وقفات إنسانية مع أطفال غزة - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 9:21 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وقفات إنسانية مع أطفال غزة

نشر فى : الجمعة 5 أبريل 2024 - 7:25 م | آخر تحديث : الجمعة 5 أبريل 2024 - 7:25 م

أطفال غزة فيهم الجمال والذكاء العلمى والاجتماعى، وفيهم الحيوية والروح الجميلة ولكن مأساتهم كبيرة فقد قتل منهم الآلاف وأصيب أضعافهم وهناك 17 ألفا منهم فقدوا أسرهم ولا أقارب لهم، هم جوعى، عطشى، مرضى.
هذا المقال الإنسانى خصص للعيش معهم ومع آلامهم وأحزانهم وجوعهم وفقرهم.
دمروا خالى مصطفى، موتوه، موتوا عمتى ليلى، موتوا نمار، قصفوا ألعابى، قصفوا غرفتى، وأنا الآن أعيش فى المستشفى، فسألة المذيع: الحياة حلوة فى المستشفى؟، قال: ليست حلوة، زهقنا منها، مفيش مكان ألعب فيه. المذيع: أنت محاصر فى المستشفى، قال: كلنا محاصرون، قال له المذيع شاور بعلامة النصر، فأشار بها، هذا حوار رائع بين طفل فلسطينى جميل ومذيع.
أطفال غزة شاهدوا أهوالا ولكن روحهم المعنوية أقوى من أمثالهم الذين يعيشون فى رغد وأمان.
وقف الطفل الغزاوى الصغير يبيع أشياء بسيطة قالت له المذيعة: كم تكسب: قال 5 أو 10 شيكل، ماذا تفعل بها، قال: أحوشها، أنت فرحان الآن لأنك بعت كل ما معك قال: نعم، أنا أحوش، علشان عندما أعود للشمال أشترى بها شيكولاتة وشيبس، قالوا هنروح بعد نقطة إلى الشمال، هكذا قالوا لنا، سألته المذيعة: ماذا تفعل عندما ترجع للشمال؟ ألعب مع أصحابى، الطفل الغزاوى أحسبه أذكى ممن يماثله، نضج مبكر من شدة الألم والمحن.
طفل جميل يجمع الحطب سأله المذيع لماذا تجمعه؟ قال: نخبز ونطبخ عليه، نقلنا من ديارنا بعد تدميرها إلى مستشفى الشفاء، حاصرنا اليهود، ثم إجلاؤنا بالقوة منها، رحلنا إلى جوار مسجد الوحدة، ثم رحلنا إلى مستشفى الجلاء وبعدها قصف المستشفى، وجرح الكثير من أسرتى، رحلنا إلى رفح فى خيمة الأمطار تدخلها والبرد يدوخنا، كل طفل غزاوى هو مأساة متحركة متجسدة تصلح فيلما قصيرا.
طفل آخر غزاوى جميل يقول: والله حرام الكذب أنا جعان وعطشان، يقولوا تدخل المساعدات، ولا فيه مساعدات ولا غيره، مفيش أكل فى غزة، كلنا جعانين، حقا يا بنى، الجوع أقسى من قصف الطائرات إنه «بئس الضجيع» كما عبر عنه الرسول «ص».
وقف الطفل يبيع أكياس توابل فاستوقفه المذيع وسأله فقال: لا أحد معه مصارى ليشترى، دفع له المذيع مائتى شيكل مقابل توزيعها مجانا، فإذا بالطفل الغزاوى يقول هذا كثير جدا ويتأبى على أخذهم وبعد إصرار المذيع يأخذهم.
شرعوا فى توزيع الأكياس مجانا، تخطفهم الأطفال والكبار سريعا، بعد التوزيع فوجئ المذيع بالغلام الصغير يقول له: أنا عرفت لماذا بعثك الله إلى، لأن رجلا جاء مع أسرته من غزة بالأمس إلى جوارنا فشجعتنى أمى على إعطائه «ما فيه النصيب» وشعرت أنا وأمى أن الله سيعوضنا، قبله المذيع واحتضنه ثم قبل يده وودعه.
معانٍ كبيرة لا يعرفها إلا العلماء المخلصون الموصولون بالسماء ولكن هذا الغلام الغزاوى النبيل أدركها وحده، أدرك معانى آيات وأحاديث كثيرة يشق سردها فى هذه العجالة، هو عاش مع معنى قوله تعالى «مَّن ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ»، وجه الغلام مبتسم ومتفائل روحه جميلة مثل خلقته.
جريت 5 كم على شط البحر من أجل إدراك أى شىء من المساعدات التى تسقط من الجو، لم أدرك شيئا سوى بعض الأرز الذى اختلط بالرمل ولكنه أفضل من لا شىء، جمعت علبة حلاوة ولكن البراشوت جعلها تختلط بالرمل، ولكنى سعيد لأننى سأعود لإخوتى بأى شىء يطعمهم من ها الجوع، أنا فرحان لأن إخوتى سينامون ببطن مليئة، ورغم كل المآسى إذا بهذا الغلام يشكر كل من أرسل هذه المساعدات روحه جميلة جدا ليس فيها يأس ولا قنوط ولا كراهية لأحد، ورغم أن كل ما جمعه مختلط بالرمل والحصى إلا أنه راضٍ وسعيد.
طفل غزاوى صغير وجميل جدا يضحك ضحكة رائعة صافية وهو يحمل حلة فارغة سأله المذيع لماذا تضحك؟ قال: مشوار على الفاضى، موت أحمر هناك، ورغم أنه عاد خالى الوفاض من الزحام الفظيع.
سيدة جاوزت الثمانين قابلها المذيع وهى تخيط خيمتها فى رفح، ليس فى الخيمة شىء، لا يوجد أحد من أولادها وأحفادها، ليس لى سوى الله.
شاب يعيش فى رفح الغزاوية ذهب بسيارته وجمع عدة أطفال من مهجرى الشمال أركبهم السيارة وذهب بهم إلى محل للملابس واللعب، اشترى لكل واحد منهم زيا كاملا، مع عدة لعب، وحذاء أو شبشب لكل واحد، ثم أخذهم بنفسه وحلق لكل وأحد منهم شعره أو هذبه ثم أعادهم إلى مخيماتهم.
آخر جاء بسيارته يحمل أطباقا كبيرة من الحلويات الشرقية بأنواعها ويقف عند المخيم، يوزع الحلوى على سكان المخيمات فى رفح، ويصر أن يطعم الأطفال بنفسه فى أفواههم ويقبل بعضهم ويعطى الكبار حلوى تكفى أسرة، سكان رفح الأصليين ضربوا نماذج عظيمة فى التكافل الاجتماعى، فتحوا بيوتهم للاجئين، قدموا لهم إنتاج مزارعهم مجانا.
هذا شاب آخر يدس فى يد كل طفل أو رب أسرة مائة شيكل، وكل طفل يأخذها يجرى مسرورا إلى الخيمة ليعطيها لأمه، صور وفيديوهات وقصص تشرح الصدر وتبين أن هذه الأمة فيها الخير الكثير بهذا التكافل العظيم.
فى فيديو رائع أجتمع مئات الأطفال اللاجئين من الشمال إلى رفح الغزاوية حول بعض الشباب الذى يجهز الطعام بطريقة تسعد الأطفال، فالأطفال يصفقون مع كل خطوة من خطوات الطبخ، بل ويشاركون فى وضع التوابل والملح والطماطم والآخرون يصفقون، بهجة كبيرة جدا، وفرحة كبيرة أخرى بعد نضج الطعام ثم يقوم بتوزيعه بنظام محكم، وأحيانا يقبل رأس الطفل وهو يسلمه الطعام، حياة بسيطة فقيرة ولكن الله أنزل الرضا والسكينة عليهم.
وهذا شاب من رفح جمع مجموعة من الأطفال وأعد لهم طعاما جيدا وأجلسهم فى خيمة جميلة وأخذ يشجعهم على الأكل ووضع لكل واحد منهم زجاجة لبن مع الطعام.
أجمل لحظة عند أطفال غزة حينما يرتدى حذاءً معظم أطفال غزة حفاة فى منظر مؤلم، وكذلك حينما يأخذهم بعض الشباب من رفح لارتداء زى جديد.
سلام على أطفال غزة وفلسطين بما صبروا، وتحية لكل فلسطينى.

التعليقات