كنت أظن أن الوقت المتبقى على موعد تسليم السلطة من المجلس العسكرى لسلطة مدنية والمحدد له 30 يونيو المقبل ــ لا يسمح بحلقة جديدة فى سلسلة المذابح التى يتعرض لها المصريون منذ الثورة بدء من موقعة الجمل وحتى مجلس الوزراء، مرورا بمعركة محمد محمود الأولى والثانية وماسبيرو، كنت أظن أن الوقت لم يعد يسمح بشهداء ومصابين جدد، ولما لا فقد دخلت الانتخابات الرئاسية مراحلها الأخيرة ولم يتبق سوى أسابيع معدودة على مولد الجمهورية الثانية، لكن أحداث العباسية الدامية فاجأتنا بأن الثورة مازالت تقدم مزيدا من الشهداء والمصابين، لكن هذه المرة كان الأمر مختلفا، فالأحداث نشبت بالقرب من وزارة الدفاع المنوطة بحماية الأرض والشعب دون أن تحرك ساكنا إلا بعد أن سالت دماء المصريين، وبنفس الآلية المستخدمة فى كل مرة، وهى البلطجية، ورغم أننى أحمل المجلس العسكرى باعتباره القائم بإدارة البلاد مسئولية ما حدث فى العباسية، فأننى لا أعفى طرفا آخر من المسئولية هو الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل الذى لم يتدخل منذ البداية ليقنع أنصاره الذين خرجوا من أجله بالعودة إلى ميدان التحرير أو العودة إلى بيوتهم، فمن غير المقبول أن نعرض البلاد لخطر الفوضى والفتنة بسبب خروج أبوإسماعيل من سباق الترشح للرئاسة لنكرر مرة أخرى مقولة الرئيس المخلوع أنا أو الفوضى.

● وموقعة الجنزورى فى مجلس الشعب ليست بعيدة عن موقعة العباسية فحزب الأغلبية «الإخوان المسلمين» اختصر كل القضايا الملحة المطروحة عليه فى مطلب وحيد هو إسقاط حكومة الجنزورى، وقرر تعليق جلساته، وذلك على الرغم من الإخوان هم الذين ساندوا الجنزورى وقت أن كان الثوار يتظاهرون ضده، ويطالبون برحيله، نعم قد يكون أداء الحكومة لا يتوافق مع مطالب المجلس وقد يكون أقل كثيرا من طموحات الثوار وفئات الشعب، لكن هذه الحكومة لم يتبقَ لها سوى أسابيع معدودة، وإذا استقالت أو أقيلت فسوف يدخل المجلس فى دوامة تشكيل حكومة ائتلافية قد تستغرق الوقت المتبقى على تسليم السلطة، كما قد تؤدى إلى خلافات حول تقسيم الحقائب الوزارية بينهم وبين الكتل المختلفة خاصة السلفيين.

إصرار الإخوان على تشكيل حكومة لن يزيد عمرها على عدة أسابيع ليتم تغييرها مرة أخرى بعد انتخابات الرئاسة يثير الدهشة، فماذا يمكن أن تفعله حكومتهم فى هذه الفترة القصيرة؟ بالتأكيد لن تفعل شيئا لكن فى المقابل قد تشهد البلاد والجهاز الإدارى للدولة مزيدا من الفوضى والسبب ــ كما فى حالة «الشيخ أبوإسماعيل» ذاتى يتمثل فى تولى «الإخوان» السلطة التنفيذية خلال إجراء الانتخابات والسبب قد يكون خشية من تزوير أو طمعا فى دعم مرشحهم والشعب لن يسمح بهذا أو ذاك.