذير من الفوضى

نشر فى : الجمعة 4 أكتوبر 2019 - 10:35 م | آخر تحديث : الجمعة 4 أكتوبر 2019 - 10:35 م

مساء الخميس الماضى كتب الباحث والخبير الاقتصادى المرموق إبراهيم نوار على صفحته على الفيسبوك قائلا:
«مصر تواجه تهديدات لم تشهدها منذ عصور الانحطاط المملوكى. الجميع يجب أن يتحلى بالمسئولية قولا وعملا. الخطر كبير.. كبير جدا».
انشغلت بمتابعة التعليقات على هذه العبارة الموجزة والبليغة، واكتشفت أن بعض التعليقات لم تتفق مع رأى نوار، بل وبدت شديدة السلبية والتشاؤم.
نوار ــ الذى شارك فى تأسيس الشروق أثناء أعدادها التجريبية ــ رد على أحد التعليقات التى سألته عن تفسيره للأحداث الأخيرة بصورة أراها موضوعية، إلى حد كبير جاء فيها:
«المسألة هى تجنب السقوط فى مستنقع فوضى شاملة، يكون الجميع فيه خاسرين. إنها لعبة خسارة مزدوجة.
جانب من صعوبة الوضع الراهن أن حال الأغلبية العظمى من الناس يزداد صعوبة، بينما مثلا أنا أطالب بضبط النفس والبعد عن التصعيد. الدعوة ليست موجهة إلى طرف واحد. الدعوة موجهة إلى كل الأطراف.
عندما أتحدث فإننى أتحدث عن نفسى، لأنى لا أملك التحكم فى سلوك الآخرين. لذلك فأنا أحذر مما أراه، وأستطيع أن أدعى أننى أنظر بعيدا بعض الشىء، ومن ورائى تطل تجربة 25 يناير علينا جميعا..
الأمن العام ما يزال فى حالة سيئة، يجب أن نسهم فى تحسينه، أو على الأقل ألا نزيده سوءا.
العلاقات بين الدولة والمجتمع فى حاجة إلى ترميم، وهذا لا يتم فى ظروف احتقان وتصعيد وانفعالات طائشة.
أرى الوضع الاقتصادى أصعب مما يراه كثيرون، بدون أن أكون متشائما.
هذه كلها عوامل تدعو إلى تحكيم العقل، والبعد عن الانفعال والعاطفة.
نعم يوجد ظلم وتوجد مظلوميات..
نعم هناك غياب للقانون..
نعم هناك تعسف فى استخدام السلطات.
نعم هناك حاجة ماسة لإعادة ترتيب الأولويات، خصوصا الاقتصادية والاجتماعية.
هذا يتطلب الحوار وليس المواجهة..
المعضلة التى نواجهها هى أن البعض تحكمه اعتبارات الرغبة فى الانتقام، أكثر من اعتبارات الرغبة فى الإصلاح..
المعضلة أن البعض يعتقد أننا فى أحسن حال وفى أزهى العصور.. هؤلاء الذين يعتقدون ذلك هم مستفيدون فعلا من الوضع الراهن، ويعيشون أزهى أوقات حياتهم..
المعضلة أن الطبقة الوسطى المطحونة، التى خرجت فى 25 يناير تعرضت للخيانة من جانب نخبتها.. وليس فيها من يتحدث عنها، ويستكشف طريقا عمليا لحل مشكلاتها..
إنه وقت صعب جدا علينا جميعا.. صعب جدا أن نرى مصر التى نحلم لها بأن تكون أفضل، على شفا حفرة سحيقة.. الواجب الآن أن ننقذها منها، وليس أن ندفعها إليها دفعا..
أقول وكلى ألم، نحن فى حاجة إلى صوت العقل، لكن إذا تغلبت العواطف والانفعالات، غاب العقل.. هما لا يحضران معا مجلسا واحدا. فلنحاول أن نكون فى مجلس العقل، حتى وإن سبّب ذلك لنا بعض الألم».
انتهى كلام الكاتب الصحفى الكبير إبراهيم نوار، لكن التعليقات على تعليقه كانت متباينة، فريق يؤيد، وفريق استمر متشائما. لكن الأسوأ أن التراشق بدأ بين فريقين مؤيد ومعارض، حسمه نوار بقوله: «المسألة ليست شرشحة، وليست تصفية حسابات، من أراد ذلك، فعلى صفحته، أما على صفحتى فلا!!».
موضوع الشرشحة الفيسبوكية صار من البديهيات، وهو أمر يحتاج لنقاش لاحق. لكن جوهر الموضوع هو ضرورة أن يتحلى كل واحد منا بأكبر قدر من الهدوء والتروى والتعقل. وأن يقرأ جيدا ويفكر ويتدبر قبل أن يصدق هذا الكلام أو ذاك، هنا أو هناك، خصوصا أن الإشاعات والأكاذيب صارت هى القاسم المشترك الأكبر فى مملكة السوشيال ميديا، التى يزيد خطرها فى ظل غياب الوعى وتراجع دور وسائل الإعلام التقليدية.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي