تعميم حالة كاليفورنيا - ديفيد س. برودر - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 10:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تعميم حالة كاليفورنيا

نشر فى : الأربعاء 6 يناير 2010 - 10:40 ص | آخر تحديث : الأربعاء 6 يناير 2010 - 10:40 ص

 استطاع الاقتصاد الأمريكى الصمود فى مواجهة صدمات 2009 بفضل السياسات المختلفة والحظ الجيد. غير أن ما يقلقنى عندما أتطلع إلى المستقبل هو ما يمكن أن نطلق عليه «تعميم حالة كاليفورنيا» على أمريكا ــ أى تنامى توجه النظام السياسى نحو قطع الوعود بأنه ليس مخططا تمويل برامج الإنفاق الاجتماعى عبر زيادة الضرائب.

ويبدو أن مشكلات أمريكا الاقتصادية الأخرى قابلة للحل.. فالاقتصاد يعود إلى نموه الطبيعى، بالرغم من أن المستهلكين يدخرون بشكل متعقل نسبا أكبر من دخولهم. وأصبح الاقتصاد العالمى أكثر توازنا، حيث تفكر الصين أخيرا فى رفع قيمة عملتها. ويدير بنك الاحتياط الفيدرالى عملية التحول من سياسة الأموال السهلة التى سببت الأزمة إلى فرض القيود.

ومن المرجح أن يبدأ الاحتياط الفيدرالى فى تنفيذ السياسة الجديدة فى وقت لاحق من هذا العام.
ومازال معدل البطالة مصرا على الارتفاع، حيث بلغ 10% فى نوفمبر الماضى وهو ما يزيد بمقدار 1.5% مقارنة بتوقعات خبراء الاقتصاد فى الحكومة. غير أن البيت الأبيض يأمل فى أن يكون هذا الانحراف مؤقتا.

ومن أجل التشجيع على زيادة أسرع لفرص العمل، من المرجح أن تطلب الحكومة من الكونجرس حزمة حوافز جديدة، ربما تصل قيمتها إلى 50 مليار دولار، يتم إنفاقها على البنية الأساسية. فهل من الممكن أن يجادل أحد فى جدوى هذا الأمر بعد خطط إنقاذ البنوك الضخمة التى تم تنفيذها؟

ومع ذلك لا يتمثل مصدر القلق هذا العام فى التراجع الاقتصادى، بل فى الاختلال الوظيفى للسياسة. ولعل كاليفورنيا هى المثال الأوضح على ذلك، حيث لم يستطع السياسيون ــ بالرغم من الجهود الحثيثة من جانب الحزبين ــ اتخاذ القرارات التى تجعل الولاية فى وضع مالى سليم.

وتتمثل القضية فى أن القوى السياسية التى تتسبب فى العجز قوية أكثر من اللازم. ذلك أن الحزب الديمقراطى يظل أسيرا لنقابات العاملين فى الوظائف الحكومية، بينما يقع الجمهوريون فى غرام تخفيض الضرائب. وخلال عام 2009، حاول حاكم كاليفورنيا أرنولد شوارزنيجر بقوة تقليص فجوة العجز البالغة 60 مليارا، من خلال إقرار خطة تتضمن تخفيض الإنفاق بمقدار 32 مليارا وفرض ضرائب مؤقتة إضافية مقدارها 12.5 مليارا.

لكن مع نهاية العام، كان مازال أمام شوارزنيجر عجز مجمع قدره 21 مليارا للعامين الماليين الحالى والقادم، وكان يتوسل للحكومة الفيدرالية كى تقر خطة لإنقاذه قيمتها 8 مليارات دولار. وفى الأسبوع الماضى، نقل موقع الأخبار باى إيريا العنوان ذو الدلالة التالى: «دور شوارزنيجر الجديد: المتسول».

ويبدى جون روس، مدير مشروع موازنة كاليفورنيا، أسفه فى تعليق لقناة بلومبرج الإخبارية: «المشكلة أنه لم يعد لدينا حل سهل». وبالرغم من أن شوارزنيجر يتحدث حول جولة جديدة من خفض الميزانية، فإن ما يريده حقا هو أن تقوم الحكومة الفيدرالية بإنقاذه. ولا يمكننى سوى أن أرى كاليفورنيا باعتبارها إيه أى جى جديدة ـ تنفق بإسراف فى طريقها للصعود، ثم تمد يدها إلى واشنطن طلبا للمعونة عندما تنفجر الفقاعة.

لكن كاليفورنيا ليست الولاية الوحيدة التى تعانى من صعوبات مالية. ذلك أن معظم الولايات مازالت تسعى للتعافى من آثار الركود. والأكثر من ذلك، تعانى هذه الولايات من العجز المزمن عن مقاومة الدافع لإنفاق مبالغ كبيرة وفرض ضرائب محدودة.

فعلى سبيل المثال، أنهت ولاية ويسكونسن عام 2009 بعجز قدره 2.7 مليارات، بالرغم من أنه كان من المطلوب فعليا أن تحقق الولاية توازنا فى الميزانية. ومنذ 1999 حتى الآن، تزايد عجز موازنة ويسكونسن فى جميع الأعوام عدا واحد. ووفقا لمقال لتود بيرى، خبير الموازنة من ماديسون، يبلغ نصيب الفرد من العجز فى الولاية أربعة أضعاف نظيره فى كاليفورنيا.
وتريد العديد من حكومات الولايات تلقى برامج إنقاذ ممولة من جانب الحكومة الفيدرالية، بغية تجنب آثار الإفراط فى الإنفاق.

إنها مثل تقليدى لما يطلق عليه الاقتصاديون «الخطر الأخلاقى» ــ حيث إن خطط الإنقاذ سوف تسمح باستمرار النهج غير المسئول، بدلا من أن تجبره على التوقف. ويقول أحد الاقتصاديين البارزين إنه لو كانت هذه الولايات دولا، ما كان لصندوق النقد الدولى أن يقدم لها المعونة إلا بشروط تتضمن فرض وسائل للضبط المالى.

إذن هل ستصبح واشنطن مثل كاليفورنيا؟ قد يقول البعض إن ذلك قد حدث بالفعل، فى ظل الكارثة المالية التى حجبتها قدرة الحكومة الفيدرالية على بيع ديونها الضخمة بثمن بخس، وطبع نقود من أجل دفع فواتيرها. ويمكنك أن ترى فى واشنطن الاختلال الوظيفى للسياسة نفسه الموجود على مستوى الولايات حيث يفوز الديمقراطيون فى الانتخابات لأنهم يقدمون الخدمات، بينما يفوز الجمهوريون لأنهم يقدمون خفضا ضريبيا.

وسوف يكون قانون الرعاية الصحية هو القضية الفاصلة هذا العام فيما يتعلق بتعميم حالة كاليفورنيا على أمريكا. ذلك أن الديمقراطيين يرغبون فى توفير حق الرعاية الصحية التى تشمل الجميع، لكن البلاد يجب أن تدفع نظير ذلك. وفى الواقع، يجب تخفيض التكلفة التى تتحملها الحكومة مقابل تقديم خدمة الرعاية الصحية، حتى لا يصبح دفع هذه الفاتورة عبئا اقتصاديا هائلا.

يجب أن نحكم على أوباما والكونجرس هذا العام بناء على مدى دفع ثمن الوعود التى قطعاها والقيام بإصلاح حقيقى يتضمن تقليل التكاليف، لا كيس حلوى سياسيا آخر.

ديفيد س. برودر كاتب في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية
التعليقات